الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغضب وتفضيل الانعزال .. المشكلة والعلاج.

السؤال

السلام عليكم..

لدي أخ غريب الأطوار، حينما يغضب من أحد بشيء تافه جداً يغضب منه وينعزل بمفرده.

أود أن أستشيركم هل هو مرض أم ماذا؟
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن هذا الأخ لديه أمران هامان: لديه القابلية للغضب، ولديه تفضيل الانعزال حين تأتيه هذه النوبات من الغضب.

أولاً: الغضب في كثير من الأحيان يكون مرتبطاً باضطراب في الشخصية، وفي بعض الحالات يكون ناتجاً من انفعالات واندفاعات داخلية غير مبررة، كما أن الكتمان للأمور البسيطة وعدم التعبير عن الذات قد يؤدي إلى الغضب، وحقيقة هذا الأخ يُنصح أولاً بأن يعالج هذا الغضب، ولا شك أن ما ورد في السنة المطهرة من علاج نبوي للغضب يعتبر هو العلاج الأمثل.

فعلى الإنسان أولاً أن يغير من مفاهيمه وألا يغضب، وقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الناس: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، وقد ورد في الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
والإنسان حين يتذكر هذه الحكمة النبوية العظيمة يجعله يدرك أنه يمكن أن يتحكم في نفسه عند الغضب، وعليه أن يتعلم من الناحية النفسية أنه من الضروري أن يتذكر أنه إذا غضب شخص ما في وجهه فلن يكون ذلك مقبولاً لديه، فعليه إذن ألا يغضب في وجوه الآخرين، فعليه دائماً أن يتذكر ذلك.

وعليه أن يتذكر أن: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وعليه أن يتذكر أن الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، ولا يطفئ النار إلا الماء، فعليه إذا وجد من نفسه أنه سوف يغضب أن يتوضأ أو يغير من وضعه الذي عليه، فإذا كان جالساً فليقم، وإذا كان واقفاً فليجس أو ليخرج، وهكذا.

وعليك أن تساعد هذا الأخ - أخي الكريم – وتذكره بهذه المبادئ العلاجية الضرورية.

وعلى هذا الأخ أيضاً أن يعبر عن نفسه ولا يكتم، خاصة الأشياء التي يجد أنها غير مقبولة لديه، فعليه أن يعبر عن نفسه أولاً بأول؛ لأن ذلك فيه نوع من التفريغ النفسي الذي يزيل الغضب.

أيضاً قد وجد أن ممارسة الرياضة تساعد في التقليل من الغضب، فعليه أن يمارس أي نوع من الرياضة كرياضة المشي أو الجري، أو أي رياضة أخرى..

هنالك بعض الأدوية البسيطة التي هي في الأصل معالجة للقلق، وجد أنها أيضاً تقلل من التوتر والغضب، أحد هذه الأدوية عقار بسيط جدّاً يعرف تجارياً وعلمياً باسم (موتيفال Motival) يمكن لهذا الأخ أن يتناوله بجرعة حبة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم يمكنه أن يتناوله بعد ذلك عند اللزوم متى ما تطلبت حالته ذلك.

أما بالنسبة لانعزاله عن الآخرين وتفضيله لأن يكون لوحده بعد نوبات الغضب، فإن هذا ربما يكون نوعاً من التفاعل النفسي الذي نتج من الشعور بالذنب، وربما يكون أيضاً ناتجاً من شعوره أنه لا يود أن يخطئ في حق الآخرين، وهذا يحدث لبعض الناس، وهنالك بعض الناس يحسون بإجهاد نفسي وجسدي بعد فورات الغضب، وهذا بالطبع يؤدي إلى فقدان الطاقات النفسية والجسدية، مما يحتم على المرء أن يبتعد عن الآخرين.

هذا الانعزال في رأيي ليس قضية أساسية، وربما يكون أمراً طيباً حتى لا يقوم بالإضرار بنفسه أو بالآخرين، ولكن في رأيي الأمر الضروري هو أن نساعد هذا الأخ في معالجة الغضب في حد ذاته، فعليك أن تساعده في ذلك، وذلك باتباع الإرشادات التي أوردناها في صدر هذه الرسالة.

أود أن أتقدم لك بخالص الشكر والتقدير لاهتمامك بأمر هذا الأخ، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى لنا ولكم العافية والمعافاة والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً