الزواج قدر

2011-01-04 08:07:00 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله

أنا بعمر (28) عاماً، غير متزوجة، وقد رأيت أكثر من كابوس بأن هناك عملاً أو سحراً بعدم زواجي، مع أني مواظبة على الأذكار والرقية، وتشغيل سورة البقرة، ولكني أرى نفسي لست أهلاً للرقية.

هل إذا ذهبت إلى أحد المشايخ للعلاج هذا حرام؟ وهل بذلك أخرج من الـسبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب؟ علماً أني على يقين أن هذا ليس إلا سبباً من الله عز وجل؛ لأني أخشى على نفسي جداً وعلى ديني؛ لأني الآن في حالة نفسية سيئة جداً أثرت على علاقتي بكل من حولي، فأنا لا أرغب في التحدث مع أحد؛ لأني أرفض أن أشكو حالي لغير الله، وأعلم أن لا أحد من البشر يملك لي نفعاً أو ضراً، علاوة على أن الكل مشغول في حياته، ولكني للأسف أصبحت أخشى على صلاتي.

أنا عندما أستشعر وقوفي بين يدي الله عز وجل لا أكف عن البكاء بانهيار؛ رجاءً في رحمته، وتفريج كربي، وأحياناً أمتنع عن الدعاء؛ حتى لا أدخل في هذه الحالة.

أسألكم الدعاء، وهل تعلمون أحداً من المشايخ يمكنني الاتصال به؟



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن يدخلنا وإياك وسائر المسلمين والمسلمات الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - أقول لك: إن مما صح عن نبيك عليه الصلاة والسلام قوله: (تداووا عباد الله، فإن الله ما خلق داءً إلا خلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولا يخفى عليك أيضاً أختي الكريمة أمة الرحمن أن النبي عليه الصلاة والسلام قد سحره رجل يهودي يُسمى لبيد بن الأعصم، وأن الله تبارك وتعالى دله على كيفية استخراج هذا السحر.

إذن العلاج من سنة النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وهو من الأخذ بالأسباب، وهذا بإذن الله تعالى لا يتعارض أبداً مع الحديث الذي ورد فيه من أن سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب، ومنهم قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يرقون ولا يسترقون) وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى أن الرقية الشرعية لا تتعارض مع هذا الحديث؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرقي، وكانت ترقيه أمنا عائشة رضي الله عنها بيده، ورقاه جبريل عليه السلام، ولذلك يذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء إلى أن الحديث يدل على الرقية غير الشرعية، أما الرقية الشرعية فهي بإذن الله تعالى لا تتعارض مع هذا الحديث، وهي بإذن الله تعالى لن تحرمك أو تحرم غيرك إذا شاء الله ذلك أن تكوني من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.

إذن أقول لك: إن ذهابك أو استعانتك بعد الله تعالى بأحد المشايخ المعالجين لا حرج في ذلك، ولا يتعارض مع هذا الحديث بإذن الله تعالى، ولا ينافي التوكل على الله تعالى؛ لأن الذي أمرنا بالأخذ بالأسباب هو الله تبارك وتعالى، ولذلك قال جل وعلى: (( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ))[الملك:15] فإذن المشي والأكل هنا عبارة عن أسبابٍ أمرنا الله تبارك وتعالى بها، وقال أيضاً: (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ))[الجمعة:10] فلابد من الحركة؛ لأن الحركة بركة كما يقولون.

عليك بارك الله فيك بالتوسط فيما يتعلق بمسألة الخوف على دينك؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يضيع أهله، ولأن الله تبارك وتعالى جل وعلا جعل أن المؤمن يألف ويؤلف، فكونك ترفضين التعامل مع الناس أو لا تحبين التحدث معهم لأنهم سوف يسألونك عن حالك وأنت لا تريدين الشكوى لغير الله تبارك وتعالى، هذا الكلام كله كلام رائع، ولكن أقول: تواصلي مع الناس؛ لأن الإسلام لا يعزلك عن الواقع أبداً، والنبي عليه الصلاة والسلام كان أعظم الناس تواصلاً مع الخلق، مع الإنس، ومع الجن، ومع الملائكة، وحتى مع غير المسلمين، ونحن في حاجة إلى التواصل مع الناس حتى نثبتهم على الحق، وحتى ندعوهم إلى الله تبارك وتعالى، وحتى نبين لهم ما ينبغي أن يكونوا عليه من حسن الظن بالله تعالى وإحسان العلاقة معه.

أقول بارك الله فيك: إن هذا الذي تشعرين به ليس صحيحاً، وإنما عليك أن تتعاملي مع الناس، وإذا ما سألك أحد لماذا لا تتزوجي أو غير ذلك؟ فقولي: هذا قدر الله، وفي الوقت الذي قدره الله سوف يأتي الزوج بإذن الله تعالى، وتكلمي بكل ثقة وحسن ظن في الله سبحانه وتعالى، ولا تشتكي لأحد، بمعنى أنه لا يلزم أبداً أن تشتكي لأحد؛ لأن فعلاً الشكوى لغير الله تعالى مذلة، وهي نوع من سوء الأدب مع الله سبحانه وتعالى، فكما قال الله تبارك وتعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (( إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ))[يوسف:86] فعليك بالتوجه إلى الله بالدعاء والبكاء، وأن تسأليه الخير حيثما كان وأن يرزقك الرضا به، ولكن أوصيك أن تتواصلي مع الناس، وأن لا تنقطعي عنهم؛ لأن هذا خلاف السنة كما أشرت إليك من حال النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكرت أنك أصبحت تخافين على صلاتك، وعندما تستشعرين الخوف بين يدي الله تعالى لا تتوقفين عن البكاء بانهيار رجاء رحمته سبحانه، وهذا شيء طيب، وأسأل الله أن لا يحرمك الخوف منه سبحانه وتعالى، وتذكر الوقوف بين يديه، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بك، ولكن اجتهدي كما ذكرت أن تتعلمي شيئاً من الآداب الشرعية التي تضبط عندك هذه المسائل؛ لأن الأمر ليس على إطلاقه، وليس كل بكاء محمود، وإنما البكاء الذي يقطع العبد عن الأخذ بالأسباب ويقطع العبد عن إقامة الدين، هذا ليس هو المطلوب، والنبي صلى الله عليه وسلم هو سيد البكاءين وهو الذي قاد الدنيا بشرع الله تبارك وتعالى.

أختي الكريمة: أتمنى أن تقرئي كتاباً مثل كتاب (مختصر منهاج القاصدين) حتى تضعي الأمور في نصابها، وحتى تعرفي متى يكون البكاء من خشية الله مشروعاً ومتى يكون غير مشروع..إلى غير ذلك.

أيضاً تسألين عن أحد المشايخ الذين يمكن الاتصال به، وأنصحك أن تتصلي إذا كنت من سكان القاهرة بجماعة أنصار السنة المحمدية التي توجد في منطقة عابدين (المركز الرئيسي) أو بأحد الفروع الموجودة في الأحيان والأقاليم، أو في القرى إذا لم تكوني من أبناء القاهرة، فلا أعتقد أن هناك مركزاً أو محافظة أو مدينة إلا وبها مساجد أنصار السنة، فمن الممكن أن يسأل أحد أرحامك هناك، وسوف تجدين العشرات من إخوة ملتزمين يتناولون العلاج بالرقية الشرعية ابتغاء مرضاة الله وفق السنة وبدون مقابل مادي أيضاً.

إذن: الأمر سهل ميسور، ومساجد السنة بها العشرات من الأخوة الذين منَّ الله عليهم بالتوفيق في هذا الجانب، وإني لأدعو الله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بإخراج هذا البلاء من حياتك، وأن يمنَّ عليك بالأمن والأمان والاستقرار، وواصلي ما أنت عليه من الأذكار والرقية وتشغيل سورة البقرة؛ لأنها نافعة جدّا في رد كيد الشياطين الذين قد يتفادون على جسد المريض مرات ومرات حتى يُفسدون عليه دينه ودنياه، وللفائدة يمكنك مراجعة هذه الاستشارات عن كيفية الرقية:
(237993- 236492-247326)

أسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يعافيك من هذا الاعتداء الغاشم الظالم، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يثبتك الحق، وأن يرزقك حبه حبّاً يترتب عليه رضاه عنك ونجاتك من عذابه يوم القيامة، وأن يجعلنا وإياك من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net