عمري 18 سنة، فهل من نصيحة لتنظيم الوقت وتحقيق النجاح؟

2012-10-02 07:57:12 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على كل هذه المساعدات التي تقدمونها للمسلمين، استشارتي هي:

أبلغ من العمر 18 سنة، وأريد أن أنظم حياتي، فأرجو منكم تقديم بعض النصائح التي يمكن اعتبارها من أب لابنه؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونسأل الله لك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونشكر لك حقيقة هذا الحرص على تنظيم الوقت -تنظيم حياة الإنسان- فإن ترتيب الحياة وتنظيم وقت الإنسان من العوامل الأساسية جدًّا في النجاح، والشيء الذي يستطيع به الإنسان أن يحقق أشياء كبيرة في وقت وجيز بعد توفيق الله -تبارك وتعالى- هو حسن التنظيم وحسن الترتيب، والمسلم ينبغي أن يكون مرتبًا ومنظمًا، لأن هذا الدين العظيم يرتب حياة الإنسان، فالصلوات خمس في أوقاتها مرتبة، والصيام يصوم الناس في وقت واحد ثم يفطرون في لحظة واحدة، وفي الحج يقف الناس في موقف واحد على صعيد عرفة وفي وقت واحد، فإذن هذا كله يدل على رعاية هذا الدين لحسن الترتيب وحسن التنظيم لوقت الإنسان وحياة الإنسان.

وكما قلنا مع حسن التنظيم يستطيع الإنسان أن يقدم إنجازات كثيرة جدًّا وكبيرة جدًّا، خاصة إذا علم أنه مسؤول عن وقته وعن حياته، والإنسان لا يملك أغلى من هذه الثواني التي تمر بين يديه.

دقات قلب المرء قائلة له**** إن الحياة دقائق وثواني.

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها**** فالذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ.

من هنا كان حرص الإسلام على أن يلتفت الإنسان للوقت، والناس بحاجة إلى أن ينظموا أوقاتهم، وإلى أن يوزعوا أدوارهم، وإلى أن يرتبوا حياتهم، وبذلك تستقيم لهم كثير من الأمور.

وأنت في هذا العمر نحن نفترض أنك طالب ولأنك في الثامنة عشر من عمرك، هذه سن غالبًا من طلاب الجامعة، فإذا كنت طالبًا فإننا ندعوك أيضًا إلى أن تنظم وقتك، وأرجو أن يرتبط هذا التنظيم وهذا الترتيب للوقت بأوقات الصلوات، وهذا ما يقوله كثير ممن نجحوا ووفقهم الله -تبارك وتعالى- أن مشوراهم يبدأ بصلاة الفجر، ثم بعد ذلك يتفرغ لمراجعة دروسه بعد أدائه الأذكار، ثم ربما يأخذ شيئًا من الطعام، ثم ينصرف بعد ذلك باكرًا إلى جدّه وعمله وطلبه للعلم إن كان طالبًا، ينتظر بركة ذلك الوقت المبارك التي أشارت إليه كثير من الآثار، ثم بعد ذلك إذا جاء النهار يعطي النفس حظها من الراحة، بعد أن يعطيها حقها من الطعام، ثم بعد ذلك يستريح قليلاً، لأن القيلولة مهمة في إعادة ترتيب راحة الإنسان وجسد الإنسان وتفكير الإنسان.

ثم إذا جاء العصر بعد ذلك يبدأ مرة ثانية في إعداد جدول للدراسة، وحبذا بعد ذلك أن تكون له استراحة قصيرة يستعد منها لأذكار المساء، ثم إذا صلى المغرب لا بأس أن تكون له دقائق يتناول فيها شيء من القهوة مع أسرته مع أهله، ثم بعد ذلك يستأنف دراسته إلى صلاة العشاء، ثم يُصلي العشاء لله -تبارك وتعالى-، ولا مانع بعد ذلك من أن يُذاكر قليلاً، وننصح دائمًا بأن تكون القراءة في مكان مناسب، الإضاءة مناسبة، في مكان ليس فيه ما يشغل، كذلك أيضًا أن تكون هذه القراءة وفق جدول مرتب، أن يجعل أمور الحفظ مثلاً في الصباح الباكر، والأمور التي تحتاج إلى تركيز في منتصف النهار، يكون هذا فيه شيء من التركيز، وأيضًا يحاول دائمًا أن ينوع بين المواد، وإذا شعر بشيء من الملل فإنه ينبغي أن يغيّر المادة ويغيّر المكان، فإن طول الجلوس يجلب للإنسان الكثير من الملل، لذلك يُجدد نشاطه، ويجدد الدورة الدموية ويتحرك، هنا قد تنفع القراءة المتحركة والمراجعة المتحركة، والناس يختلفون في هذا، فبعضهم يفضل أن يقرأ بصوت عال، وبعضهم يفضل أن تكون القراءة صامتة غير مسموعة.

أما إذا كان الإنسان موظفًا فإنه أيضًا يبدأ يومه بالصباح الباكر، ثم بعد ذلك يؤدي الأذكار التي عليه، يسجد لله -تبارك وتعالى-، ثم بعد ذلك يبدأ في الاستعداد للعمل، الذي ينبغي أن يواظب فيه على وقت الحضور، وبعد ذلك طبعًا العمل له ترتيبات محددة، فإذا فرغ من عمله يرجع إلى أهله، يحاول أن يأخذ قسطًا من الراحة، ثم بعد ذلك ينهض لصلاة العصر، ثم بعد ذلك يبدأ في استراحة قليلة كنشاط حر، يبدأ بعد ذلك في مراجعة الأعمال التي عنده، أو في تطوير مهاراته، أو في البحث عن ميدان جديد للعمل يزيد من مدخوله للبيت، فإذا جاء المغرب أيضًا لا بأس بأن يجلس مع العائلة، بعد ذلك يبدأ يواصل أيضًا مسيرة الجد، فإذا صلى العشاء -أتوقع أن يكون له أسرة- يعطي الأسرة حظها وحقها من الاهتمام، ويسامر أهله، فإن مسامرة الأهل من الأشياء التي كان يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي من الأشياء النادرة التي يجوز فيها السهر بعد العشاء، حتى بوّب علماء السنن (باب السهر مع الأهل).

وقبل ذلك لا بد أن تكون للإنسان أهداف محددة يريد أن يُحققها، يضع له أهدافا في الحياة، فالذي ليس له هدف لا يصل. بعد ذلك أيضًا لابد أن يكون هذا الهدف معقول، يكون هذا الهدف باستطاعته أن يؤديه، أن يكون هذا الهدف مناسبًا مع قدراته، أن يصاحب الجادين في حياتهم، أن يشجع نفسه على المضي، فيجعل نفسه مقياسا للجودة ومقدار للنجاح، فإذا نجح عشرة بالمائة، يشجع نفسه ليكون عشرين، ليكون ثلاثين، ليكون خمسين، ليكون ثمانين، حتى يصل إلى مائة بالمائة.

بهذه الطريقة -إن شاء الله- يستطيع أن ينظم حياته، والمسلم عندما ينظم الحياة ينبغي أن يتذكر أنه خُلق لغاية، وهي عبادة الله؛ ولذلك إن تحرك فبنية، وإن عمل فبنية، وإن أكل فبنية، وإن شرب فبنية، كما قال معاذ: (والله إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قوْمتي) يرجو أجرًا وثوابًا على نومه وطعامه كما يرجو ثوابًا على طاعته لله -تبارك وتعالى-.

أيضًا يجب أن يكون للإنسان ورد قرآني يقرأه يوميًا، فلا يهجر كتاب الله، وأيضًا لو يقرأ شيئًا من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يثقف نفسه في قراءة الكتب، هذا أيضًا ينبغي أن يكون في برنامج يوم الإنسان المسلم.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونكرر شكرنا لك على هذا السؤال، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net