كيف نكون من أولياء الله الصالحين؟

2015-11-05 05:03:17 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.
كيف نكون من أولياء الله الصالحين المتقين؟ ولماذا أشعر بعدم ارتياحٍ وبُعدٍ عن ربي؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك حلاوة الإيمان، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- من أنك تسأل: كيف يكون المسلم من المتقين أو من أولياء الله الصالحين؟

أقول لك: لقد أجابك الله تبارك وتعالى على ذلك بنفسه عندما قال: {ألا إن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} مَن؟ {الذين آمنوا وكانوا يتقون}. إذًا الأولياء هم مَنْ توافرتْ فيهم صفتانِ: الصفة الأولى: صفة الإيمان، والصفة الثانية: صفة التقوى، وهذه المسائل ليست سهلة في الواقع، قد يكون نطقها سهلا، ولكن في الواقع تحتاج إلى مجهود عظيم حتى نصل إليها، خاصة ما يتعلق بجانب التقوى.

ولذلك إذا مَنَّ الله تبارك وتعالى على أي مسلم بهاتين الصفتين؛ فهو أصبح من أولياء الله تبارك وتعالى حقًّا، بشهادة الله تبارك وتعالى جل جلاله، إيمانٌ بالله تبارك وتعالى مع توافر أركان الإيمان: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، ثم بعد ذلك مراقبة الله تبارك وتعالى في السِّر والعلانية، في الصغيرة وفي الكبيرة، أن يعبد الله كأنه يراه، يستشعر عظمة الله تبارك وتعالى، ويستشعر وجود الله تبارك وتعالى في كل لحظة، سواء كان بالليل أم بالنهار، سواء كان أمام أعين الناس أم بعيدًا عن الأبصار والأنظار، فإنه يرى أنه لا يغيب عن عين الله الواحد القهار.

هذه مسائل مهمة جدًّا، إذا مَنَّ الله تبارك وتعالى عليك بهذه الرقابة؛ فثق وتأكد أنك ستكون من أولياء الله المتقين.

وانظر إلى يوسف عليه السلام عندما دعته امرأة العزيز وتزيَّنتْ وتجمَّلتْ وقالت له: {هيْتَ لك} وامرأة العزيز كما تعلم ليست امرأة عادية، فإنها امرأة من أكبر شخصيات مِصْرَ، وكانت على قدر من الجمال، كما ورد في السِّيَر، بل ورد أنها كانت من أجمل نساء زمانها -ملكة جمال مصر- ورغم ذلك عندما عرضتْ نفسها وهي مُزيَّنة، وقد أخذت بكل شيءٍ وبما ينبغي، ودعتْ سيدنا يوسف عليه السلام إليها، قال: {معاذ الله}، ما الذي كان يمنع يوسف عليه السلام أن يفعل ما تُريدُ امرأةُ العزيز؟ لم يمنعه إلَّا خوفًا من الله تبارك وتعالى وهذه التقوى.

والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أيضًا أن من السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه -نسأل الله أن يجعلنا وإياك منهم وسائر المسلمين- قال: (ورجلٌ دعتُهُ امرأةٌ ذاتِ منصبٍ وجمالٍ فقال: إني أخاف الله)، قد يكون رجلاً وقد تكون امرأة، فامرأةٌ يدعوها رجل إلى الفاحشة فتقول: (إني أخاف الله)، ورجلٌ تدعوه امرأة إلى الفاحشة فيقول: (إني أخاف الله).

هذا هو الذي يجعلك وليًّا من أولياء الله تعالى، أن تترك المعاصي صغيرها وكبيرها حياءً من الله تبارك وتعالى، مهما كانت المغريات، ومهما كانت الدوافع، إلَّا أنك تعلم أن لك ربًّا يجب عليك أن تُعظِّمه، فإذا فعلت ذلك كنت من أولياء الله تعالى.

وهذه الأمثلة أمامك بيِّنة واضحة، تصور أن امرأة العزيز مع ما هي عليه من جمالٍ وجلالٍ ومنصبٍ وحسبٍ ونسبٍ وأموالٍ وزينةٍ، إلَّا أن الإيمان القوي لم يتأثَّر بهذه المغريات كلها، فكذلك العبد المؤمن، فأنت في طاعتك لله تعالى لا يمنعك من الطاعة أي مانع مهما كان، وفي المعاصي لا يُضعفك أي مُثير مهما كان، وإذا كنت كذلك فثق وتأكد أنك ستكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

تقول: تشعر بعدم الارتياح والبُعد عن ربك؟ نتيجة الغفلة، فإن الغفلة تُضيِّق الصدر، والمعصية تُضيِّقُ الصدر، كما قال الله تبارك وتعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى}، فعليك بالإكثار من الطاعة، والاجتهاد في ترك المعاصي صغيرها وكبيرها، وبإذن الله تعالى ستكون من كِبار الأولياء، وعلى قدر تقواك لله تعالى ستكون منزلتك في التقوى، وينشرح صدرك، وييسِّر الله أمرك، ويجعل لك من لدنه وليًّا ونصيرًا.

أسأل الله أن يُكرمك بذلك، إنه جوادٌ كريم.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net