خطبت فتاة ثم اكتشفت أن لديها جنفًا في العمود الفقري .. فبم تنصحوني؟

2013-03-24 00:50:22 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطبت لي أمي فتاة قريبة لها إلى حد ما، وبالفعل حددنا موعدًا للزواج، وتقاربت الأسرتان، وجلست مع البنت وتكلمت معها، فأعجبتني في الجلسة! وقررت أن أكمل المشوار بعد الاستخارة، وبعد أيام اكتشفت أن في البنت عيبًا جسديًا في عمودها الفقري - عبارة عن انحناء في العمود الفقري بزاوية معينة - يسمى جنفاً، لكنه ليس واضحًا للعيان إلى حدٍ كبير، ولكن يمكن اكتشافه للمدقق بسهولة، المهم أنني بحثت عن هذا العيب في الإنترنت، وأزعجني كثيرًا جدًا جدًا، وأصبح العيب هذا مشكلة بالنسبة لي وبالنسبة لها، وبدأت الفتاة تذهب عند دكاترة وتبحث في هذا العيب، وبصراحة كان الأمر بالنسبة لي مزعجًا نفسيًا إلى أقصى حد، فأنا إنسان في بداية حياتي العاطفية، وقد حُرِمْتُ كثيرًا من هذه الحياة، واشتقت وتعطشت لها كثيرًا، وبعد ذلك أصبحت مشوش التفكير جدًا، وعملت أكثر من استخارة، وفي النهاية قررت أن أكمل مع الفتاة دون أن أتيقن من شعوري تجاهها.

خطبتها، وبعد الخطبة جاءتني فرصة السفر والعمل في الخارج، وأنا الآن متأزم نفسيًا لدرجة كبيرة! لا أشعر بالسعادة التي من المفترض أن يشعر بها أي إنسان آخر في هذه الفترة! علمًا أني أديت الاستخارة أكثر من مرة، وبعد ذلك اطمأن قلبي للاستمرار فترة، ثم عدت إلى الحيرة والتردد مرة أخرى.

بالنسبة للبنت هي خلوقة وملتزمة ومن عائلة مرموقة، وجمالها جيد، لكن المشكلة في العيب الجسدي الذي كثيرًا ما قرأت عنه، وأشعر أنه يمكن أن يؤثر على الحمل أو عليها، ويكلفني الكثير من المعاناة، وقد اختلف الدكاترة في أمرها، فمنهم من أكد ألا تأثير من ذلك على الحمل، ومنهم من شكك في ذلك، أضف إلى ذلك أن مشاعري ناحيتها مشوشة، وأحيانًا أشعر أني أريدها، وأحيانًا أخشى أن أتركها ولا أجد فتاة أو بديلًا آخر.

أنا - يا آبائي - قد بلغ بي الصبر أشده ومنتهاه، ولست مستعدًا أن أطيل في حياة العزوبية، فقد تكالبت علي همومها، وزاد عوزي للحياة العاطفية والجنسية إلى حد كبير، فأنا أمارس العادة السرية على فترات متباعدة أحيانًا، ومتقاربة أحيانًا أخرى.

الذي أستطيع أن أقوله لكم: أن الله وحده أعلم بمدى عذابي في سويعات النوم التي أتمنى فيها هدوء أركاني، وإشباع رغباتي، ويعلم مدى عذابي عندما أرى الأحبة والأزواج مع بعضهم البعض، وأنا محروم من ذلك!! مع العلم أني أُرْهِقتُ نفسيًا من هذه المشكلة مع خطيبتي.

أمنيتي أن أبدأ حياة حب وعشق ... ومن هذا الكلام، ويرهقني أيضًا مدى عشق هذه الفتاة لي، وتفانيها في محاولات إسعادي، بينما أنا غير قادر على مبادلتها نفس الشعور، إلا في أوقات نادرة!

أرجوكم أجيبوني باستفاضة تشفي قلبي، أجيبوني بتعاليم الدين، أو بعلم الطب، أو بالمفاهيم النفسية والعاطفية .. أيًا كانت .. فها هنا ابن لكم جميعًا فعالجوه!

آسف على طول السرد.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: نرحب بك - ابننا الكريم - في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال، ونسأل الله - تعالى - أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

ونحن على يقين أن الوالدة لن تختار لك إلا الخير، والزواج عن طريق الوالدة هو ما يسمى بالزواج التقليدي، أو عن طريق المعارف من هذه الدائرة الأولى والمهمة، وهي من أنجح أنواع الزيجات، وكون الفتاة ملتزمة وخلوقة وجميلة وفيها هذه الصفات، فهذه الصفات حاسمة وأساسية، وأرجو أن تنظر معنا إلى الموضوع بطريقة عامة، فإنك لا يمكن أن تجد امرأة بلا عيوب، امرأة كاملة من كل الجوانب، كما لا يمكن أن نجد رجلًا ليس فيه عيبًا، وليس فيه نقصًا، ولذلك ينبغي أن ننتبه إلى هذا الجانب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينبه بإشارة لطيفة بقوله: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر).

فطالما حصل الانشراح، وحصل السرور، وحصل القبول من الطرفين، فأرجو أن لا تلتفت لمثل هذه الأمور، لأن أي إنسان لو بحث في شريكة حياته، أو بحثت فيه سيجد كل منهما عيوبًا يتمنى لو كانت غير موجودة، وطالما كان هذا الأمر خليقي وطبيعي، فلن يكون له تأثير كبير - بحول الله وقوته - وكل من خلقه الله - تعالى – جميل، وهذه الأمور أرجو أن لا تقف عندها طويلاً، وقطعاً الأطباء لهم رأي، لكن نحن مع الرأي الذي يبين أن الله - تعالى - يهيئ مثل هذه الأمور، فمن الناس من هم مقعدون، ومن النساء من هن في ظروف أصعب، ومنهم من يريد أطفالًا في كامل العافية، وفي كامل الصحة، فأرجو أن لا تعطي هذه الأمور أكبر من حجمها، خاصة وأنت تقول: أن هذا العيب لا يظهر إلا بالتدقيق، أي بعد أن يدقق الإنسان، وهذا قطعًا دليل على أن العيب ليس بالكبير، وليس بالظاهر، وعلى كل حال، فإننا نعود إلى المسألة الأولى، فالإنسان لا بد أن يأخذ الإيجابيات مع السلبيات، لا بد أن ينظر بعينين وليس بعين واحدة، وعلى كل حال فإننا نرى أن تكمل هذا المشوار، وتدرك نفسك وتتزوج وتقبل على زوجتك.

كما ندعوك إلى أن تتعوذ بالله من الشيطان الذي همه- أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله – همه أن يحزن أهل الإيمان، فالشيطان لا يقف في طريق من يريد الفواحش، لكنه يشوش على من يريد العفة والطهر والرباط الشرعي الواضح؛ ولذلك أرجو أن تسير في هذا الاتجاه، وحاول أن تحصر إيجابيات الفتاة، وتقبل عليها كما أقبلت عليك، وندعوك أن تسرع بإكمال هذا المشوار، والسير في هذا الطريق، ولا مانع بعد ذلك من مشاورة بعض الأطباء؛ بشرط: أن يكون عندهم كفاءة عالية، وقدرة عالية، فإننا مع احترامنا للأطباء، إلا أن بعضهم يتسرع، ومع احترامنا للإنترنت فكل إنسان يستطيع أن يكتب ما يريد، لكن أين الحق؟ وأين ما هو صواب؟ وأين ما هو صحيح؟ فمثل هذا لا بد أن يكون في مواقع محكمة، وجهات علمية لها قواعد تبني عليها المعلومة التي تذكرها، وبالتالي فنحن لا نؤيد فكرة البحث هنا وهناك، وتوسيع المسألة وإعطائها أكبر من حجمها، فالدين يبني على الأمور الأساسية، فإذا وجد القبول، ووجد الرضى والميل والإعجاب من الطرفين عند ذلك نقول: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ونسأل الله -تعالى - أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يعينك على بر الوالدة والإحسان إليها، وهذا من الإحسان إليها، بل هذا من أبواب النجاح السعيدة، أن تجد صاحبة خلق ودين من عائلة طيبة وجميلة ترضاها الأم، بل الأم هي التي اختارتها.

فنسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك القادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة المستشار: د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤن الأسرية والتربوية
وتليها إجابة المستشارة: د. رغدة عكاشة استشارية أمراض النساء والتوليد وأمراض العقم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجنف هو: عبارة عن انحناء في العمود الفقري, ويحدث في الإناث بنسبة أعلى بكثير من الذكور, وأسبابه مختلفة, فقد يكون الجنف موجودًا بشكل خلقي أي: منذ الطفولة, أو قد يكون مكتسبًا بسبب بعض الأمراض العظمية والعضلية, أو قد يظهر بدون سبب واضح, وهنا نسميه بـ (مجهول السبب), وهذا النوع هو: الأكثر حدوثًا, وعادة ما تثبت الحالة عند عمر 25 سنة, بمعنى أنها تستقر ولا تزداد بعد ذلك العمر, - إن شاء الله -.

بشكل عام أقول: إن الجنف لا يؤثر على خصوبة المرأة, فمراحل البلوغ تحدث بشكل طبيعي, وتكون الدورة الشهرية والخصوبة طبيعية تمامًا عند الفتاة المصابة بالجنف كالفتاة السليمة.

أما بالنسبة للحمل والولادة: فإن كانت حالة الجنف خفيفة أو متوسطة, فإن الحمل والولادة يمكن أن يحدث بشكل طبيعي، ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق, وأما في حال كانت حالة الجنف شديدة, فالخصوبة أيضًا لا تتأثر, لكن خلال الحمل, وبسبب ضيق القفص الصدري, فقد يحدث ضغط على رئتي الأم، خاصة في الأشهر الأخيرة عند ما يصبح الرحم بحجم كبير, فيحدث ضيق في التنفس قد يكون شديدًا, كما أن الولادة في حالات الجنف الشديد, غالبًا ما تكون عن طريق عملية قيصرية.

ولقد جاء في رسالتك- أيها الأخ الفاضل -أن حالة الجنف عند هذه الفتاة هي من الدرجة الخفيفة؛ لذلك فالمتوقع هو: ألا يكون لها أي تأثير، لا على الخصوبة, ولا على الحمل والولادة - بإذن الله تعالى - هذا ما تقوله الأبحاث والدراسات التي بين أيدينا لغاية الآن, ويبقى فوق كل ذي علم عليم.

وأحب أن أقول لك - أيها الفاضل - أن الحمل والإنجاب هما جزء من الرزق الذي كتبه الله للعبد, ولا أحد يعرف مقدار رزقه, فحتى لو كان الزوجان طبيعيين تمامًا, فقد لا يرزقان بالإنجاب, وأن ما نسبته تقريبًا 10% -15% من حالات العقم التي نراها, هي حالات عقم غير مفسرة, أي: هي عبارة عن حالات يكون فيها الزوجان طبيعيين تمامًا من ناحية الشكل والخصوبة, ومع ذلك لا يحدث الحمل عند الزوجة, وبمعنى أوضح أقول لك: أن زواجك من فتاة تبدو طبيعية الشكل، وغير مصابة بالجنف, لا يعتبر ضمانًا لك للإنجاب, وعندما تراودك الظنون والمخاوف, تذكر قول الحق - عز وجل - في محكم كتابه الكريم: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم).

نتمنى لك كل التوفيق، ودوام الصحة والعافية.

www.islamweb.net