ما هي الآثار السلبية والإيجابية للصداقة عبر النت؟

2012-07-27 14:02:36 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

- كثير من الفتيات والشباب لديهم أصدقاء عبر الإنترنت، فهل الصداقة عبر الإنترنت صداقة حقيقية أم فاشلة؟

- وما هو السبب الذي جعل الفتيات والشباب لأن يلجؤوا لهذه الصداقة عبر الإنترنت؟

- وما هي الآثار السلبية والإيجابية لهذه الصداقة؟ مع علم أنها صداقة بنفس الجنس، أقصد بأنها صداقة فتاة مع فتاة، وشاب مع شاب.

لدي صديقة تعرفت عليها في إحدى المنتديات، أنا أحبها كثيرا، وهي أيضا تحبني، ودائما ما تريد لي الخير، و تنصحني، وترشدني، مع أنني لم أرها، و لم ترني، ولكن - إن شاء الله - قريبا سنلتقي في نفس الكلية، فقد تم قبولنا في نفس الكلية.

سؤالي هو: هل تتوقعون أن تستمر هذه الصداقة أم لا؟ فأنا خائفة من أن تكون صداقتنا فاشلة، فهي بالنسبة لي الصديقة الوحيدة، فأنا ليس لدي صديقات، ولو تركتني سأشعر بالوحدة.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذا السؤال الجميل الرائع، الذي يدل على نضج ووعي، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدر لك الخير، ويهيء لك من الصديقات الصالحات اللائي يذكرنَك بالله إذا نسيتِ، ويكنْ عونًا لك على طاعة الله إن ذكرتِ، فإن الأمر كما قيل: (أخاك أخاك من نصحك في دينك، وبصّرك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرّك ومنّاك).

والصداقة الناجحة هي ما كانت في الله ولله وبالله وعلى مراد الله، وأن تكون من نفس الجنس، فالفتاة تصادق فتيات من أمثالها، والشاب كذلك يصادق الشباب، أما العكس أن يصادق المرء الجنس الآخر فهذا لا يوجد له مكان في هذه الشريعة العظيمة، إلا في إطار الزوجية أو إطار المحرمية، بأن يكون خالاً لها، أو عمًّا، أو تكون خالة له، أو عمّةً، أو تكون زوجة، أو يكون زوجًا، أما ما عدا ذلك فكل امرأة تعتبر أجنبية، والأجنبية هي التي يجوز للرجل أن يتزوج منها، ويجوز لها أن تتزوج به، وهذا لا يمكن أن تكون بينهم علاقة، ولا زمالة من هذه الكلمات التي يقولها الناس.

وقد أحسنت عندما سألت عن العلاقة عبر النت، فهذه العلاقات التي انتشرت في هذا الزمان، وأسباب انتشارها واضحة:

1. لضعف التواصل داخل الأسرة.
2. ولكثرة غياب الوالدين.
3. ولعدم تهيئة الأبناء على المراسيم الاجتماعية والتعامل مع الناس.
4. ولوجود الفراغ القاتل الموجود.
5. ولإغراء الشيطان أيضًا لمثل هذه العلاقات، وتشجيع مثل هذا الكلام.

فلها أسباب كثيرة، ولكنها لا تعتبر صداقة بمعناها الكامل، لأن الإنسان قد يكون قبيح الفعال، ولكنه يحسن الكلام الجميل، وقد يستطيع أن يمثل، ويخدع، ويكذب، فلا تتضح حقيقة الإنسان إلا بالتعامل المباشر، وهذا ما نريده.

فالصداقة التي فيها تزاور، وفيها تعاطف، وفيها تراحم، وفيها ابتسامات مشتركة، وفيها مساعدة، وفيها مشاركة في الأفراح والأتراح، وفيها أيضًا التواصل المرئي، بحيث ترى صديقتها، وتتكلم معها، وتعاونها، وتخفف عنها، وتصلي معها، وتتلو معها كتاب الله، وتشاركها في أفراحها وأتراحها، ومعظم هذه الأمور قد تتاح عن طريق الإنترنت، فهذه الشبكة الافتراضية، الشبكة العنكبوتية.

ومثل هذه الصدقات لا بأس بها إذا كانت في منتديات شرعية، ومع فتيات صالحات، وفي حدود معقولة أيضًا، بحيث لا يترتب على الجلوس أمام هذه المواقع، وأمام هذه الصداقات، وتلك المكالمات، وبحيث لا يترتب عليه ضياع واجب شرعي: كالصلاة، أو ضياع واجب: كَبِرِّ الوالدين، أو ضياع مصلحة: كالدراسة أو وظيفة، أو حق الزوج، أو حق الأهل، فإن كل شيء إذا زاد عن حده ينقلب إلى ضده.

وأرجو أن تعلمي أن هذا العالم أيضًا فيه من يتمثل ويكذب، فقد تتكلم فتاة وهي في الحقيقة رجل، وقد يتكلم رجل على أنه رجل وهو في الحقيقة فتاة، ولذلك فالإنسان لابد وأن يدخل هذا العالم وكله حذر، وكله حرص، وأن يجعل علاقاته محدودة، ولا يتيح لنفسه أن يحصل تعلق، وعشق، وهيام، ومثل هذه المعاني الكبيرة التي تحصل، لأن الشيطان يُعمق هذه العلاقات.

فقد يرتبط الإنسان بآخر، وقد ترتبط الفتاة بأخرى، ولا يُتاح لها أن تقابلها، فتكون سببًا للتشويش عليها في حياتها، وهذه القلوب عندنا غالية، فينبغي أن تكون لله، وعامرة بحب الله تعالى.

وإذا أحببنا بعد ذلك، فينبغي أن يكون انطلاقًا من هذه القاعدة، فالحب في الله قاعدة ينطلق منها المؤمن، وتنطلق منها المؤمنة، والحب المقبول: هو ما كان لله وبالله وفي الله وعلى مراد الله، وكل أخوة وصداقة لا تقوم على الدين والإيمان والتناصح، تنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعضٍ عدوٌ إلا المتقين}.

ولا مانع من الاستمرار في العلاقة مع الصديقة المذكورة، فإذا قابلتها فنتمنى أن تكون على الدين، وعلى الخير وعلى الحشمة، وإذا وجدت ذلك فحُق لك أن تحمدي الله على هذه النعمة، فإن الإنسان ما أُعطي بعد الإسلام نعمة أعظم من صديقة حسنة تذكرها بالله إذا نسيت، وتعينها على طاعة الله إن ذكرت، كما قال عمر - رضي الله عنه وأرضاه - .

فإذا كانت الصديقة على المواصفات الشرعية فحُق لك أن تحمدي الله الذي وفقك، وتستمري في تلك العلاقة، وتعميقها بالمعرفة، وتتفقوا على التآخي في الله، وعلى النصح في الله تبارك وتعالى، لأن العلاقة الناجحة هي التي تصعد مع كل طاعة، وهي التي تتوقف للنصح والإرشاد مع كل مخالفة لأمر الله تبارك وتعالى، وهي الصداقة التي تقوم أيضًا على الدين والأخلاق، وليس على المظهر، وليس على الفكاهة، وليس من أجل المال، وليس من أجل أي مصلحة، فهي في الأساس لله وبالله وفي الله وعلى مراد الله.

ولا مانع من أن تتحقق مصالح أخرى بعد ذلك، والأرواح عمومًا جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فمجرد رؤيتك للفتاة قد يحصل انطباع إيجابي عندك وعندها، وقد يحصل عكس ذلك، ونحن نتمنى أن تجدي الخير، وأن تكون هي الفتاة المناسبة، ونشجعك ونحرضك على السير مع الصالحات، فقولي لي من تُصاحبي أقول لك من أنت، (عن المرء لا تَسلْ وسلْ عن *** خليله، فكل قرينٍ بقرينه يقتدي)، والصاحب ساحب، فصحابي الصالحات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، فإذا وجدت صالحة تقية فحافظي على صديقتها، وكوني بارة بها.

ونسأل الله أن يؤلف القلوب في طاعته، وأن يلهمنا رُشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

www.islamweb.net