الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاختلاط بين الرجال والنساء في الرحلات

السؤال

متزوج جديد، ولي أصدقاء متزوجون جدد، ويخرجون إلى البر معاً مختلطين!
وأنا أحرج وأكره الخروج معهم بسبب الاختلاط فلا أحب أن أرى نساء غيري، ولا أن يرى أحد من الرجال زوجتي.

عندما أخرج معهم أنا وزوجتي أطلب فصل النساء عن الرجال بمسافة بعيدة (10 - 20 متر). وفي آخر مرة أحسست من أصدقائي الانزعاج لهذا وبقولهم لي: أنت لا تأمنا نحن مثل الإخوة، فما الحل؟ لا أريد خصامهم ولا أريد مجاراتهم على عاداتهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك حياءً وغيرة على عرضك وأعراض المسلمين والمسلمات.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل - من أنك تخرج مع أصدقائك الذين قد تزوجوا حديثاً مثلك إلى البر وتختلط معهم، ولكنك تتحرج من الخروج معهم بسبب الاختلاط، فأنا أرى أنك على الحق، وأنك ينبغي عليك ألا تبيع مبادئك وقيمك من أجل ترضية الناس أو من أجل الاستمتاع لمدة ساعة أو ساعتين أو غير ذلك، وإنما أرى فعلاً أن ما أنت عليه صواب، وأنه ينبغي أن يفصل النساء عن الرجال لمسافة لا نسمع فيها صوت النساء إلا بعيداً، ولا يستطيع الإنسان أن يميز بأن هذه زوجة فلان أو فلان..

لأن هذا الاختلاط له مساوئه الكبيرة حقّاً، فإن الأخ قد ينظر فيرى في امرأة أخيه ما ليس في امرأته، بل قد يعلو صوتها وقد يتكلم معها أحياناً مما قد يجعله تقع في قلبه أو يقع في قلبها، ولذلك عندما نهى الإسلام عن الاختلاط لم ينه عنه من فراغ؛ لأن الله - تبارك وتعالى - يعلم، ولذلك قال سبحانه وتعالى لنا جميعاً كمسلمين بل لأصحاب النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام -: ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ))[الأحزاب:53]، هذا الكلام قيل لخيرة الخلق، بأنه لابد أن يكون هناك فاصل بين الرجال والنساء.

وقال الله - تبارك وتعالى -: ((فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ))[الأحزاب:32] أيضاً هذا الكلام قد يحدث، قد تكون نفوس العموم بريئة ولكن لا يمنع أن هناك نفوساً أيضاً فيها بعض الضعف وقد يتلذذ بسماع امرأة غيره، وقد يحاول أن يتلصص عليها، فليس الناس كلهم سواء، ولذلك ما تفعله أنت حق وما تفعله أنت صواب، وأنت على الحق - بإذن الله تعالى – وقل لهم: (إذا أردتم أن أخرج معكم فلابد من مسافة بعيدة بيننا وبين نسائكم؛ لأن هذا الكلام ينطبق عليَّ وعليكم، أنا لا أقول تبتعد امرأتي وحدها، وإنما كل النساء يكونون بعيداً عنا ونحن أيضاً بعيدون عنهنَّ نتكلم براحتنا نضحك براحتنا نمزح بطريقتنا، والنساء كذلك يأخذن راحتهنَّ في الكلام والسوالف والضحك؛ لأنهنَّ في حاجة إلى الترويح عن أنفسهنَّ، كما أننا في حاجة إلى ذلك، أما الاختلاط فإنه لا يجوز).

ولذلك أتمنى – بارك الله فيك – أن تصر على موقفك، وليس هذه مسألة مخاصمة وليست مسألة قطيعة، وإنما هذا هو الحق - أخي الكريم أحمد – وأنت مطالب بذلك - بارك الله فيك – فقل لهم: (يا إخواني إنكم تعلمون أن الشرع قد نهى عن هذا الاختلاط وأنا لا أريد حقيقة أن نقع في حرج شرعي ونحن ولله الحمد على قدر من الالتزام، وأخواتنا يجلسن بعيداً عنا على بعد خمسة عشر أو عشرين متراً، ونحن نجلس براحتنا وهن براحتهنَّ أيضاً، وهذا جائز لا حرج فيه شرعاً - بإذن الله تعالى -). إن قبلوا - بارك الله فيك – هذا الكلام وخرجوا معك فتوكل على الله، وإذا لم يخرجوا معك - وبعد التكرار في النصح والأساليب المتنوعة شرعا - فاخرج أنت بزوجتك وثق وتأكد من أن الله سيعوضك خيراً منهم - بإذن الله تعالى - .
أسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وفي أهلك وأن يرزقك الغيرة على عرضك، وعلى دينك وأن يرزقك غيرة على أعراض المسلمين، وأن يجعلنا وإياك من أهل الحياء الذي هو منزلة من منازل أهل الجنة.
هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً