الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح طبية حول علاقة الصحة الجسدية بالصحة النفسية

السؤال

تعرضت لاختلاف كبير في صحتي وطبيعتي منذ أكثر من نصف عام، وأوضاعي الصحية لا زالت متدهورة، وأنا لست على طبيعتي السابقة، ولا أعرف ما الذي حدث لي بالضبط؛ حيث أنني أحس أن حياتي أصبحت مهددة بالخطر، وأشعر أنني على شفا الموت، فأرجو مساعدتي بشكل عاجل.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هناك الكثير من المعلومات المفقودة؛ حيث إنك لم توضح عمرك أو طبيعة عملك، ولم تعطنا أي مؤشرات تساعدنا في تشخيص الحالة، فالتغيرات التي حدثت لك ربما تكون هناك روابط أو أسباب أو مثيرات هي التي أدت إلى هذا التغير في أوضاعك الصحية.

عموماً فإن الصحة تنقسم إلى صحة نفسية وجسدية، الصحة الجسدية مكملة للصحة النفسية، والعكس صحيح، وأنت ما دمت ترى أن هناك تدهوراً في حالتك فأنصحك أولاً: بأن تذهب إلى الطبيب الباطني ليقوم بإجراء فحوصات عامة لك، تشمل فحوصات الدم للتأكد من قوة (الهيموجلوبين Hemoglobin)، والدم الأبيض، ووظائف الكبد ووظائف الكلى، والدهنيات، ووظائف الغدد كالغدة الدرقية، هذه فحوصات أساسية ومهمة وضرورية.

وإذا اتضح أن هناك أي علة، أو أي نقص في صحتك فأنا على ثقة كاملة أن الطبيب سوف يقوم بالإجراء الصحيح.

أما إذا كان الأمر كله يتعلق بالجانب النفسي، وأعتقد أن هذا هو الذي قصدته؛ حيث أنك ذكرت أن حياتك أصبحت مهددة بالخطر، وتحس أنك على شفا الموت، هذا ربما يكون مرتبطاً بحالة من القلق، والأرجح أنه قد أتتك نوبة مما يعرف برهاب الهرع أو الهلع أو الاضطراب الفزعي، وهذا يتميز بأنه يعطي الإنسان شعور بعدم الطمأنينة وتوقع القلق وربما الشعور بدنو الموت.

هو مجرد نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، وفي كثير من الأحيان لا تتضح له أسباب معينة، ويتحول الأمر أيضاً إلى مخاوف وسواسية، بمعنى أن القلق نفسه يؤدي إلى تدعيم فكرة الخوف، وهذه تتحول إلى اجترارات وأفكار متداخلة تقتحم خيال الإنسان، وتجعله يحس بالكثير من عدم الطمأنينة.

الذي أرجوه منك - بجانب إجراء الفحوصات العضوية التي ذكرتها لك - أن تعيد النظر في حياتك الاجتماعية والأسرية وعلاقاتك، وإذا كانت هنالك أي أسباب سببت لك ضغوطات نفسية أو شعوراً بعدم الارتياح أو أدت إلى فقدانك التواؤم مع وضعك، حاول أن تضع المعالجات لهذه الأمور، فهذا مهم وضروري جدّاً.

الأمر الآخر: هو أن تحاول أن تضع صورة إيجابية عن نفسك، إذا كانت الأفكار قلقية وسواسية فلابد أن تخضعها للمنطق، وتقول: (ما الذي يجعلني أقلق؟ لماذا أنا أوسوس هكذا؟ أنا على خير وفي خير ولله الحمد، وليس هنالك ما يخيفني من الموت، فالموت واقع ولا شك فيه، وأسأل الله أن يبارك لي في أيامي وأن يختم لي بخير وبصالح الأعمال).. إذن الأمر إذا خضع للتفكير المنطقي والواقعي هذا يساعدك كثيراً.

بقي بعد ذلك أن أقول لك أنه توجد أدوية جيدة وممتازة لتحسين المزاج وعلاج الوساوس، وكذلك المخاوف من هذا النوع الذي تشتكي منه، إذا اتضح عدم وجود أي علة عضوية - وهذا ما نتمناه - فأقول لك ابدأ في تناول دواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، فهو من أفضل مضادات المخاوف أيّاً كان نوعها، وجرعة البداية التي ننصح بها في مثل هذه الحالات إذا كان عمرك أكثر من سبعة عشر عاماً هو أن تبدأ بتناول عشرة مليجرام، تناولها ليلاً بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

لا بد أيضاً أن تكثر من التواصل الاجتماعي، وأن تمارس الرياضة، وأن تنظم وقتك بصورة جيدة، وتحاول أن تكون متميزاً ومتفوقاً إذا كنت لا زلت في المراحل الدراسية أو دخلت الحياة العملية، نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً