أمي تعاني من مرض الاضطراب الوجداني، فكيف نتعامل معها؟

2013-09-04 01:01:38 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمي تعاني من مرض اسمه الاضطراب الوجداني، ونحن نعاني من كيفية التعامل معها، لأنها تكون معنا طبيعية، وبعدها تنتكس وتصبح شخصا آخر لا نستطيع التعامل معه.

السؤال هو:
كيف نستطيع التعامل معها عند النكسة؟ وكيف نستطيع إقناعها بأخذ الأدوية والذهاب للمستشفى؟ وهل يوجد علاج دائم لحالتها؟ وهل يوجد علاج نفسي دون أدوية؟

وشكرا لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الاضطراب الوجداني: هو مرض نفسي معروف، ويعتبر من الأمراض النفسية الرئيسية، وله عدة أنواع، - والحمد لله تعالى - الآن يمكن علاجه بنسبة كبيرة جدًّا، بشرط أن يكون هنالك تدخل طبي نفسي مبكر، وأن تكون هنالك متابعة مع الطبيب المختص، وأن يلتزم المريض بتناول الدواء المقرر من قبل الطبيب المختص.

المرض في الأصل هو مرض يتعلق بمزاج الإنسان، وكلمة (وجداني) يعني المزاجي، لذا نجد هنالك نوبات من الاكتئاب الشديد في بعض الأحيان أو المتوسط، وتعقبها نوبات من الانشراح، أو قد يصل هذا الانشراح لمرحلة الهوس، وهنا تكون الانتكاسة انتكاسة حقيقية، فهذه النوبات تتفاوت من إنسان إلى آخر، وليس من الضروري أبدًا أن تكون منتظمة.

والعلاج في الأساس هو علاج دوائي، لأن الاضطراب الوجداني هو مرض بيولوجي في المقام الأول، وأقصد ببيولوجي أنه متعلق باضطراب مكونات ومواد معينة في الدماغ لا يعرف سبب هذا الاضطراب بالتحديد، ولكن - الحمد لله تعالى - الآن أصبحت هنالك أدوية ممتازة جدًّا، أدوية مثبتة للمزاج، وأدوية مضادة لنوبات الهوس، وهي معروفة لدى الأطباء.

المريض الذي يُصاب بهذا المرض غالبًا يرفض العلاج حين يكون في وضع انتكاسي، وحين تنتابه الأعراض الهوسية على وجه الخصوص، وفي هذه الحالة قطعًا يجب إعطاؤها الإبر العلاجية والتي ربما تكون الوسيلة الوحيدة، وبعد أن تتحسن حالة المريض، ومن خلال بناء علاقات طيبة مع طبيبه المعالج يمكن إقناعه بتناول الأدوية، ولا بد أن يكون هنالك أحد أفراد الأسرة على الأقل يساعد المريض ويتعامل معه بلطف ومساندة، - وإن شاء الله تعالى - يقنعه بتناول العلاج، ومن المهم جدًّا أن لا نشعر المريض بأنه ضعيف، أو أنه أقل من الآخرين، أو حتى أنه مريض نفسيًا، فيجب أن لا نشعره بذلك، بل نستشيره، ونجعله يشارك في الأمور الحياتية، وأعتقد أن هنالك فرصة طيبة بالنسبة لكم أن تُشعروا والدتكم بهذه الأمور.

التعامل مع المريض في أثناء النكسة، (ونتمنى ألا تحدث نكسة):

أولاً: أن من يتناول الدواء بانتظام تقل نسبة حدوث النكسات عنده بنسبة تسعين بالمائة، وهذه نسبة عالية جدًّا.

ثانيا: عند حدوث النكسة للمريض يجب أن يؤخذ مباشرة للطبيب، ويجب ألا يكون هنالك أي نوع من التهاون، وأن يُعطى العلاج، وكما ذكرت فهؤلاء المرضى إذا رفضوا العلاج؛ يمكن إعطاؤهم نوعًا من الإبر - معروفة لدى الأطباء -، وحتى الذين لا ينتظمون على العلاج بصورة جدية يمكن إعطاؤهم إبر طويلة المدى، مرة واحدة كل أسبوعين، أو كل ثلاثة أسابيع، أو كل أربعة أسابيع، حسب نوعية الإبرة وشدة المرض، فالأمور واضحة، والعلاج متوفر.

أما بالنسبة للعلاجات الأخرى غير العلاج الدوائي:

أقول لك: بأن العلاج الدوائي هو أهم علاج، فهو يمثل ثمانين بالمائة مما هو مطلوب في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، أما بقية العلاجات فقد ذكرتها لك، وهي:

• المساندة، والتعامل بلطف، وإشعار المريض بأنه عضو فعال في الأسرة، وأن نساعد المريض في أن يتأهل من خلال المشاركة، فمثلاً: والدتك يجب أن تتاح لها الفرصة لأن تلعب دور الأم، من حيث ترتيب المنزل، وتجهيزه، المشاركة في إرشاد أفراد الأسرة الآخرين، (وهكذا)، فإشعارها بهذا الوضع يعطيها حافزًا نفسيًا كبيرًا جدًّا.

• ومن أفضل أنواع المساندة أيضًا هي المداومة على مراجعة الطبيب.

• قطعًا الحرص على الصلوات في وقتها.

• حضور المحاضرات الدينية.

• زيارة الأرحام.

• الدخول في أي نشاط اجتماعي.

وهذا كله يمثل دافعًا وحافزًا علاجيًا.

وبالنسبة لسؤالك: هل يوجد علاج دائم؟

أقول: إن الاضطراب الوجداني من الأمراض التي تتطلب أن يتناول المريض الدواء لفترة طويلة جدًّا، وربما يكون مدى الحياة، خاصة إذا كان المريض قد حدثت له أكثر من ثلاث انتكاسات، وأنا أعرف مرضى يتناولون أدويتهم منذ ثلاثين وأربعين سنة دون أية مشاكل، ودون أي انتكاسات، وحياتهم طيبة ومستقرة، وكلها فعالية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لها الشفاء والعافية.

www.islamweb.net