لا أعلم من أرضي خطيبي أم نفسي أم أهلي؟ أرجو الإفادة.

2013-03-20 03:45:37 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع المفيد.

أنا فتاة عمري 20 عاماً، من عائلة محافظة -والحمد لله-، أحفظ من كتاب الله النصف تقريباً، وطالبة في كلية الطب، منذ ثلاث سنوات انتقلنا للعيش في بلد آخر، والتقينا بأصدقاء للعائلة، ابنهم أعجب بي وبكلام أمه وإخوته عني، فكلمني عن طريق الماسنجر لفترة وبعدها تعلقت به، ومنذ سنة تقريباً تقدم لخطبتي، وبما أنه من عائلة محترمة ومن نفس بلدنا ومستوانا الاجتماعي قبل به أهلي.

قبل الخطوبة علمت أمي بأنه يكلمني فغضبت مني وحدثت مشكلة كبيرة، ووعدتها أن لا أكلمه ثانية، وفعلاً فعلت إلا أنها حتى الآن وبعد الخطوبة تسمعني كلاماً، فمثلاً تقول لي: لم أتوقع منك هكذا تصرف أو إذا تعسرت بعض الأمور في خطبتنا تقول هذا من نياتكم السيئة.

علاقتي بأمي رائعة وهي مثل صديقتي لكن كلامها يجرحني، أنا الآن بعيدة عن أهلي وخطيبي لأني أدرس الطب في بلد آخر، وصلت لحالة من الاكتئاب أني لم أعد أريد التحدث لأمي ولا حتى السفر إليهم، كما أن أبي بعد الخطوبة بدأت عنده غيرة من خطيبي بشكل سيء، فصار يسمعني عنه كلاماً ولم أر أحدا في العائلة أعجبه الوضع.

الآن خطيبي مصر على عقد القران، وأهلي يريدون أن أكمل سنوات دراستي ويكمل خطيبي دراسته احتجاجا بأن عقد القران لفترة طويلة ليس جيدا، وكما أنهم يعارضون فكرة أن يتصل بي أو نكلم بعضنا حتى على الإيميل، ولكن لا نستطيع لأني هنا في غربة ليس لي أحد لأكلمه وهو يبقى باله مشغول، كما أننا متعلقان ببعضنا بطريقة غريبة، والحب الذي بيننا لا يمكن وصفه - والحمد لله- ، منذ فترة كان يلح علي بأن يراني سواء بمكالمة فيديو أو غيرها، وكنت أحيانا أستجيب له بعد عناد طويل وذلك حتى لا أجرحه، ولكن من تقريباً أسبوعين تكلمت معه عن أنه لا يجوز له أن يراني حالياً، وبعد مناقشة قال لي سأسأل شيخا ليفتيني في وضعنا الحالي أننا مللنا من أهلنا ومماطلتهم بالعقد، وهو يريد أن يراني ويكلمني، لا أدري إذا سأل أحدا ولكنه اقتنع بكلامي وقال: أنه فعلاً لا يرضي الله وامتنعنا عنه فلم يعد يراني بأي طريقة.

الآن أنا حائرة بين ماضي أني كنت أحبه ويحبني قبل الخطوبة، مع العلم أنني كلمته فقط فلم ألتق به أبدا قبلها، إنما كنت أراه أو يراني بالصدفة عندما نخرج مع أهلنا إلى مكان عام كالحدائق يراني بحجابي الشرعي (فقط يظهر الوجه والكفين)، يراني من غير أن نتكلم ومن بعيد أيضاً، مع العلم أني منقبة لأننا في بلاد يسود النقاب عندهم، لذلك وضعته مجاراة للعرف في البلد ولعدم لفت الانتباه لان النقاب غير معروف كثيراً في وطننا.

لا أعلم ماذا أفعل؟ من أسبوع تكلمت مع أبي قلت له: بأني أريد فسخ الخطوبة لأني تعبت من تصرفاتهم معي ومع خطيبي، حيث لا يفتأ أبي يصدر الأوامر والتوجيهات له ويشعره بأنه غير مرغوب فيه، بعد أن كلمته هدأني وقال لي: أن الذي أريده سوف يكون، ولكن أعلم أنه مجرد كلام ولن يعقدوا قراننا إلا بعد سنوات، وكما أننا لا نستطيع ترك التكلم مع بعضنا، وخطيبي حاليا نفسيته سيئة ﻷنه متعلق بي كثيراً فلا يستوعب فكرة أن لا يكلمني كل يوم أو أن لا يراني تعبت كثيرا.

من أرضي خطيبي أم نفسي أم أهلي؟ أرجو الإفادة وما علي فعله ﻷنني محتارة فعلاً، هل أفسخ خطبتي وأضحي بكل الحب والتضحية التي قدمها لي ومستقبلا أرتبط بإنسان لا يعرفني ولا أعرفه حتى ترتاح أمي وأهلي؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك هذا الحرص على الخير، وهنيئاً لنا بمن تحفظ نصف القرآن وتحرص على طاعة مالك الأكوان، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير ثم يرضيكم به، وأرجو أن تعلمي أنك مطالبة بإرضاء الله تبارك وتعالى وإذا أرضيتم الله تعالى فإن قلوب الوالد والوالدة والخاطب والعباد بين أصابع الرحمن يقلبها، فاجعلي همك إرضاء الله من يجعل همه رضاء الله تبارك وتعالى، وكم تمنينا أن يدرك الأهل أن هذه التدخلات بهذه الطريقة تؤثر سلباً على حياة الأبناء والبنات وإن كنا نقدر مشاعرهم وهم يتدخلون بهذه الطريقة خوفاً عليك وخوفاً على عرضه وإن كان هذا الخوف أحياناً في غير مكانه إلا أننا ينبغي أن نصطحب مشاعرهم النبيلة وحرصهم على الخير.

إذا كنت في بلد والرجل في بلد فلا مانع من أن يحصل مجرد كلام وتواصل للسؤال عن الأحوال فالخاطب يستطيع أن يكلم مخطوبته لكن يكلمها بالمعروف يكلمها في الأمور الأساسية كأن يسأل من دراستها وأحوالها وتسأل من دراسته وأحواله، أما أكثر من ذلك أن يراه وتراه أو يكون التواصل أكثر مما ذكرنا فهذا ليس في مصلحتكم أولاً وهو قبل ذلك ليس فيه رضاء لله تعالى، مما يجلب ويجر المخاطر الكثيرة على الخاطب ومخطوبته أن تحصل تجاوزات لضوابط الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تعالى به، ومن هنا فنحن نتمنى أن تكوني أنت والخاطب أحرص الناس على طاعة الله، فطالما حصل هذا الوفاق وهذا الحب وحصل هذا التفاهم فأرجو أن تكتفوا الآن بمجرد الاتصالات وبمجرد السؤال عن الأحوال، فالخطبة ماهي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها ولا التوسع معها في الكلام الذي لا يصلح إلا بين الأزواج، وكون الشاب رأكِ هذا كاف وليس من حقه أن يطالب بأن يراك ويرى صورتك أو تتواصلي معه بالصوت والصورة كما يفعل بعض الناس عبر النت، فإن هذا لا نشجعه ولا نؤيده، - والحمد لله- فهمنا من السؤال أنه غير هذه الفكرة لأنه وجد من يفتي بأن ذلك لا يجوز ويبدو أنه ارتدع وتوقف عن هذا الأمر وهذا - ولله الحمد- في حد ذاته مطلب طيب ودليل على حرصه على الخير.

عليك إرضاء الأهل وتحمل ما يرصد منهم من كلام وأنت أخطأت عندما أخبرت بأنه كان بينكما تواصل، فإن الإنسان ينبغي أن يستر على نفسه، وأن لا يخبر أهله بما كان بينه وبين الخاطب من اتصال أو طرائق للتعارف وإن كان يوجد خطأ نستغفر بيننا وبين الله تعالى، أما أن تعلمي الأم وتعلمي الأهل فإن هذا سوف يكون مصدر إزعاج وعليك أن تحملي هذه النتائج وكلام الوالدة وغيرة الوالد وإلى غير ذلك هذه أمور وعقبات في الطريق لا ترقى لمستوى أن تفسخي الخطبة لأجل هذا السبب، نحن ندعوك إلى الاستمرار في هذه الخطبة وندعوكم إلى أن تتقيدوا بالأحكام الشريعة بخصوص الخاطب والمخطوبة التي نكتفي فيها بالسؤال والكلام العادي، والكلام الذي تعلق بالمستقبل دون الكلام العاطفي الذي فيه مصلحتك ولا مصلحته ولا من ناحية العبادة، ولا من ناحية الدراسة وإذا كنت أنت له وهو لك فلماذا لا تصبرون وتنتظرون قليلاً، ولا نرى طبعاً مانعا من أن يعقد عقد القران، هناك سوف تكون له مساحة أكبر لكن أيضا ستظل مسألة إعلان هذا الزواج ومسألة تحديد هذا الزواج وهذا كله الأسر تحرص عليه لمصلحة بناتها، فإنه يوجد من يعقد على الفتاة وبعد سنوات يطلقها أيضا هذا يجعل الأهل خلاف ما لو طلقها وهي مخطوبة ولكن إذا طلقها بعد الزواج فإن هذا يفتح أبوابا وربما يقابل في هذه الفترة فيحصل بينهما ما يحصل بين الأزواج ويترتب عليه وجود جنين وقد يتنكر لهذا الجنين أو نسبته لنفسه وقد يبدأ الناس يتكلمون بعرض هذه الفتاة التي حملت قبل أن يعلن هذا الزواج، فإذن هنالك أشياء لا بد أن نراعي فيها أعراف الناس أيضا وهذا هو مكان ومصدر خوف الوالد والوالدة أن يحصل لقاء في الخفاء وأن يحصل ما هو أكثر من ذلك، ولذلك ينبغي أن تقدري المشاعر من قبل الوالد والوالدة التي دافعها في الغالب هو الخير ونتمنى أن تتقيدوا في كل تصرفاتكم بأحكام وآداب هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تعالى به.

أكرر نحن لا نؤيد فكرة فسخ الخطبة من أجل هذا السبب وعليك أن تصبري وتطلبي من الشاب أن يصبر ولست أدري كم تبقت لكما سنوات في طريق الطلب، ولا نظن أن الزواج عائق في إكمال التعليم ولكن في كل حال عليكم أن تسددوا وتوازنوا في مثل هذه الأمور، وسوف نكون سعداء إذا جاءتنا تفاصيل ونكرر دعوتنا إلى عدم فسخ هذه الخطبة، بل إكمال هذا المشوار.

نسأل الله لكم التوفيق والسداد كما قلنا قدموا طاعة الله واصبروا على ما يأتيكم من الأهل واجتهدوا في أن يكون هذا الأمر وكل حركة وسكنة محكومة بضوابط وأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تعالى به، والصواب أن يترك لكم الأهل الفرصة ليس بمجرد العقد ولكن لزواج كامل ودخول كامل ثم بعد ذلك تكملوا الدراسة ولكن إذا كان هذا لا يتأتى لعادات الناس وتقاليدهم بكل أسف فأرجو أن تتزودوا بالصبر وتحتكموا بهذا الشرع.

ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

www.islamweb.net