هموم وقلق وتشاؤم ووساوس.. هذه معاناتي فمدوا لي يد العون

2012-10-16 07:44:00 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أشكر موقع إسلام ويب على هذه الخدمات الجليلة التي تقدمها، وأسأل الله أن يجعل عملكم خالصاً لوجهه الكريم:

أنا شاب أبلغ من العمر 25 عاماً أصبت بهذه الأعراض منذ 6 أعوام، وكانت سبباً في ترك دراستي بالجامعة، وترك أشياء كثيرة في حياتي، فأنا الآن ألزم بيتي، ولا أخرج كثيرا، ولا أحب الناس والتجمعات، لدي أشخاص محددون يمكنني التحدث معهم وأخاف من التعرف بشخص جديد (كلامي قليل جداً) ومن الأعراض:

- أشعر بالاحتقار الشديد لنفسي مع أن عندي كل المؤهلات التي تجعلني أقدّرها.

- أنا محترف جدا في مجال الكمبيوتر، وهذا المجال يناسبني كثيرا؛ لأنه لا يحس بي، ولن يتكلم معي؛ ولأني سأكون محبوسا في مكان واحد عند ممارستي لهذه المهنة.

- عرضت علي أكثر من 17 وظيفة ورفضتها كلها أخاف وأقلق وأضع أسوأ التوقعات، وأتركها.

- عدم القدرة علي التركيز، لا أستطيع أن أركز فتركيزي يجيء ويذهب، ومع كثرة النسيان لا أستطيع أن أحفظ شيئا حتى أنني تعبت جدا في كتابة هذه الأعراض.

- أعامل أبسط الأمور بصعوبة فمثلا عندما أكتب هذه الأعراض يخيل لي أنني لن أكتبها بشكل جيد، وسوف يفهمها الطبيب بشكل خاطئ، ولن أتعالج فكل أمور حياتي معقدة ومحبِطة، يوجد لدي تشويش في التفكير مع قلق وتوتر دائمين من غير أي سبب مع اضطرابات في المعدة وغازات وبراز أقرب إلى الإسهال.

- اكتئاب وانطواء.

- أستغرب كيف يضحك الناس.

- رهاب اجتماعي.

- عدم الرغبة بالقيام بأبسط الأعمال.

- كسل وخمول، كثرة التعرق.

- شد في العضلات مع تعب دائم.

- سرعة دقات القلب، وأشعر بها في رأسي.

- أجد صعوبة في نطق حرف العين.

- أصعب كل الأمور، وأحس بأنها مشاكل، فالحياة في نظري مجموعة من المشاكل التي تحتاج إلى حلول، لا أحس بطعم الحياة فالقلق والوساوس تسيطر علي كل شيء يقلقني، وأتشاءم من كل شيء، لا أشعر بالطمأنينة والارتياح لا جسديا ولا نفسيا.

- أشعر بالقلق والهم الشديدين إذا كلفت بأبسط الأعمال، فإذا كان هنالك أمر يهمني لا أستطيع أن أواجهه وأتخلص منه.

- الاهتمام بصغائر الأمور.

- إذا استشرت شخصاً في مرضي أشعر بالذنب؛ لأنني قد أريته نقاط ضعفي.

- آلام في المفاصل ناتجة عن الأرق، وعدم الارتياح فأنا أستيقظ من النوم، وأنا تعبان مع أن نومي ثقيل جدا، وساوس محبطة مع قلق، إذا كنت أريد القيام بأي عمل وإلا فتتحول إلى وساوس تدعو إلى الجنس فهي تتكرر بكثرة، ويستحيل التحكم بها؛ فعندي رغبة جنسية زائدة، أحيانا يمكنني أن أمارس العادة السرية أكثر من 3 مرات في اليوم فأعضائي التناسلية تشد لا إراديا مع الوساوس الداعمة لها، وألم المعدة الذي لا يهدأ إلا بعد ممارسة العادة السرية.

أحيانا أشعر بثقل في الجسم، وخاصة في أعلى الرأس، لا أستطيع أن أبكي، أتمنى أن أبكي وحينها أشعر بأن شيئا في حلقي يمنعني من البكاء.

لا أستطيع احتمال أي موقف مثير حتى العاب الكمبيوتر تتعبني جدا تنعكس أي إثارة تواجهني إلى اضطراب في المعدة في نفس اللحظة، كثرة التثاؤب، ضيق في التنفس، برودة وتنميل في الأطراف وقشعريرة أحيانا في كل أنحاء الجسم.

ملاحظات:
كانت لديّ أعراض انطواء، وعدم ثقة بالنفس منذ الصغر، ولكنها تطورت إلى هذه الدرجة منذ البلوغ تدريجياً.

قبل المرض كنت متفوقاً في دراستي، فقد كنت الأول على الفصل دائماً، لم أرضع ولا مرة في حياتي بسبب مرض أمي عند ولادتي.

إذا استشرت أحدا في مرضي أشعر بالذنب لأنني قد أريته نقاط ضعفي، ليس عندي أي مرض عضوي -والحمد لله-.

أرجو شاكراً تفهم حالتي، ووصف العقاقير الدوائية المناسبة مع طريقة استعمالها.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرازق الحاج محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد اطلعتُ واستعرضتُ رسالتك الواضحة بذاتها، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

أعراضك يمكن أن نقسمها إلى أربع مجموعات: لديك أعراض قلق نفسي واضحة، لديك أعراض اكتئابية من درجة البسيطة إلى المتوسطة، ولديك مخاوف، وكذلك لديك وساوس.

هذه المكونات الأربعة أرجو ألا تنزعج لها، فهي ليست أمراضا مختلفة، إنما هي مجموعة من الأعراض المتداخلة كوّنت هذه الجزئيات، وهذه نعتبرها جزءا مما نسميه بالاضطرابات الوجدانية، وذلك حسب التشخيصات العالمية للحالات النفسية والذهانية.

حالتك - إن شاء الله تعالى – يمكن أن نحصرها فيما نسميه بالقلق الاكتئابي، وحقيقة هذه الحالات يمكن علاجها، لكن الأمر يتطلب منك الاستبصار والجدية، وأن تقتنع قناعة مطلقة أن الله تعالى قد حباك بمقدرات فيها ما هو ظاهر وفيها ما هو مختبئ في داخل نفسك، وأنت من أجل التغيير يجب أن تحرك نفسك لتستفيد مما هو ظاهر من طاقة ومما هو مختبئ، لأن الإنسان هو الذي يغير نفسه، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} اجعل ذلك شعارًا تهتدي به وتقتدي به، وفي نهاية الأمر - إن شاء الله تعالى – سوف تنجح.

الأعراض النفسية من هذا النوع يجب أن تعامل بما هو مضاد لها، لا تقبلها، لا تجعلها جزءا من حياتك أبدًا، نعم هي تفرض نفسها عليك، لكنك أنت يمكن أن تفرض ذاتك عليها، وهذا أقوى، وهذا أفضل، أنت شاب أنت مقتدر، أنت مؤهل، لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، لماذا لا تنظر لنفسك على هذا المنوال؟

إذن أنت مطالب بما نسميه بالتفكير المعرفي الإيجابي، لتستبدل الفكر السلبي بهذه الأفكار المعرفية الجديدة. هذا أولاً.

ثانيًا: أنصحك بإدارة العمل وإدارته بصورة صحيحة.

ثالثًا: لا تنعزل مع الكمبيوتر، فهنالك الإدمان للإنترنت وهناك إدمان الكمبيوتر، وهو يجعل الذات تنطوي على ذاتها، ويُحد ويقلل من مهارات الإنسان الحياتية، قد تكتسب مهارات كثيرة من خلال الكمبيوتر، ولكنك سوف تفتقد مهارات أجمل وأفضل وأوسع، ومن يتعامل مع الكمبيوتر أكثر من ثلاث ساعات في اليوم إذا لم تكن هناك ضرورة عمل فهذا ربما يدخل في نطاق الإدمان، فأرجو الحذر.

رابعًا: ممارسة الرياضة تعتبر مهمة، والرياضة تقوي النفوس كما تقوي الأجسام.

النقطة الأخيرة والمهمة جدًّا، هي أنك في حاجة لعلاجات دوائية، والأدوية كثيرة، من أفضلها عقار يعرف علميًا باسم (سيرترالين) هكذا يسمى في السودان، له مسميات تجارية مشهورة منها (زولفت) و(لسترال) لكن ربما تجده تحت مسمى تجاري آخر، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ويجب أن تتناول الدواء بعد الأكل، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام – استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وهناك دواء آخر يعرف باسم (ديناكسيت) وهو متوفر في السودان، يمكنك أن تتناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر.

هذه أدوية سليمة، فاعلة، ممتازة، سوف تحس بنتائجها العلاجية بعد شهرين كاملين من مواصلة الدواء، لذا ننصحك بالالتزام القاطع بالجرعة الدوائية.

موضوع العادة السرية يجب أن تحسمه، النفس لابد أن تُلجم، لابد أن يكون الإنسان واضحًا مع ذاته، ولا يقبل شوائبها. العادة السرية مُقيتة، سيئة، تزيد من القلق، تُضعف التركيز، تجعل الإنسان مكبلاً ومنحصرًا في ذاته، تولِّد خيالات جنسية وغير جنسية مضطربة ومريضة، وفوق ذلك تخل بعد ذلك في المعاشرة الجنسية الزوجية في المستقبل.

أيها الفاضل الكريم: إذا أتيحت لك فرصة أن تقابل أحد الأخوة الأطباء النفسانيين في السودان فهذا طيب، هنالك الأخ البروفيسور (عبد العزيز أحمد عمر) رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الخرطوم كلية الطب، إذا أتيحت لك فرصة لمقابلته فستجد منه - إن شاء الله تعالى – كل عون ومساعدة. وهنالك زملاء كثر في السودان، إن كنت لا تقطن في الخرطوم فقابل الطبيب النفسي في البلد الذي تعيش فيه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net