مسافر للغربة والدراسة في بلاد الغرب، فما توجيهكم؟

2011-06-21 12:20:39 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مسافر -بإذن الله- إلى أمريكا بعد أسبوع إلى (سانديقو) للدراسة، عمري 21 سنة وغرضي هو الدراسة، ما هي الإشكالية التي سوف تواجهني، وما هي أفضل طريقة للعيش، هل أسكن مع عائلة أو في سكن المعهد، وكيف أنتقي أصدقاء يعينوني على الطاعة والخير وحفظ ديني، وهل أذهب مع المعهد إلى حفلاتهم ورحلاتهم؟ ولكن بضوابط ألا أشرب معهم، وألا أجامع النساء.

هل تفضلون السكن مع المعهد أم مع عائلة؟ وهل تفضلون مصاحبة نفس أبناء بلدي أو مصاحبة أشخاص مواطنين أو آسيويين، سمعت أشياء كثيرة هناك، فهل أكون موسوسا؟ بحيث لا آكل إلا من ثلاجتي؟

وما رأيكم في الزواج هناك مؤقتا أو دائما لأحصن نفسي؟ وإن كانت من نفس البلد أم أكمل دراستي وأتزوج؟ لأنني كانت لي تجربة في الزواج فاشلة بكل معاني الكلمة، فأخشى أن تأتي بنت معي إلى هناك وتفسد مشروع دراستي.

كيف أفصل بين دراستي والشهوات والملهيات بحيث لا أجعلها تؤثر على دراستي كما تعلمون، الإنسان عاش هناك وسوف يصبح ذهنه مشغولا نوعا ما، أتمنى توجيهي.

نرجو نصائحكم وتوجيهكم في موضوعي وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظ عليك دينك، ويحفظ عليك حيائك وعفتك وفضيلتك، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يجعل سلوكك سببا في هداية هؤلاء الناس إلى الإسلام، وأن يجعلك سببا في دخول هذه الأمة إلى دين الله تعالى إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد في رسالتك فأقول -أخي الكريم الفاضل-: إن الأمر ليس في هذه الدرجة من السوء، فإن الناس في كل بقاع الأرض فيهم الخير وفيهم الشر، وفيهم أهل العفة والفضيلة، وفيهم أهل الدناءة والرذيلة.

المجتمعات الأوربية مما لا شك فيها أنها أصيبت إصابات قاتلة وطعنات مدمرة في جانب الشرف والعرض والمخدرات، ولعل هذه الأمور من أخطر الأمور بعد الشرك بالله تعالى.

لكن هذه الأمور لها أماكنها، ولها ظروفها، وليست بقارعة الطريق فليست في كل مكان، أو في قارعة الطريق كما تتصور.

إن الأمور هناك تختلف إلى حد كبير عما سمعته أنت عن هذه البلاد، وأعظم حل أنصحك به أخي الفاضل هو أن تربط نفسك بمؤسسة إسلامية، فأمريكا بها آلاف المراكز الإسلامية التي تقوم على المنهج الصحيح، فأنت إذا ضبطت نفسك بإخوانك في المسجد، ضمنت بيئة لا أكون مبالغا إذا قلت إنها أفضل من البيئة التي تربيت فيها في البيت، لأنني عاشرت هذه البلاد وذهبت إليها عدة مرات، ووجدت أن هؤلاء الناس الذين يلتزمون بالمساجد ويحرصون على إقامة الدين أكثر إيمانا من ملايين من العرب الذين يعيشون في بلاد الِإسلام بل وعلى مقربة من الأماكن المقدسة.

أنا أقول لك لعلك ستجد هناك عونا على الطاعة لا تجده في بلادك الأصلية، وكم من شباب أعرفهم ذهبوا هناك وهم في قمة الضياع والتفلت ورجعوا وهم في قمة الالتزام والطاعة.

إذاً أول نصيحة لك بارك الله فيك أن تبحث عن المراكز الإسلامية أو المركز الإسلامي القريب منك، واربط نفسك بأهل المسجد، وحافظ على الصلاة في المسجد في جماعة، وتوجه إلى الله بالدعاء كما تتوجه له بالدعاء وأنت في بيئتك الأصلية، فادعه هناك أن يحفظ، واجتهد هناك في أن تظل مسلما تعتز بدينك، وألا تشعر بالدونية أمام هؤلاء الناس، وأن لا تنبهر بهذه الحياة الصاخبة وهذه الإنجازات الحضارية الهائلة التي توضح لك الفارق بين ما عليه أمة الإسلام، وما عليه تلك الدول، لأن هذا كله إنما هو عرض الدنيا القليل، وكما قال الله تعالى: (ذلك مبلغهم من العلم) هم لا علم لهم إلا علم الحجارة فاهتموا بها، ولذلك اجتهدوا على أن يزينوا بيوتهم، وأن يطوروا حياتهم، وأن يوفروا الخدمات التي تخدم شهواتهم ونزواتهم وفقط، وما سوى ذلك ليس لديهم شيء مطلقا، ولذلك قال عنهم مولانا: أؤلئك كالأنعام بل هم أضل.

من هنا أقول لك -يا أخي الكريم الفاضل- عليك أولا: بربط نفسك بالمسجد، وبالمراكز الإسلامية، وابحث وستجد إن شاء الله تعالى، حتى وإن كان هناك شيء من المشقة في الوصول إليه إلا أنك من خلال هذه المؤسسات الإسلامية سوف تحافظ على دينك وسوف تحافظ على وقتك، وسوف تحافظ على عرضك.

أنا أعلم أن هناك كثيرا من الطلبة المسافرين يقيمون في هذا المراكز الإسلامية ويعيشون في محضن طيب، ويصلون الصلوات في الجماعة، وهناك أخوة يعينونهم على تعلم اللغات، ويساعدونهم في قضاء حوائجهم، فالشباب الذين يذهبون ويتوجهون إلى المراكز الإسلامية هم أوفق الناس في أوربا وأمريكا على الوجه العموم، لأنهم سيجدون البيئة النظيفة النقية، وسيجدون الناصح الأمين لأنه يستحيل أنه يكون الناس جميعا أهل سوء، إنما يكون فيهم هذا وذاك والمسلمون يبقى فيهم الخير إلى يوم القيامة كما تعلم.

من خلال هذا الوضع وارتباطك بالمسجد سوف تتضح لك الرؤية كاملة، وتتخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.

قضية الزواج أنا أنصحك ما دمت قد مررت بتجربة فاشلة سابقا أن لا تتعجل فيه الآن، لأن قضية الفواحش ليست بهذا الحجم الذي تتصوره، وإنما هذه لها أماكنها، ولها أهلها، وليس كل الناس يقع فيها وقد تمر عليك أيام طوال لا ترى فيها مثلا امرأة إلا نادرا، نعم أنا معك في أروقة الجامعات، وفي مثل هذه الأماكن ستجد الطالبات، ولكن الذي يحدد نوع العلاقة إنما هو أنت وليسوا هم، ومن هنا فإني أرى لك أفضل علاج هو الارتباط بالمسجد أو المركز الإسلامي القريب منك، ومن هناك انطلق مع إخوانك، وابدأ في تنسيق حياتك من بيت الله تعالى، وسوف تجد خيرا كثيرا -بإذن الله تعالى-.

فيما يتعلق من الإقامة مع العائلات إذا كنت مضطرا لهذا فاطلب من إخوانك أن يساعدونك في البحث عن عائلات محترمة، بعض العائلات مثلا تجد أن الناس فيها طاعنين في السن فالمرأة تجدها فوق السبعين والرجل كذلك، ويحتاجون من يقوم على خدمتهم، وعادة الجيل القديم لا يعرف هذا التبرج، وهذا العهر الذي عليه الجيل الحالي جيل الشباب، فإذا وجدت أسرة بهذا المستوى فلعلك أن تدعوهم إلى الله فيكون في ميزان حسناتك، وأنا أعرف أن هناك شبابا كثر عندما قاموا في أسر، واعتزوا بإسلامهم، وحافظوا على صلاتهم منّ الله على هذه الأسر بسبب سلوكهم، رغم أن الأخوة لا يعرفون عن الإسلام كثيرا، فكن مثلا أعلى للإسلام، وكن قدوة يحتذى بها، واعلم أنك تحمل رسالة السماء العظمى التي أكرم الله بها الإنسانية، وهي القرآن الكريم.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net