الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقبل أن نتحدث عن الحبوب أو العلاج الدوائي أقول لك: هذا الخوف الظرفي الاجتماعي وما يعقبه من تسارع في ضربات القلب، والاستفراغ، أو الشعور بالغثيان والغصة، هذا هو المكون العضوي أو الجسدي أو الفسيولوجي للخوف أو القلق الاجتماعي، وانحصر قلقك في عرض نفسي جسدي يتعلق بالجهاز الهضمي، وأصبح الأمر نمطًا وسواسيًا، وهذه الحالات تعالج من خلال تحقير الفكرة ذاتها – هذا مهم جدًّا – وألا تصر على الربط ما بين الاستفراغ والمواجهات الاجتماعية، وما حدث في الماضي ليس من الضروري أن يحدث في المستقبل.
تعامل مع الأمر على هذا السياق، وعليك أن تُكثر من المواجهات الاجتماعية، ضع برنامجًا يوميًا تواجه فيه مواجهات اجتماعية، على الأقل تكون هنالك خمسة أنشطة في اليوم، حتى وإن كانت هذه الأنشطة أنشطة بسيطة.
مثلاً النشاط الأول: هو أن تذهب إلى مناسبة ما.
الثاني: أن تذهب وتزور مريضًا في مستشفى، وتحادثه، وتواسيه، خاصة إذا كان معه زوّار آخرون، سوف تكون فرصة طيبة لأن تُبرز نفسك في هذا الموقف الاجتماعي.
الثالث: بالطبع يجب أن تكون حريصًا على صلواتك في المسجد، لكني أريدك أن تصلي على الأقل أحد الفروض خلف الإمام تمامًا وفي مسجد كبير، وضع في تفكيرك أنك سوف تنيب عن الإمام إذا طرأ له طارئ.
الرابع: أن تذهب مثلاً إلى السوق، وتتجول في أحد المتاجر، وتسأل البائع هنا وهناك أمام بقية الزبائن، وهكذا.
الخامس: ممارسة رياضة جماعية -مثلاً- مع بعض الأصدقاء ككرة القدم مثلاً.
أخِي الكريم: التعريض النفسي مهم جدًّا، والتعريض النفسي يُقلص تمامًا المخاوف، وهذا يسمى بالتحصين التدريجي، مع ضرورة تجاهل أمر الغثيان أو الاستفراغ، وإن حدث فيما مضى ليس من الضروري أن يحدث الآن.
وأوقف نفسك تمامًا عن موضوع الذهاب إلى الحمام، بل أنصحك أن تحاول أن تتناول أطعمة في بعض الأحيان في مكان لا يوجد فيه حمام؛ لأن وجوده وسيلة للاستجابة للمخاوف، أنت تعرف أن الحمام حولك موجود أو في المكان الذي أنت فيه، هذا من الناحية السيكولوجية والنفسية يُعضد ويوطد ويقوي الفعل السلوكي السلبي، فحاول أن تستطعم في مكان تعرف أنه لا يمكن أن تجد فيه حماما (مثلاً) وهكذا.
أيها الفاضل الكريم: تمارين الاسترخاء مهمة جدًّا لك، هذه التمارين بكل أسف الكثير من الناس لا يعطيها الاعتبار الضروري، لكن الأبحاث تشير إلى فائدتها المطلقة في إزالة هذه المخاوف بجميع أنواعها؛ لأن المخاوف أصلاً المكوّن القلقي فيها كبير جدًّا، وأرجو أن ترجع استشارة بموقعنا تحت رقم (
2136015) وستجد فيها - إن شاء الله تعالى – ما يفيدك، وإذا داومت على تطبيقها فهذا جيد.
يجب أن تلجأ إلى اللقاءات الاجتماعية، والتفاعلات الاجتماعية الجماعية، وحضور حلقات تلاوة القرآن، وممارسة الرياضة –كما قلنا الجماعية- وحضور مناسبات الناس والإصرار عليها كما ذكرنا ذلك، والانخراط في أي عمل خيري أو اجتماعي أو ثقافي؛ هذه كلها مهمة وضرورية جدًّا، ومنافعها كثيرة، وفي ذات الوقت تروض النفس على أن يتقبل المواجهات الاجتماعية.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت لم تذكر عمرك، وأنا أقول لك: إذا كان عمرك عشرين عامًا أو أكثر فلا مانع من أن تتناول السبرالكس، والذي يُعرف علميًا باسم (استالوبرام) ابدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميًا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، وهذه جرعة كافية جدًّا بالنسبة لك، بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام –أي نصف حبة– يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما الدواء الآخر فهو الإندرال والذي يمكن أن تستعمله لفترة شهرين متواصلين أو عند اللزوم، وأعتقد أن استعماله المتواصل أفضل، والجرعة هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً.
أوضحنا لك كل ما تريد، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.