أسرفت على نفسي بالمعاصي والذنوب.. كيف أكفر عما فعلت؟

2015-06-15 04:02:43 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري (25 عامًا), كنت قد عاهدت الله عز و جل على أن أقطع التدخين، وبعض الأشياء السلبية للأسف، وكذلك الاستمرار على الصلاة، وزيادة على ذلك دعوت على نفسي بالسوء؛ لأني كنت مستعدًا للتغيير، وبعد مرور بضعة أسابيع لم أتمالك أعصابي، ومشاعري تجاه الله عز و جل حتى وجدت نفسي أدخن، من ثم ارتكبت الخطأ الأكبر، وتركت الصلاة وبدأت أغرق في الذنوب والمعاصي، حتى امتلأت غرائزي بعض الشيء، عشت أسوأ شعور، وإحساس في حياتي ( المقت، الندم، الذنب، الحيرة، عدم الوفاء والإخلاص، خيانة الأمانة).

والآن بعد أن استوعبت, يراودني شعور بعدم تقبل التوبة، أو ما إلى ذلك، لكن رغم هذا الإحساس وبفضل العزيز الغفار تبت إلى الله عز وجل؛ عدت إلى صلاتي وسأحافظ عليها -إن شاء الله- حتى مماتي، سأصوم ثلاثة أيام متقطعة، وبإذن الله سأحافظ على صيام الاثنين والخميس.

ما زلت في صراع مع التدخين، ولكن بوتيرة أقل مع ممارسة الرياضة، ولن أستسلم حتى أبتعد عنه؛ -والحمد لله- على كل حال.

أرجو منكم أن تفيدوني وتنصحوني بما يجب فعله جزاكم الله خيرًا, فكيف أكفر عما فعلت؟

وهل يعتبر من بدأ الصلاة في سن 25 شابًا نشأ في طاعة الله؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، كما نسأله تبارك وتعالى أن يتقبَّل توبتك خالصةً لوجهه الكريم، وأن يُثبِّتك عليها، وأن يجعل أعمالك كلها صالحة ومتقبَّلةً، وأن يُبيِّض وجهك يوم تبيض وجوهٌ وتسود وجوه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أُحِبُّ أن أبيِّن لك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه –وهو أصدق القائلين-: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، ويقول أيضًا: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةٍ ثمَّ يتوبون من قريبٍ فأولئك يتوب الله عليهم} ويقول: {وهو الذي يقبل التوبة عند عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} ويقول: {إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ويقول: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف}.

فإذًا – بارك الله فيك – أُحِبُّ أن أبشرك بأن الله تبارك وتعالى وعدنا ووعده لا يتخلَّف، أن من تاب إليه توبةً نصوحًا أنه يغفر له ويتجاوز عن سيئاته، بل لو كان صادقًا لبدَّل سيئاته حسنات، كما قال في سورة الفرقان: {فأولئك يبدِّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا}.

ولذلك أُحِبُّ أن أُبشرك بهذه البشرى، وأُبشِّرك ببشرى أخرى أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن الله يفرح بتوبة عبده فرحًا عظيمًا، أعظم من فرحة الوالدة بعودةِ ولدها الذي يئستْ من عودته إليها، والأدلة على ذلك كثيرة، ولكن المطلوب منك – بارك الله فيك – أول شيءٍ أن تكون توبتك خالصةً لله تبارك وتعالى، ليست لأي شيءٍ آخر، لا حفظًا لِسُمعةٍ، ولا خوفًا على صحةٍ أو على ضياع مال.

كذلك أيضًا لا بد أن تكون توبتك جادَّةً وصادقةً، وأن تعقد العزم ألا تعود إلى هذا الذنب أبدًا، وأن تبدأ – بارك الله فيك – بالمحافظة على الأعمال التي تُعينك على التوبة كالصلاة، وها أنت قد بدأت، بل تزيد، فإن الحسنات يُذهبن السيئات، {وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفى من الليل إن الحسنات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}.

خذ قرارًا بأن لا تتوقف عن الصلاة حتى وإن رجعت إلى المعصية.

ثانيًا: ابحث عن العوامل التي تؤدي إلى ضعفك وإلى عودتك إلى المعصية واقضِ عليها، فأنت تعرف أن هناك عوامل تؤدي إلى إفساد التوبة، وذلك كالعودة إلى المكان الذي كنت تمارس فيه المعصية، كذلك أيضًا العودة إلى الصحبة والرُّفقة السيئة التي كانت تُعينك على المعصية، فحاول أن تُغيِّر البيئة، وهذا مهمٌّ جدًّا.

ثالثًا: عليك بالإكثار من الاستغفار، والندم، وعقد العزم على ألا تعود، فأكثر من الاستغفار باستمرار بصيغه المتعددة المتنوعة، خاصة سيد الاستغفار (اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).

كذلك أيضًا عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء فإنها مهمَّةٌ جدًّا، فحافظ عليها – بارك الله فيك – ولا تتركها؛ لأنها قُوَّةٌ تُضاف إلى قوتك، فتحول بين استحواذ الشيطان عليك أو استيلائه عليك.

أكثر من الصلاة على النبي المصطفى محمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- وإني لأدعو الله تعالى أن يجعلك ممَّن نشأ في طاعته، وهذا أمرٌ ليس صعبًا ولا مستحيلاً ولا بعيدًا، ولكنه متوقف على إرادتك أنت.

أخِي عبد الكريم: إن الله تعالى فَرِحٌ بك جدًّا بهذه التوبة وهذه العودة، فلا تُضيع هذه الفرصة، لأنك تعلم أن الله غني عن العالمين، فهو جلَّ جلاله لا تنفعه طاعة طائع، ولا تَضُرّه معصية عاصٍ، وإنما كما قال: {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها} ووعد الذين يعملون الصالحات بالحياة الطيبة فقال: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينه حياة طيبة}.

اجتهد وحافظ على التوبة، وحافظ على الأعمال الصالحة، خاصة الصلاة، واجعل لك وردًا من القرآن الكريم، والاستغفار اليومي، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحب الصالحين، وأبشر بفرجٍ من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net