الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تمسك الأب ببقاء ابنته في مدينته ورفض خطيبها المقيم في مدينة أخرى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله..

منذ عامين كنت مع أسرتي في رحلة، وتعرفت أختي هناك على صديقة جديدة من مدينة غير مدينتنا، وبالحديث معها وجدتها إنسانة ذات خلق ودين، وأيضاً ثقافة ووعي، الحقيقة أنها بهرتني ووجدتني أفكر بها كزوجة لي، بالرغم من أني كنت مقبل على السنة النهائية بكلية الهندسة، ولم أكن أفكر في موضوع مثل الخطبة على الإطلاق، لم أتسرع في أي شيء، فقط عدت إلى مدينتي، وأنا أنتظر أول اتصال بينها وبين أختي لأطمئن عليها أو لأعلم المزيد عنها من أختي، ولما كان طلبت من أختي أن تسألها عن بريدها الإلكتروني واستأذنتها أن أراسلها عليه، فكان، وبعلم الأسرتين تحدثنا عن أمور كثيرة، حرصنا أن يتعرف كل طرف على الآخر جيداً، تلا ذلك زيارتهم لمدينتنا كرحلة فدعوناهم إلى بيتنا، وحدث العكس بعدها فدعونا إلى بيتهم وظننت أن الأمور ميسرة.

تخرجت بفضل الله والتحقت بعمل مؤقت، وفوراً فاتحت والدي في رغبتي في خطبتها، رحب والدي بالأمر وذهبنا، ففوجئت بوالدها يسألني عن مكان إقامتنا، فقلت له في محل عملي طبعاً أو مدينتي، فأخبرني عن مشروع قد أعده لابنته كي يؤمن مستقبلها مادياً في مدينتها، وأنه لا يستطيع أن يبيع المضمون الذي هو المشروع في مقابل المجهول الذي هو مستقبلي، وهذا نص كلامه، كانوا حريصين على استقبالنا بحفاوة، ووداعنا بحفاوة أكبر، حتى أنهم اتصلوا بنا ونحن على طريق العودة ليطمئنوا علينا، وحرص والدها على تكرار حبه لي ولأسرتي، إلا أن هذا الأمر لا يمكنه التنازل عنه، فهذه ظروفه، فكنت إما أن أوافق على العيش في مدينتهم والتي هي أكبر من مدينتي فعلاً، ونظرياً فرص العمل بها أفضل، أو أتمسك بموقفي وهو العيش مع أهلي في مدينة واحدة وأنا ابنهم الوحيد، فكان ردي: (الذي فيه الخير سيأتي به ربنا) فأخبرني ألا أتعجل وأن آخذ وقتي في التفكير شهر شهران ثلاثة (أنا ما سأتزوجها بكرة) مازحاً هذا كان كلامه.

والآن مرت ثمانية أشهر علي هذا الموقف، وكنت قد قررت تأجيل ردي حتى أستقر مهنياً، وقد كان بفضل الله، ومنذ شهرين التحقت كمهندس في شركة كبيرة وفي مدينتي، وانتظرت حتى أنهت امتحاناتها، وأفكر الآن بزيارة والدها بمفردي وخارج البيت؛ لأني ينتابني شعور بأنه بعيداً عن أسبابه التي فندتها له منطقياً من أن المشروع يمكن أن يدار بدونها، وحقها محفوظ لديه، أشك أنه لا يريدها أن تبعد عنه، ويخشى أن يخبرها بذلك، لذلك فهو يختلق الأسباب، وهذا استنتجته لما أرسلت بريداً إلكترونياً لها طلبت منها أن تفاتح والدها بأني قد التحقت بالعمل في شركتي الجديدة، وأني أود زيارتهم مرةً أخرى، فأخبرها أننا لم نسأل عنهم منذ ذلك اليوم وأننا غير باقين على العشرة، فلما انفعلت البنت أغلق معها النقاش.

وطبعاً شخص في مكاني لم يكن عليه أو على أحد من أسرته أن يتصل اتصالاً عادياً قبل إنهاء هذا الموضوع، وهذا ما أحاوله الآن، أنا أفكر بمقابلة والدها فأقنعه بي أو لا يقتنع فينتهي الأمر، أو أن تحدث البنت والدتها للتدخل لدى والدها، ولكني لا أريد زواجاً غير مبني على اقتناع جميع الأطراف، وهل ظني أن والدها يختلق الأسباب في محله أم أن ظروفي فعلاً لم تكن مناسبة؟ هي تراني مناسباً، وأنا أراها كذلك، وقد استخرنا الله، ولا نفعل سوى استنفاذ الأسباب، والذي فيه الخير يقدمه ربنا.

أنا بحاجة لرأيكم، الموضوع كثير التفاصيل فعذراً على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل المهندس/ H .. حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يوفقك إلى كل خير، وأن ييسر لك الخير حيثما كان، وأن يرزقك الرضا به، وأن يشرح صدر هذا الرجل لكلامك، وأن يتم مشروعك هذا على خير، إنه جوادٌ كريم .

وبخصوص ما ورد بسؤالك: فأنا أؤيد وجهة نظرك في ضرورة الذهاب إليه، ومواجهته بنفسك شخصياً، ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء تمسكه ببقاء ابنته معه، وشرح وجهه نظرك وظروفك كلها بأمانة، وبعد ذلك تقرر أنت ما يتناسب مع ظروفك، وإذا كان يمكنك أن تتنازل عن بعض شروطك وإلى أي حد يمكنك أن تتنازل، وهل يمكن أن تقيم معهم بمدينتهم وتترك أهلك؟ وهل هذا الأمر وارد أصلاً أم لا؟ وهل لو عرضت الأمر على والديك فماذا سيكون جوابهم؟

قابل الرجل وناقشه بهدوء، واستعن عليه بالله مقلب القلوب، وصل ركعتي الاستخارة قبل توجهك إليه، وأكثر من الدعاء أن يشرح الله صدره لكلامك، وتمسك بهدوء أعصابك إلى أبعد حد؛ لاحتمال أنه يختبر أخلاقك، وأكثر من قولك: اللهم أقدر لي الخير حيثما كان ثم رضني به، وقولك: اللهم يا مدبر كل أمر عسير دبر لي فإني لا أحسن التدبير، واسأل والدتك أن تدعمك بالدعاء؛ لأن دعاءها لا يرد، وأفصل في الموضوع في أقرب وقت ما دامت الفرصة مناسبة وكل شيء متاح، وبعد ذلك، ما يقع فهو ما يريده الله، فارض بما قسمه الله لك سواءً أكانت هذه الأخت أم غيرها؛ لاحتمال أنها ليست من نصيبك، فلا تضيع وقتك معهم، ونسأله تعالى أن ييسرها لك، وأن يجعلها من نصيبك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً