كيف أتخلص من الوساوس التي تراودني عندما أدعو لغيري؟

2015-10-05 09:51:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.

كيف أتخلص من شعوري الذي يراودني حينما أدعو لأحدهم ويكون الدعاء لحاجة ملحة، ولا أرى الإجابة، أقصد دعوتي لعامة المسلمين أو الأقارب أو الأصحاب؟

فأنا عندما أطلب الله وألح بالدعاء في أمر يخصني -بفضل الله- أرى الإجابة عاجلة غير آجلة، لكنني إذا دعوت لأحد ما أو لعامة المسلمين فإنني ﻻ أرى الإجابة، لقد تولدت لدي قناعة بأنهم يجب أن يدعوا لأنفسهم فهو أفضل لهم، علما أنني قبل سنين كنت أعتقد بأن الخلل بسبب تقصيري، ولو دعا دعاة المسلمين سوف يستجيب الله لهم، لكنني أيقنت أن الله يجيب دعوة الناس جميعا، المؤمن الطائع والعاصي أو حتى الكافر، فكيف أتخلص من الوساوس التي تراودني عندما أدعو لغيري؟

وشكراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ban noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ردا على استشارتك أقول:
أولا: لا شك أن دعاء العبد لنفسه لا يشبه دعاءه لغيره، فدعاؤه لنفسه ينبع من الحاجة والافتقار والاضطرار، ولذلك يحصل معه تذلل وخضوع وتضرع، ألم يقل الله تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).

ثانيا: قد تتوفر أسباب استجابة الدعاء، وتنتفي الموانع في حال دعاء العبد لنفسه، فيستجاب له، ولا تنتفي الموانع في حال دعائه لغيره، فلا يستجاب له.

ثالثاً: الشخص حينما يدعو لنفسه يعمل بالأسباب، فيتحقق له مطلبه، ولكنه حينما يدعو لغيره فالغير لا يعمل بالأسباب، ولذلك فلا يستجاب الدعاء، فكم هي الدعوات التي نادى بها المسلمون وعلى رأسهم العلماء والصالحون أن ينصر الله الإسلام والمسلمين، وأن يحرر المسجد الأقصى، ومع هذا فالمسلمون من ضعف إلى ضعف، والأقصى لا يزال مغتصبا؛ والسبب راجع إلى أن المسلمين لم يعملوا بالأسباب.

رابعا: لا شك أن الأفضل أن كل واحد يدعو لنفسه، لأنه سيظهر العجز والتذلل والافتقار، وسوف يجتهد كي يوفر الأسباب، ويبتعد عن الموانع.

خامسا: قد يوجد في هذه الأمة مستجاب الدعوة لو أقسم على الله لأبره، فلو دعا لنفسه أو لغيره لا ستجاب الله له، ولكن هذا من شروطه أنه يكون في غاية الصلاح.

سادسا: إجابة الدعوات سائرة وفق مشيئة الله وقضائه وقدره، فمقدر لهذا أن يستجاب له، وذلك بتهيئة الظروف والأسباب وانتفاء الموانع، ولذاك لا يستجاب له لعدم توفر الأسباب ووجود الموانع.

سابعا: ليس صحيحا أنه لو دعا دعاة المسلمين لاستجاب الله لهم؛ والسبب في ذلك أن الأسباب قد لا تكون متوفرة، أو أن الموانع موجودة، كالمعاصي بأنواعها، كالربا، والزنا، أو يحدث تعجل في الإجابة، أو يكون مطعم ومشرب الداعي حراما، وقد يكون الداعي ضعيفا في نفسه لضعف إقباله على ربه، ولذا إن توفرت الموانع فلا يستجاب الدعاء.

ثامنا: قولك إنك (أيقنت أن الله يجيب دعوة الناس جميعا مؤمنهم الطائع والعاصي أو حتى الكافر)، هذا كلام صحيح، فالخلق كلهم يسألون الله مؤمنهم وكافرهم وقد يستجيب الله دعاء الكفار قال تعالى: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا)، ثم إن الكفار يسألون الله الرزق فيرزقهم، فإجابة السائلين عام فيستجيب الله دعوة المضطر ودعوة المظلوم وإن كان كافرا، ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)، ولكن ليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضيا عنه، ولا محبا له، ولا راضيا بفعله، فإنه يجيب البر والفاجر والمؤمن والكافر.

تاسعا: مع هذا لا تمتنعي من الدعاء للغير ولا تشغلي ذهنك بالإجابة، ولكن عليك بتوفير أسباب قبول الدعاء في نفسك، وحث الغير على اجتناب ما يعوق إجابة الدعاء، وبهذا تتخلصين من تلك الوساوس التي تنتابك حين تدعين للغير، وهي في نظري ليست وساوس وإنما هي تساؤلات لها مبرراتها، وقد علمتها فيما سبق.

أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد وأن يصلح نياتنا ويجنبنا ما يغضبه تعالى.

www.islamweb.net