الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الأخ من أخته المتفلتة مع تغاضي الأب عن تصرفاتها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي أخت تبلغ من العمر 24 سنة، ومنذ البداية لم تكن متدينة في طفولتها، سقط في يدي رسائل من أحد الشباب كان يراسلها عبر البريد، أخبرت والدي وسلمته الرسائل كي يقتنع ولا أعلم ما حدث بعد ذلك، قبل 4 سنوات ذهبنا إلى السوق، وكان أبي هو السائق وجلس أبي في السيارة وذهبنا أنا وأمي وهي إلى داخل السوق وكانت تمضغ لباناً، فانكرت عليها هذا وقلت: إنه لا يجوز، فهذا عمل غير أخلاقي، وما كان الرد السريع منها إلا الصراخ أمام الناس حتى إني لم أعلم كيف أعالج القضيه أمام العالم، وما كان من أمي إلا أن غضبت ورجعنا إلى السيارة وهناك أخبرت أبي بالقضية وهي كانت تقلب القضية ضدي، فما كان من أبي إلا أن غضب مني وأعاد المشكلة كلها على رأسي أنا.
بعدها دخلت أختي إلى الكلية، وفي يوم شاهدتها زوجتي وهي تلبس ملابس شبه عارية تحت العباية، وما كان منها إلا أن أخبرت أمي بالقصة كي توقفها عند حدها، وما إن علمت أمي حتى كادت تقتل أختي وهددتها وتوعدتها بأنها إن عادت إلى ذلك فسوف يكون آخر يوم لها في كليتها، وعلم أبي بالقصة وصار يكره وجودي ووجود زوجتي؛ لأنه كان يعتقد بأني أنا وزوجتي نثير له المشاكل والفتن، حاولت الخروج من المنزل لكن أمي كانت ترفض خروجي، وهاهي اليوم وجدت وظيفة وتذهب وتخرج وتعود ووالدي لا يعلم شيئاً، لا عن مكان وظيفتها ولا متى أوقات عملها، فهي عند أبي الصادق المصدوق!
حاولت أن أكلم أمي كي تقنع أبي أن هذا الأسلوب لا يليق في التعامل مع بنت يجب أن يذهب ويتحرى عن عملها، فهل هي في مكان مختلط أم هي في مكان خاص بالنساء، لكن أمي اعتذرت مني وقالت: أنا ليس لي حساب عند أبيك،
أخبرتكم قصتي وأريد منكم الحل، هل أنا أخليت ذمتي أمام الله، أم هل مطلوب مني أن أخرج من البيت، أم ما هو الحل؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع.
أخي الكريم! أرجو أن تواصل النصح والملاحظة لهذه الأخت، فنحن لا نعرف متى تنفع النصيحة، وإنما علينا أن نذكر إن نفعت الذكرى، قال تعالى: (( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ))[الغاشية:21]، واحرص على أن تدعو لها بالهداية، وكذلك والدتها، والناصح لا ييأس أبداً.

وعليك أن تغير أسلوبك الذي لم تجد فيه مناصرة من والدك، بل كانت النتائج ربما عكسية، والأفضل في مثل هذه الأحوال معالجة الأمر في منتهى السرية، وهي شقيقتك ويهمك أمرها، وأنت أعرف منها بالرجال والسفهاء الذين يكذبون على النساء، ويستغلون الجانب العاطفي في المرأة، ويريد بها الذئب أن يصل إلى غاياته الفاسدة، وفي نهاية المطاف لن يتزوجوا هذه المسكينة التي خدعوها فراسلتهم وجاملتهم، وسوف يكونون أول من يشك في صلاحيتها كزوجة تؤمن على عفتها .
وإذا كان الأب غير حريص وليس بحازم فليس من الصواب إخطاره بمثل هذه المخالفات حتى لا نكسر حاجز الحياء عند الفتاة، فالمطلوب هو التدرج في العلاج ودراسة كل خطوة قبل الإقدام عليها.

ومعالجة أخطاء الإنسان بعد أن يكبر ليست باليسيرة، وهذه الأخت وجدت من يناصرها على الباطل، وعليك بالتركيز في البداية على الأخطاء الكبيرة وغض الطرف -إلى حين- عن الأخطاء الصغيرة، والحرص على غرس شجرة الإيمان في قلبها وتحبيب الطاعة إليها والثناء على جوانب الخير فيها، وتوفير ما تحتاجه حتى لا تضطر إلى البحث عن عمل، أو الاجتهاد في تدبير وظيفة مناسبة تحت عينكم وسمعكم، واحذر نصحها أمام الناس واستعداء الآخرين عليها حتى لا تصبح في موقف المظلوم وتعين الشيطان عليها، وأرجو أن تبتعد زوجتك عن الدخول في المشاكل، والصواب أن تبين لكم الأخطاء بطريقة سرية، حتى تتمكنوا من العلاج، ومما يعين على قبول النصح صدوره ممن نحبه من الناس، وقد لاحظت أثر إصرار الوالدة ورفضها لبعض التجاوزات.

والمصلحة أن تبقى في البيت حتى لا تتيح فرصاً أكبر للتجاوزات، وأرجو مرة أخرى أن تحرص على تغيير أسلوبك في التعامل مع هذه الأخت، ويمكنك التأكد والتحري في عملها ولكن دون أن تشعر أنك تراقبها وتتهمها، وهذا مدخل للشيطان وفرصة لزرع الكراهية، ويمكنها أن تخفي عنك الكثير، ولا داعي لإشراك الوالد في هذه المشاكل، وأرجو أن تحرص على بره والإحسان إليه، وقم أنت بسد الثغرات، وإكمال النقص، وابحث لها عن زوج مناسب، ونسأل أن يحفظ أعراضنا وأعراض المسلمين، وجزاك الله خيراً على هذه الغيرة، وما أعطي أحد عطاء أوسع من الصبر، فعليك بالصبر والحرص على الخير، زودك الله التقوى ورزقنا إياك الحكمة في الدعوة إلى الله، وأبشر فأنت مأجور بإذن الله.

أسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً