كيف أسيطر على الطلاب وأفرض احترامهم للمعلمة؟

2013-12-01 04:16:01 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

الحمد لله أني قد توظفت في مدرسة خاصة، لها قسمان، قسم بنات وقسم للأولاد، أعمل مدرسة لمادة الاجتماعيات، وهي ليست من تخصصي؛ لعدم توفر مدرس لهذه المادة في منطقتنا.

أنا أدرس صفوف السادس والسابع قسم أولاد وقسم بنات، بعد صعوبات كان مقررا لي أن أدرس السادس والسابع والثامن بنات، ولكثرة المواد اضطررت أنا والمدير أن نخفف الصفوف وأدرس السادس والسابع أولاد وبنات.

المشكلة التي أواجهها في الصف السادس (أولاد) هم مشاغبون كثيرا، ومستواهم ضعيف، مشكلتي أثناء شرحي لهم الدرس، البعض يصدر كلاما ولا ينتبه للدرس، فأنا لست عصبية، فينظرون إلي بالطيبة، وأحيانا لا أستطيع السيطرة عليهم، وأخاف أن يفصلوني بسبب أولياء أمور الطلاب لأجل مستواهم الضعيف، وعدم أدائي الواجب أمامهم، فكيف أسيطر على المشاغبة أثناء الدرس؟

وشكرا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ا.س.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونؤكد لك أن هذا السؤال يدل على حرصك، والإنسان ينبغي أن يستفيد من خبرات الآخرين، وكنا نتمنى لو أن هذا السؤال جاءنا في البداية، لأن الانطباع الأول والحصة الأولى والقواعد الأولى التي تضعها المعلمة لطلابها في الصف هي الأساس الذي يُبنى عليه، فالانطباع الأول له أثر كبير جدًّا، ودائمًا الأطفال والطلاب ينتظرون من المعلم ومن المعلمة في اليوم الأول أن تضع قواعدها، وتحدد الحدود التي ينبغي أن يلتزموا بها، والضوابط التي ينبغي أن يحرصوا على مراعاتها، والأشياء المقبولة، والأشياء المرفوضة، لأن وضوح هذا الدستور، ووضوح هذه النُظُم له أثر كبير جدًّا على انضباط الطلاب.

على كل حال فإن السيطرة على الطلاب تبدأ أولاً بالاستعانة بالله تبارك وتعالى، ثم بإشاعة العدل والاهتمام بينهم، ثم بتفنن المعلمة في استخدام لغة البدن ولغة الصوت، واستخدام هذه المهارات، والتنويع في تعليمها، وإشراكهم في الأسئلة، ومحاولة أيضًا قسم الصف بينهم ليكون التعليم تنافسيا فيما بينهم، يُقسم إلى مجموعتين، والنظر في هؤلاء المشاغبين أفرادًا، ومحاولة الحديث معهم وحدهم، فإذا شاغب طالب فبالإمكان أن تقفي وتقولي: (يا فلان بعد الدرس قابلني) ثم تكلميه وتنصحيه، وتبيني له أهمية الانتظام في الدرس، وغير ذلك من الأمور، ولا تضيعي الوقت على حساب هذا الطالب المشاغب.

نتمنى دائمًا أن تُعلني لهم عن مشاعرك، وأن تحاولي أن تتقربي منهم، وأن تعتبريهم كأنهم أبناء لك، وهذا إذا راعت المعلمة هذه الضوابط وكانت واضحة وحاسمة في مواطن الحسم، فإن هذا -إن شاء الله تعالى- سيعيد الأمور إلى نصابها وإلى صوابها.

ليس هناك داعٍ للانزعاج، ولا تحاولي إعلان عجزك عن السيطرة على الصف، وحاولي دائمًا أن تستفيدي من خبرات من سبقوك، وحاولي أن تقيمي الطلاب بنفسك، لا تأخذي انطباعات الآخرين، ولا تقولي (هؤلاء مشاغبون وهؤلاء لا يصلحون) وغير ذلك من الكلمات التي يمكن أن تترك آثارًا سالبة في نفوس الطلاب، والطلاب في هذه السن ينتفشوا وينتفخوا إذا قيل لهم (إنهم مشاغبون، وما نستطيع أن نفعل معهم شيئًا، ونحتار معهم) ولا بد أن يكون لك تواصل معهم، ومعرفة خلفيات هؤلاء الطلاب، فإن هذه وسائل تعين المعلمة على ضبط الصف.

نحب أن نؤكد على المسح البصري على الطلاب، الحرص على أن تكوني حازمة في البداية، توزيع الفرص فيما بينهم، إثارة الدافعية عندهم، إشراكهم في الإجابات، الثناء على هدوئهم، إظهار المشاعر النبيلة تجاههم، تفقد أحوالهم ومعرفة خلفيات هؤلاء الأطفال الصغار، هذه معاني كلها من شأنها أن تعين المعلم على ضبط الصف.

نؤكد لك أن هذه المشكلة لست وحدك من يعاني منها، ولكن ينبغي أن يكون لك سعي في مزيد من الثقافة ومزيد من الاهتمام ومعرفة ورصد هؤلاء الذين يتكلمون أثناء الدرس، ومحاولة فصلهم أيضًا بلطف عن بعضهم، إذا كان يكلم صديقه فلا مانع من أن يُنقل إلى مكان آخر، لأنه يحتاج إلى وقت حتى يتعرف على الجليس الجديد، بخلاف لو جلس مع أصحابه وأصدقائه، فإن هذا يفتح بابا للحديث، وحاولي أيضًا أن تشغلي الطلاب قبل أن يشغلوك، يعني لا بد أن نعطيهم من الواجبات ما يملأ وقت الحصة، ما يشغلهم بالعمل النافع.

لا بد أيضًا من دراسة أحوال هؤلاء الذين يتكلمون في الصف، فإن كانوا متميزين فهذا دليل على أن النظام التعليمي عندنا قاصر، لأنا نسير سير الضعفاء، والتلميذ المتميز يحفظ الدرس الذي يحتاج فيه الآخر إلى نصف ساعة إلى ربع ساعة، إذًا هو عنده فائض ربع ساعة، هذه الربع ساعة إما أن نشغله أو يشغلنا، فإذا فرغ الطالب من واجبه (يا صالح حفظتَ السورة؟ خلصت الواجب؟ إذًا عليك أن تُخرج لنا أحكام النون الساكنة، إذًا عليك أن تنتقل للصفحة التي بعدها، إذًا عليك كذا) أنا أعطيه واجبا إضافيا، فأشغلهم قبل أن يشغلونا.

أيضًا إن كان هذا الطالب الذي يُشاغب بعيدًا في آخر الصف فقدميه، لأنه ربما لا يسمع، ربما عنده إشكالات، وأحاول أن أعرف دوافع الخطأ، فإن الأطفال يُخطئون لأسباب كثيرة: لأنهم أطفال، لحب الظهور، يطلبون العدل والمساوة مع الآخرين، لغرض المشاغبة، لأنهم في البيت لا يجدون بعض الفرص، وعبر التواصل مع الأسر أيضًا يكون هناك عوامل كثيرة تساعد في ضبط هؤلاء الطلاب، فإن التلميذ إذا عرف أن المعلمة تعرف أمه وتعرف أخته وتعرف بيته فإنه سيعمل ألف حساب قبل أن يُقدم على أي خطوة فيها نوع من الفوضى أو نوع من الخروج عن الأشياء المطلوبة.

شجعي الطلاب على المحافظة على أدوات المدرسة، وعلى النظام، وعززي دائمًا السلوك الإيجابي، يعني لو هدئوا خمسة دقائق تُظهري الفرح وتقولي (ما شاء الله أنتم متميزون، وهكذا الطلاب، وأنا حريصة جدًّا على ذلك، والمسلم دائمًا يستمع للدرس، ويتأدب مع المعلم) أحرِّك فيهم هذه الكوامن والثوابت.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن ينفع بك البلاد والعباد، ولا مانع عندنا من أن تُرسلي استشارة مفصلة أكثر بأحوال طلاب معينين وتصرفاتهم، حتى نستطيع أن نتعامل مع كل حالة، وينكشف لنا نوع المشاغبة التي تحدث.

أما بالنسبة للكلام فهذا متوقع، ولكن إذا شغلناهم قبل أن يشغلونا، إذا حاولنا أن نعزل بعض المشاغبين عن بعضهم، يعني هناك نوع من الترتيبات التي تُعمل بهدوء.

أسعدني وأعجبني أنك لست عصبية، لأن هذا مهم جدًّا في ضبط هؤلاء الطلاب، بالعكس المعلمة العنيفة التي تحمل العصا، العصبية هذه بالعكس تهيج الطلاب، وقد يصلون إلى مرحلة يخرجون عن طوعها، بخلاف المعلمة التي تضبط أعصابها وتتعامل مع الحالات الخارجة عن النظام بهدوء، فإن هذا جزء كبير من الحل.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net