الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق الحاد وأعراضه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي خوف وتوتر وصداع في نصف الرأس بين الحواجب، وألم في الصدر في النصف الأيسر ويدي اليسرى وأحس أني سأموت، وأشعر أن قلبي سيتوقف، علماً بأني أجريت فحصاً على القلب، ولا يوجد شيء -والحمد لله-.

أتمنى الحل لأني تعبت والحالة صار لها 4 أو 5 أشهر وأنا أعاني، وكل يوم أذهب لمستشفى، وعملت سونارا على القلب ـ والحمد لله ـ لا يوجد شيء ولكن عندي الألم في الصدر، والدوخة والخوف والتوتر.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب..

فكما تلاحظ أن الأعراض لديك تنقسم إلى قسمين: هنالك القسم النفسي وهو الخوف والتوتر، وهنالك الجانب أو القسم العضوي وهو شعورك بالصداع في منتصف الرأس بين الحاجبين، وكذلك الألم في الصدر واليد اليسرى، والشعور بأنك سوف تموت هو شعور نفسي أكثر من أنه شعور عضوي، أما إحساسك بأن قلبك سوف يتوقف هو بالطبع عرض من الأعراض العضوية.

أؤكد لك أن حالتك واضحة جدّاً وبسيطة جدّاً ولم تكن هناك حاجة حقيقة لذهابك إلى مستشفيات كثيرة وإجراء فحوصات متعددة، ولكن لك العذر لأني أعرف أن هذه الأعراض مزعجة جدّاً بالرغم من أنها ليست خطيرة.

حالتك هي نوع من أنواع القلق الحاد والذي يُسمى بنوبات الهرع أو نوبات الهلع، وهو كما ذكرت لك نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، فالآلام التي تحس بها هي التي تنتج من انقباضات عضلية، وهذه الانقباضات وهذا الشد العضلي هو في الأصل يرجع إلى التوتر النفسي الداخلي، بمعنى آخر أن التوتر النفسي قد تحول إلى توتر عضلي.

وتتمركز الآلام حول الصدر وفي منطقة القلب واليد اليسرى لدى الكثير من الناس، وذلك نسبة لأن الحديث قد كثر حول الذبحات القلبية والوفيات المفاجئة الناتجة من أمراض القلب وهكذا، فيتكون لدى المرء الإحساس في العقل الباطني بأن هذه الأعراض منشأها مرض في القلب والحقيقة ليست كذلك، إنما هي حالة نفسية وبالرغم من إزعاجها نعتبرها من الحالات البسيطة.

الذي أرجوه منك هو ألا تتردد على المستشفيات، وأنت ـ الحمد لله ـ قمت بإجراء الفحوصات الكاملة وكلها كانت سليمة حسب ما كان متوقعاً.

يوجد علاج دوائي ممتاز جدّاً لحالتك، وسوف أصف لك الأدوية المطلوبة وأرجو أن تبدأ في تناولها، الدواء الأول وهو الدواء الأساسي يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً - يفضل تناوله بعد الأكل – واستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلاً واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام ليلاً واستمر عليها لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الفعالة والسليمة وغير الإدمانية، وعليك الالتزام القاطع بتناول الجرعة في وقتها.

هنالك دواء آخر إضافي ونعتبره علاجاً مساعداً وليس أساسياً، ولكنه مفيد جدّاً، العقار يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) صباحاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه الأدوية التي ذكرتها لك هي خط العلاج الأساسي لهذه الحالة، والأدوية فعّالة لأنه يُعتقد أن هذا النوع من القلق النفسي ينتج من اضطراب في بعض المواد الكيميائية في المخ، وهذه المواد تسمى بـ (الناقلات/ الموصلات العصبية) ودور الأدوية هو أن تضع هذه الناقلات العصبية في مسارها الصحيح بعد أن تُصلح الخلل الذي أصاب هذه الناقلات.

بجانب العلاج الدوائي أريدك أن تتفهم أن حالتك بسيطة كما شرحت لك، وهذا في حد ذاته يعتبر علاجاً هاماً، وعليك أن تعيش حياتك بصورة طبيعية، أن تتواصل اجتماعياً، أن ترفع من مهاراتك الاجتماعية والمهنية، وأن تدير وقتك بصورة جيدة، وعليك بممارسة الرياضة، فإن شاء الله فيها خير كثير لك.

بجانب ذلك هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء وجد أيضاً أنها مفيدة جدّاً، وسوف أشرح لك هذه التمارين بصورة مبسطة: عليك أن تجلس في غرفة هادئة دون أي ضوضاء وأن تكون الإضاءة خافتة، تأمل في حدث سعيد حدث لك في حياتك، أغمض عينيك ثم افتح فمك قليلاً، ويفضل أن تكون مضطجعاً على السرير وأن تضع يدك على صدرك باسترخاء وبدون شدها، وبعد ذلك خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلأ بالهواء، وبعد ذلك اقبض على الهواء في صدرك لمدة خمس إلى عشر ثوانٍ، ثم بعد ذلك أخرج الهواء ببطء وبقوة عن طريق الفم.. كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، ويجب أن تستمر عليه لمدة أسبوعين إلى ثلاثة، وسوف تجني منه فائدة كبيرة جدّاً.

هنالك تمارين أخرى للاسترخاء يمكنك أن تتحصل على أحد الأشرطة أو الكتيبات الموجودة في المكتبات والتي توضح كيفية القيام بهذه التمارين.

نحن سعداء بتواصلك معنا في موقعك إسلام ويب، وكل الذي نرجوه منك أن تتناول الدواء الذي وصفناه لك، وأن تتبع الإرشادات السابقة، وسوف تجد - بإذن الله تعالى – نفعاً كبيراً من هذه الإرشادات والدواء، وسوف تزول هذه الحالة التي تعاني منها - بإذن الله تعالى - .

نسأل الله تعالى لنا ولك ولجميع المسلمين العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً