الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي رائع لكنه يتكاسل ولا يحافظ على صلواته!

السؤال

زوجي لا يحافظ على الصلوات في الجماعة، وهو يعمل نظام مناوبات، ويرجع من العمل متعبا، خاصة أن عمله في دولة مجاورة، وهو يصلي بعض الصلوات ويتساهل في بعضها، وقد حاولت نصحه كثيراً وفي كل مرة يعدني بالمحاولة الجادة في الالتزام وأرى صدق النية، لكنه يتكاسل ويغلبه النوم، خاصة لصلاة الفجر.

علماً بأن فيه الكثير من الصفات الحسنة التي تتمناها كل زوجة، لكني أخاف الله ولا أريد أن أكون سبباً في تخاذله عن الصلوات، فماذا أفعل معه لكي يبارك الله لنا في أبنائنا ورزقنا؟!

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله أن يجزيك عن زوجك وعن الإسلام والمسلمين خيراً، وأن يبارك لك فيه وأن يبارك له فيك، وأن يجعلكما من صالح المؤمنين، وأن يكرمكما في أنفسكما وفي أولادكما، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يشرح صدر زوجك للمحافظة على الصلاة وطاعة الله تعالى، وأن يوفقه للانتظام وعدم التكاسل عنها.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله يقول: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))[التغابن:16]، ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)، فأنت ليس عليك إلا الدعوة والدعاء، واجتهدي في المحافظة على ما أنت عليه من التذكير بالصلاة والنصح المستمر برفق ولين، واختيار الأوقات المناسبة.

وهناك أمر آخر وهو الدعاء له بظهر الغيب، فما دام بعيداً عنك خاصة في أوقات الصلوات المكتوبات أو عقب الصلوات المكتوبات فاجتهدي في الدعاء له في كل الأوقات التي هي مظنة الإجابة أن يشرح الله صدره للمحافظة على الصلاة، وأن يعينه على أدائها في وقتها.

وهو قطعاً مقصر ولكنه بلا شك أفضل من غيره، فهو أفضل ممن يترك الصلاة بالكلية ويجعل حياته على خطر عظيم، ولكنه يحتاج إلى تذكيرٍ ونُصح مستمر ودائم وإلى دعوة ودعاء، لاحتمال أن ظروف عمله وبُعد مكان العمل عن البيت تجعله يتكاسل، ولكن حتى هذا الأمر ليس حجة على الله تبارك وتعالى، فإن الله ما خلقنا لنعمل للدنيا وإنما خلقنا لعبادته وحده سبحانه، وجعل الدنيا دار عمل، وجعلها بيده سبحانه وتعالى يعطيها من يشاء ويمنعها من يشاء، ولذلك قال سبحانه: (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[آل عمران:26]، فالدنيا ليست هي المقصد أو الغاية للمسلم أبداً، وإنما هي مزرعة للآخرة، وقد خلقنا الله لعبادته فقال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56].

فاجتهدي في دعوته، واستمري في نصحه، ولكن برفق ولين واختيار الأوقات المناسبة لتوجيه الدعوة، وعليك بهذا السلاح الرائع العظيم وهو سلاح الدعاء الذي استعمله الرسل والأنبياء، فحققوا به إنجازات لم تتكرر في تاريخ البشرية، نسأل الله تعالى أن يصلح لك زوجك، وأن يصلح ما بينكما، وأن يعينه على طاعته ورضاه، وأن يجعلك عوناً له على ذلك، وأن لا يحرمك الأجر والمثوبة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً