الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف الطفل من المدرسة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أختي في الصف الأول، وهي تخاف من المدرسة كثيراً مع أنها لمدة أسبوعين من الدراسة كانت تذهب إلى المدرسة ولا تخاف، وكانت فرحة، وبعد ذلك رفضت الذهاب إلى المدرسة وتخاف منها، وفي الصباح تستفرغ كل يوم ولا تأكل شيئاً، وأصبح أكلها قليلاً وتخاف من الباص وذلك لأنها عند رجوعها إلى البيت وأثناء ركوبها الباص ذهبت إلى باص آخر غير باصها الذي تركب فيه دائماً، فقالت لها صديقتها: سوف يذهب بك إلى مكان بعيد، هل هذا هو السبب؟

أرجو الرد على ذلك، وأمي تعبت معها كثيراً، ما الحل؟ وما العمل؟

أفيدونا في أسرع وقت، والله إني أكتب لكم هذا والعبرة تخنقني.


وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن رفض الذهاب إلى المدرسة في مثل حالة أختك هذه – حفظها الله تعالى – ناتج من المخاوف، والمخاوف يكون سببها في أغلب الحالات هو الخوف من فراق الأم أو الأخت أو أحد بالمنزل، وهذا نسميه بقلق الفراق، بمعنى أن الطالب أو الطالبة لا يكون لديهم كراهية حقيقية للمدرسة، ولكن الشعور بأمان البيت والاطمئنان لذلك خاصة إذا كان الطفل مقرباً إلى والديه يجد صعوبة كبيرة جدّاً في التأقلم والتواؤم فيما يخص الذهاب إلى المدرسة، وقد تظهر أعراض جسدية كما تفضلت، فهذه الصغيرة – حفظها الله – تستفرغ وتتقيأ ولا تأكل، وهذه من الأعراض المعروفة جدّاً، البعض يعتبر أن هؤلاء الأطفال يتصنعون، ولكن هذا ليس حقيقياً، وأتى اتهام التصنع لأن هؤلاء الأطفال يتوقف عنهم الاستفراغ حينما يُسمح لهم بالجلوس في المنزل، أو أن هذا الاستفراغ لا يُلاحظ في أيام العطلة الأسبوعية.

ولا شك أن حادثة الباص وما ذكر لها قد أثرت عليها، ولكنها هي ليست السبب الرئيسي، هذا مجرد رابط إضافي، أما السبب الرئيسي لما تعاني منه والذي نسميه بـ (إسكول فوبيا) أي (رهاب المدرسة) ناتج في الأصل من أن هذه الصغيرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبيت، ولا تريد أن تفقد أمنه وأمانه، وهذا هو السبب أيتها الفاضلة الكريمة.

نحن نقول أن علاج هذه الحالات يتم بالآتي:
لابد أن يكون هنالك نوع من الحزم مع التشجيع، بمعنى أن لا يسمح للبنت بالجلوس في البيت، تُؤخذ إلى المدرسة حتى وإن احتجت وحتى إن استفرغت، ومهما بدر منها من رفضٍ للمدرسة لابد أن تذهب، هذا هو الحل الأنجع، ويمكن لوالدتها أن تذهب معها في الأيام الأولى، لا تجلس طول وقت الدراسة، ولكن تجلس حوالي نصف ساعة أو ساعة بالكثير، وبعد ذلك تترك المدرسة وترجع إلى بيتها.. هذا ننصح به أن يتم لمدة أسبوع، الذهاب معها بصفة يومية لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك الذهاب معها يوم بعد يوم لمدة أسبوع آخر، ثم بعد ذلك الذهاب معها مرة واحدة في كل ثلاثة أيام لمدة أسبوع آخر، ثم بعد ذلك تُترك لوحدها، هذا هو المبدأ الرئيسي لعلاج مثل هذه الحالات.

ولابد أن يكون هنالك نوع من التضافر والتعاون بين المدرسة والبيت، بمعنى أن يُشرح للمعلمة الذي تعاني منه هذه الصغيرة وهو ما نسميه بـ (رهاب المدرسة) ويُشرح لها أن البنت لا مشكلة عندها أبداً، ولكنها فقط تخاف من الفراق وكما ذكر الطبيب لا تريد أن تفقد أمان البيت، والعلاج هو أن تأتي إلى المدرسة وأن تظل في المدرسة وأن تُشجع على البقاء في المدرسة.

هذه هي الخطوة الأولى، والخطوة الثانية وهي أيضاً مهمة: يجب أن تُشجع وتحفز على ذهابها إلى المدرسة، حين تصحبها والدتها في الصباح إلى المدرسة لابد أن تكافأ بعد أن تحضر من المدرسة، كان تُعطى هدية بسيطة، أو أن يتم احتضانها وتقبيلها، والثناء عليها بصورة واضحة جدّاً.

وأنا أيضاً أناشدكم أن تستعملوا طريقة النجوم، هذه الطريقة جيدة جدّاً، وهي أن توضع لوحة بالقرب من سرير الطفل ويُشرح له ويوضح له أن كل عمل إيجابي يقوم به سوف يعطى مقابل ذلك عدداً معيناً من النجوم، عدد النجوم يتفاوت من واحد إلى خمسة حسب العمل الذي قام به، فمثلاً حين تذهب إلى المدرسة في اليوم الأول وترجع تُعطى خمسة نجوم، وهكذا في اليوم الثاني، حين ترتب كتبها تُعطى نجمة أو نجمتين، حين ترتب خزانة ملابسها تعطى أيضاً نجمتين، وهكذا، وحينما تقوم بأي عمل سلبي تُسحب منها نجمة أو نجمتين أو حتى إلى ثلاثة نجوم، وفي نهاية المطاف يتم حساب ما اكتسبته من نجوم ويستبدل لها بهدية صغيرة بعد أن تثبت قيمة النجمة الواحدة، كأن نقول النجمة تكون قيمتها ريال واحد أو نصف ريال، وهكذا، وبعد ذلك يُشترى لها هدية بسيطة في نهاية الأسبوع حسب المبلغ الذي اكتسبته.

الأمر الثالث: أن تُعطى هذه الصغيرة بعض المهام في داخل المنزل، يجب أن تستشعر بأهميتها، فمثلاً: إذا كانت هناك مهام معينة في المنزل يجب أن تقسم هذه المهام على الأشخاص الموجودين في البيت، وبعد ذلك يتم التركيز عليها. اجعلوها أيضاً تخرج معكم وتزور صديقاتها، وهكذا.

الذي أقصده هو ضرورة بناء شخصيتها وتشجيعها وتحفيزها وتوجيهها، لكن الذهاب إلى المدرسة يجب أن يكون قراراً صراماً حازماً وقائماً على الأسس التي ذكرتها لكم.

في بعض الأحيان نعطي أدوية بسيطة إذا كان الخوف شديداً، والدواء الذي نصفه في هذه الحالات يعرف تجارياً باسم (تفرانيل Tofranil) ويعرف علمياً باسم (امبرمين Imipramine)، وجرعته صغيرة جدّاً، هي عشرة مليجرام ليلاً، يتم تناولها لمدة شهرين أو ثلاثة.

هذا هو المبدأ الأساسي في علاج مثل هذه الحالات، وأسأل الله لها العافية والشفاء، وبما أنك موجودة أيتها الفاضلة الكريمة في دولة قطر فيمكنكم أيضاً الذهاب بهذه الصغيرة إلى الأخ الدكتور (إبراهيم عبد العال) استشاري الطب النفسي للأطفال، وهو متواجد في عيادة الصحة المدرسية التابعة لمؤسسة حمد الطبية، وذلك لمزيد من الاطمئنان وتشجيعها على الذهاب إلى المدرسة، وكذلك سوف يقوم الطبيب بإعطاء التوجيهات اللازمة في هذا الخصوص والتي تقوم على نفس الأسس التي ذكرتها لكم.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات