أريد الزواج من فتاة تكبرني، فما نصيحتكم؟

2012-03-24 17:12:23 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتقدم بخالص الشكر والامتنان لكل القائمين علي هذا الموقع العظيم.

أنا شاب عمري 27 سنة قررت الزواج من فتاة على خلق ودين، ولكن ظروفها الاجتماعية صعبة، فهي يتيمة الأبوين، وتسكن مع أخيها وزوجته.

المشكلة أنها تكبرني بثلاث سنوات، وما زاد إصراري عليها هو أن فرصتها في الزواج ضعيفة، ويتيمة وفقيرة، وزوجة أخيها تعاملها معاملة قاسية، وليس لها أحد تلجأ إليه، فقررت الزواج منها، ووعدتها بهذا، وتحدثت مع أخيها وأبدى موافقته.

المشكلة أن أهلي رافضون أن أتزوج من فتاة تكبرني، وتوعدوا بمقاطعتي إن أقدمت على هذا، ولكني متمسك بهذه الفتاة لأني سأكون سعيداً جداً معها، لأنها سوف تبذل كل جهد لإرضائي بعد أن أخرجها مما هي فيه من مشقة، وأكسب فيها ثواباً لعل الله يتجاوز عن ذنوبي بهذه الزيجة.

هي ليست سيئة، فهي خلوقة جداً، ومتدينة، وعلى قدر من الجمال، ومحجبة، ونموذج للفتاة المسلمة.

أنا محتار ولا أريد أن أكسر قلبها، ولا يمكن أن أسحب وعدي لها، وفي نفس الوقت أريد مباركة أهلي لهذه الزيجة، وأريد نصيحتكم .

وخالص شكري وتقديري لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه وبعد.

إننا نسأل الله أن يسلمك يا سالم، وأن يرزقك السداد والرشاد، وهو القادر عليه، ونشكر لك هذه الروح الطيبة التي دفعتك إلى اتخاذ هذا القرار.

نسأل الله تعالى وتبارك أن يبارك لك فيها، وأن يقدر لك الخير وأن يعينك على أقناع أسرتك وأهلك بهذه الزيجة المباركة، ولا أظن أن الفرق في العمر مشكلة في مسألة الزواج طالما وجدت الدين والأخلاق، ولله الحمد أنت أشرت إلى أن الجمال أيضاً موجود، فنحن ندعوك إلى إكمال هذا المشوار.

أرجو أن تجتهد في إقناع أهلك وتطييب خاطرهم وإقناعهم بهذه الفتاة، التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يعنيك وإياها على عمل الخير، وأن يعينكما على تكوين الأسرة ترضي الله تبارك وتعالى، ولا أظن أنهم سيقومون بالمقاطعة إذا اجتهدت في إقناعهم.

أرجو أن تجد من الصالحين والعقلاء والفضلاء من الأعمام والعمات، والأخوال والخالات من يساعدك على هذا العمل.

أرجو كذلك الدعاء لأهلك - خاصة المؤثرين منهم - الذين يستمعون إلى كلامهم؛ لأنه ليس لأهل الرجل ولا أهل المرأة أن يرفضوا الخاطب إلا لاعتبارات شرعية، وهذا لا يعتبر من الاعتبارات الشرعية!

النبي عليه الصلاة والسلام تزوجت به خديجة وكانت أكبر منه عليه الصلاة والسلام في العمر، كما هو معروف، وتزوج عائشة وكان أكبر منها عليه صلاة الله وسلامه، وتحققت السعادة في أكمل صورها على وجه الأرض في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زوجاته، وخاصة خديجة، وعائشة بل كل الزوجات سعدن بالنبي صلى الله عليه وسلم.

أنت -ولله الحمد- تشكر على هذه النية المباركة، وكونك تحرص على هذه الضعيفة، اليتيمة التي هي الآن تعاني الويلات في ذلك البيت التي تسكن فيه، وأنت لها بمثابة سفينة إنقاذ، وتريد أن تخرجها مما هي فيه، وأيضاً أنت جئت إلى البيوت من أبوابها فكلمت شقيقها وأبدى الموافقة لك.

عليك أن تجتهد في إقناع أهلك في عرض ميزات الزواج من هذه الفتاة عليهم، وأهم شيء في الزواج هو أن يكون هنالك ميل حقيقي من الطرفين، لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ولا شك أنك أنت أعرف بأهلك وأقدر على إقناعهم، وأعرف بالأساليب التي يمكن أن يقتنعوا بها بهذه الزوجة، وعليك أن تجتهد في بر والديك والإحسان إليهم، ولا تعاديهم أو تأخذ منهم موقفاً صارماً لأجل هذا!

إن الإنسان بالنسبة للوالدين حتى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) دعوك إلى أكبر جريمة؛ فإن الله يقول: ( فلا تطعهما ) ثم يقول بعد ذلك ( وصاحبهما في الدنيا معروف)، فالإنسان لا يأخذ مواقف عدائية تجاه أهله مهما كان.

أنت -ولله الحمد- تفقه هذا الدليل، وهذه الاستشارة وإلا فبعض الناس في مثل هذه المواطن لا يبالي بأهله، ولا يبالي برأيهم ولا يهتم بهم، وهذا ما لا يرضاه هذا الدين العظيم، ولا مانع كذلك كما قلنا أن تتلطف في إقناعهم، ويا حبذا لو تمكنوا أيضاً من التعرف على الفتاة عن قرب، وخاصة الوالدة.

أيضاً أرجو أن تجد في الخالات والعمات كما مضى معنا من يساعدنك على أداء هذه المهمة، وكذلك أيضاً ستجد بإذن الله تعالى المباركة لهذه الزيجة إذا اتقيت الله تعالى، وتوجهت إليه، فإن قلب الوالد وقلب الوالدة وقلوب الأهل بين أصابع الرحمن، يقلبها سبحانه وتعالى، فلا تيأس وكرر المحاولات، وتوجه إلى رب الأرض والسماوات، وأظهر لهم إيجابيات هذه الفتاة ما يجعلهم يقتنعوا.

أرجو أن يعلم الجميع أن الثلاث سنوات تعتبر فارقاً صغيراً، خاصة إذا كان الرجل ناضجاً قد يحتاج إلى امرأة عاقلة، وناضجة، ومع ذلك فإن الحب الميل لا يعرف الأعمار، ولا يعرف البلدان طالما وجدت فيها الدين والأخلاق والجمال، ووجدت في نفسك الميل إليها؛ فإننا ندعوك وننصحك بأن تكمل المشوار إذا كانت بهذه القناعات.

كذلك أيضاً شقيق المرأة بين له أنك تواجه بعض الصعوبات، حتى يعينك أيضاً من جانبهم بالدعاء والمساعدة، حتى يكتمل هذا الأمر، ونحن نأمل أن يتحقق لك ما تريد، وكذلك أيضاً أن تعجل بأمر الزواج، وإذا كنت تجد في نفسك ميلاً فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح.

الإنسان إذا قصد بزواجه أيضاً أن يعين الزوجة ويعني أهلها أو يخرجها مما هي فيه، فإن هذه روح طيبة تشكر عليها، وتعكس نموذجاً طيباً، لأن المسلم ينبغي في زواجه أن يفعل هذا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه يمسح الدمعة، فما من زوجة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا من ورائها قصة تدل على لطف النبي صلى الله عليه وسلم، ورحمته وشفقته عليه صلاة الله وسلامه بالمطيعات لله تبارك وتعالى .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعنيك على كل أمر يرضيه، وأن يستخدمنا جميعاً فيه وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم، إنه على كل شيء قدير، ونكرر شكرنا لك على التواصل، ونتمنى أن نسمع عنك خيراً.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net