الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الحزن والكآبة والكدر

السؤال

أعاني من اكتئاب شديد، وهذا المرض بدأ من زمن المراهقة، وكنت كثير الاستمناء، والآن أنا أعيش في جو مليء بالأحزان والكآبة، حيث لا أحس بنفسي، أشعر بانهيار عصبي تام عندما أقوم بأي شيء، لا أستلذ ولا أفرح بهذا العمل الذي قمت به، والآن أستعمل الأدوية التالية: (فلووكسامين 50 ملغ) (نورتريبتيلين 25 ملغ) (مينوهالوبريدول 5 ملغ) (سرترازين 50 ملغ) فأرجو المساعدة، لأني لا أحس بالدنيا ولا أحس بنفسي، فأرجو من الله، ثم منكم المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سرمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونحن سعداء أن نتلقى رسالتك هذه، ونود أن نهنئك بقدوم شهر رمضان الفضيل، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك ومن جميع المسلمين الصيام والقيام وصالح الأعمال.

أنت تتناول كمية من الأدوية، ولا أرى أن هذه هي الطريقة الجيدة للتداوي من الاكتئاب، مع احترامي الشديد لمن وصف لك هذه الأدوية -إن كانت موصوفة بواسطة طبيب- لأن هذا ليس هو المنهج الصحيح، فأنت تتناول ثلاثة أدوية مضادة للاكتئاب، ودواء آخر مضاداً للقلق، ولا نعتقد أن هذه الأدوية سوف تفيدك بهذه الطريقة، المنهج العلمي الصحيح في العلاج الدوائي هو أن يتناول الإنسان دواء واحداً أو اثنين في أصعب الحالات، والمهم والضروري هو تناول الدواء بجرعة صحيحة وللمدة الصحيحة.

أنا حقيقة أقول أنه من الأفضل لك أن تناقش أمر استعمالك لهذه الأدوية مع الطبيب المعالج، وإذا كنت أنت قد تناولت هذه الأدوية باجتهاد منك فأنا أقول لك: توقف عن (الفلوفكسامين)، وتوقف عن (النورتربيتيلين)، وارفع جرعة (السيرترالين) – والذي يعرف تجارياً باسم (زولفت) أو (لسترال) – إلى مائة مليجرام يومياً، سوف تكون هذه جرعة علاجية جيدة، ولا مانع من الاستمرار على جرعة (الهلوبريادول)، وهي نصف مليجرام في اليوم.

أما إذا أردت أن تنتقل لمجموعة جديدة من الأدوية فأنا أرى أن نوعية الاكتئاب الذي تعاني منه ربما يستجيب بصورة أفضل للدواء المعروف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) والذي يسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وفي هذه الحالة عليك بالتوقف عن كل الأدوية التي تتناولها وتبدأ في تناول (البروزاك) بجرعة عشرين مليجراماً يومياً، ويفضل تناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراماً – واستمر عليها لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى ستين مليجراماً في اليوم – أي ثلاث كبسولات – تناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلاً، واستمر على هذه الجرعة لمدة تسعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى أربعين مليجراماً في اليوم، واستمر عليها لمدة عام كامل، ثم إلى كبسولة واحدة في اليوم، واستمر عليها لمدة عام، بعد ذلك يمكن أن تتوقف عن تناول الدواء، وهذا هو المنهج العلاجي الصحيح، أما الأدوية بالطريقة التي تتناولها سوف تتفاعل مع بعضها البعض بصورة سلبية جدّاً، ونعرف أن هذه الأدوية قد تأكل بعضها البعض إذا جاز التعبير.

بقي أن أقول لك أن الاكتئاب النفسي يمكن أن يتغلب عليه الإنسان، والاكتئاب النفسي يتحين فرص التفكير السلبي لدى الشخص المصاب بهذا الاكتئاب، وحين يفكر الإنسان سلبياً سوف تزداد وطأة المرض، ولذا أنا أدعوك إلى التفكير الإيجابي، ونعني بذلك أن تلاحظ الأشياء التي أنجزتها في حياتك حتى وإن كانت بسيطة، يجب أن تحس بقيمتها وبطعمها وتحاول أن تضخمها وتجسدها؛ لأن ذلك يساعدك كثيراً، وفي نفس الوقت حاول أن تنظر إلى السلبيات بشيء من التجاهل والتحقير، وحتى ما تعتبره إخفاقاً في الماضي يجب أن تنظر إليه كتجارب وعبر يُستفاد منها لبناء الحاضر والمستقبل.

وعليك أن تُكثر من الدعاء، وتلح في الدعاء، وأنت موقن بالإجابة، وسل الله أن يرفع عنك الكرب والكدر والهم والغم والحزن، وعليك أيضاً أن تكون فعالاً في حياتك، كن مثابراً في عملك، مواظباً عليه، ويجب أن تحس بالمتعة في عملك وتحس بالرضا فيما تقدمه.

سيكون من الجميل جدّاً أن تمارس الرياضة أيضاً – أي نوع من الرياضة – مثل كرة القدم وكرة السلة، هذه كلها وُجدت أنها مفيدة جدّاً، والمشي يعتبر من الرياضات السهلة والمفيدة جدّاً، فأرجو أن تركز على هذا الجانب، وعليك أيضاً بالتواصل الاجتماعي، وسّع من شبكة تواصلك مع الآخرين، وحاول أن تبني علاقات خاصة مع الصالحين والملتزمين؛ لأن القدوة الحسنة تساعد كثيراً على تفريج الهموم والكروب.

بالنسبة لممارستك للاستمناء فيما مضى، نسأل الله تعالى أن يغفر لك هذا الذي كنت تقوم به، وأتمنى أن تكون قد تبت توبة نصوحاً، واعلم وتذكر أن الاستمناء مهلك للصحة النفسية والجسدية والجنسية، ويُعرف تماماً أنه يؤدي إلى الشعور بالحزن والكآبة وكذلك الشعور بالذنب، فحرر نفسك من هذا الأمر تماماً، وأسأل الله لك الثبات والعافية والشفاء.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً