الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى حق المرأة في رفض الخاطب بسبب السكن في بيت أهله

السؤال

هل رفض الزواج بسبب أن السكن في بيت العائلة للزوج يعتبر بطراً؟ وهل تمني زوج ذي مكانة يعتبر بطراً على الحياة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رضوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وترزقين منه بذرية صالحة تسعد بها الإنسانية ويرفعون راية الإسلام.

وبخصوص ما ورد برسالتك فإن الله تبارك وتعالى قد أعطى للمرأة حقوقاً، هذه الحقوق كفلها لها الشرع الحكيم وبيَّنها مولانا تبارك وتعالى في القرآن الكريم وفي سنة نبينا محمدٍ - عليه صلوات ربي وسلامه -، والزواج قائم على عنصرين أساسيين ألا وهما: (الإيجاب والقبول)، فمن حق الفتاة المسلمة أن تقبل ما يوافق الشروط التي وضعتها إذا كانت الشروط معقولة وليست تعسفية أو ليست غير واقعية، فهل من حق الفتاة أن ترفض الزواج بسبب السكن في بيت العائلة؟

نعم من حقها ذلك، فمن حقها أن تقول: (أنا لا أريد إلا زوجاً يعيش حياة مستقلة حتى لا يتدخل في حياتي أحد، وحتى آخذ راحتي في بيتي، وحتى لا أكون محتكة احتكاكاً مباشرا مع أناس قد لا أستطيع التفاهم معهم أو لا يستطيعون التفاهم معي) فهذا من حقك، ومن حق أي فتاة أن تضع هذا الشرط، وبالتالي من حق أي فتاة ترفض من يتقدم لها يكون يعيش في بيت عائلة.

ولكن أحياناً قد يكون هذا الزوج لديه القدرة على أن يقيم الحياة بطريقة صحيحة في بيت العائلة، وقد تكون عائلته عائلة متفاهمة وعائلة مثقفة وواعية مدركة لحقوق زوجة ابنهم، فهم في هذه الحالة لا يتدخلون في حياتكم ولا يقيدون حريتكم، كأن تكوني أنت في شقة وهم في شقة مثلاً مجاورة أو أمامكم أو تكونوا في نفس عمارة واحدة؛ لأنه من الصعب الآن أن يوجد سكن في مصر يحوي أكثر من أسرة، فإن غالب الناس يسكنون في شقق، والشقة عادة لا تستوعب ولا تكفي أكثر من أسرة، فإذن غالباً سيكون مثلاً هناك نوع من التجاور أو نوع من التقابل وهذا أمر من الممكن.

فمن حق أي فتاة أن ترفض نعم، ولكن ينبغي عليها أن تدرس الظروف الخاصة بكل زوج على حدة، خاصة إذا تقدم بها السن، فالأخت كلما تقدم بها السن كلما دخلت في مرحلة حرجة، فهذا الكلام قد يكون مقبولاً إذا كانت في سن صغيرة وما زالت أمامها فرصة أن تتخير، أما إذا كانت في سن متقدمة فالأولى بها أن تراعي هذا الجانب، ولكن أقول: هل من حقها؟ نعم من حقها أن تقول: (أنا لا أستطيع أن أعيش مع عائلة وإنما أنا أريد أن أكون في بيت وحدي حتى آخذ حريتي وحتى أسعد بحياتي وحتى أستطيع أن أُمتع نفسي بزوجي وزوجي بي، هذا كله من حقها).

ولكن كما ذكرتُ لابد من مراعاة الظروف التي تحيط بالأخت، فقد يكون ظروفها الاقتصادية صعبة، أو قد تكون ظروفها الاجتماعية صعبة، فقد يكون بيت زوجها في وجود عائلته أفضل من بيتها مع أبيها وأمها، وهذا كثير جدّاً، فبعض الأخوات يتزوجن فترى في أبي الزوج وفي أمه عوضاً عن أمها وأبيها، وقد ترى فيهم من الرحمة والمودة والشفقة ما لا تجده مثلاً في بيتها الأصلي.

ولذلك أقول: إذا قلنا من الحق أقول نعم، ولكن لابد من دراسة حالة الأخت نفسها ومن دراسة حالة الأخ على حدة وظروف بيئته وأسرته وتركيبتهم وثقافتهم ووعيهم، فإن وجدنا أنهم تقليديين وأنهم قد يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة وأن هذه طبيعتهم فلنا أن نعتذر له، أما إن وجدنا أن الأمر على خلاف ذلك فلا مانع.

كذلك أيضاً مسألة تمني زوج ذي مكانة هل هذا يعتبر بطرا على الحياة؟ .. هذا لا يعتبر بطراً، فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بقوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، فمن حقك أن تحرصي على ما ينفعك وما يعود عليك بالنفع، إلا أن المكانة وحدها لا تكفي - أختي الكريمة رضوى – فكم من أناس في أعلى السلم الوظيفي وكم من أناس لديهم من الثراء الكثير والكثير إلا أنهم لا يحسنون التعامل مع المرأة ويرون الزوجة هذه عبارة عن قطعة أثاث في داخل المنزل، لا كلمة لها ولا رأي ولا يُعتد بقولها ولا يقام لها أي وزن، وإنما هي فقط عبارة عن دورة مياه – أجلك الله – لقضاء الحاجة فقط؛ لأن هؤلاء قد يكون لديهم بعض الكبر وبعض الغرور، بل قد تكون لهم علاقات محرمة كثيرة، فلا يرون الزوجة شيئاً في حياتهم.

إذن: لابد مع المكانة الاجتماعية أو المكانة الاقتصادية وجود الدين؛ لأن الدين هو العاصم، فالرجل المتدين إذا أحب زوجته أكرمها غاية الإكرام وأحسن إليها غاية الإحسان، وإن كرهها لم يظلمها، ويعاملها بالمعروف؛ لأنه يرى أن الله تعالى قد وضع ضوابط للتعامل مع الزوجة، فهو يحرص على ألا يخالف أمر الله - تبارك وتعالى -.

فلا مانع من تمني زوج ذي مكانة على أن يكون صاحب دين؛ لأن الدين هو الذي تستفيدين منه الأمن والأمان والاستقرار.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بزوج صالح مبارك ذي مكانة مرموقة وعلى قدر كبير من الديانة والصلاح والاستقامة.
هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً