هل تضر مضادات الاكتئاب بصحة الجنين؟

2015-12-09 04:31:14 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة أتممت الشهر الخامس من الحمل، ولكنني تعرضت لصدمة كبيرة قبل هذا الحمل؛ نتيجة وفاة ابني الوحيد في حادث تعرض له، وكنت أتلقى العلاج بمضادات الاكتئاب حتى تحسنت حالتي -بفضل الله-، ثم أوقفت جميع الأدوية عندما علمت بالحمل.

ولكن حالتي النفسية انتكست، وأصبحت أتألم كثيراً، ولا أستطيع ممارسة الحياة بشكل طبيعي، حتى القيام بواجباتي، ولذلك ذهبت إلى طبيب نفسي، كتب لي بعض مضادات الاكتئاب مثل: لوسترال، سيرترالين، وأولازين، وقال لي: إن هذه الأدوية آمنة على الجنين -بإذن الله-، ولكنني أشعر بالقلق، وأريد منكم جواباً شافياً لكي أطمئن على الجنين، فهل هذه الأدوية تضر الجنين أم لا؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمَّى، فاصبري واحتسبي وفاة ابنك عند الله، وسَلِيه أن يجعله ذخرًا، وقرة عين لكم في الآخرة، وقد قال الله تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ"، وأذكرك بحديث الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ) رواه الترمذي وحسنه.

وفاة الابن أو البنت، من الأحداث التي تترك ألمًا شديدًا عند الوالدين، خاصة إذا كان هو الولد الوحيد، وقد مات في حادث مؤلم، وهذا سبَّب لك ما تعرَّضتِ له من أعراض الاكتئاب النفسي، ولكن -يا أختِي الكريمة- الحمد لله ربَّك عوَّضك خيرًا، وأنت الآن حامل، نحمد الله على ذلك، ولله ما أعطى، ولله ما أخذ.

أول شيء قبل أن أتكلم عن الأدوية النفسية في الحمل، أرجع مرة أخرى وأقول: أن فقدان شخص عزيز علينا، والحزن عليه لفترة طويلة يؤدِّي إلى الاكتئاب، ويتطلب علاجًا نفسيًا بالدرجة الأولى، ثم بعد ذلك تأتي الحبوب والأدوية النفسية، أي أنه كان يجب أن تأخذي علاجًا نفسيًا، لمساعدتك للخروج من الحزن الشديد على ابنك، والذي أدَّى بك إلى الاكتئاب، وإنني أرى أنك ما زلت تحتاجين دعمًا نفسيًا، وقد يكون الخوف على الجنين الذي في بطنك جزءا من بعض المخاوف لما فقدتِه من ابنك الأول، فقد تحتاجين إلى دعم نفسي الآن حتى في هذه المرحلة، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى -أختِي الكريمة-: معظم الأدوية دائمًا نخاف منها في الثلاثة الأشهر الأولى للحمل، مرحلة تكوين الجنين، لأنها قد تُحدث بعض التشوهات، -والحمدُ لله- أنك اجتزتِ هذه المرحلة، وأنت الآن في الشهر الخامس من الحمل، وأنا أطمئنك أيضًا بأن أدوية: (سيرترالين Sertraline) و (زبراكسا Zyprexa)، من الأدوية الآمنة في الحمل، وأنا بنفسي أكتبها مرات عديدة للمرضى المراجعين عندي، وهذا مُثبت في دراسات عديدة، وبالنظم العالمية المتبعة في أوروبا، فهي من الأدوية التي يمكن أن تُعطى في فترة الحمل بأمانٍ كاملٍ -إن شاء الله تعالى-، ولكن هذا لا يلغي فكرة أنك تحتاجين إلى دعم نفسي ومتابعة مستمرة، حتى مع الحبوب، حتى تلدي -بإذن الله تعالى- بالسلامة، وتطمئني بعد ذلك، وقد لا تحتاجين بعد ذلك إلى الحبوب.

فهذه الأدوية أدوية آمنة في الحمل، خاصة أنت في الشهر الخامس من الحمل، فاطمئني على ذلك.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

www.islamweb.net