مخطوبة لرجل متدين لكنه مريض نفسيا، فهل أكمل أم أنسحب؟

2016-05-16 00:53:43 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا على المساعدة وتقديم الاستشارة لمن يحتاج إليها.

تقدم لي شخص محترم ومتدين وطيب جدا، وبشهادة من يعرفه، وهو من أسرة طيبة، لم يسبق له الزواج، وعمره 40 سنة، مناسب لي، وتعليمه جامعي مثلي، وتمت الخطبة سريعا خلال أسبوع، وسافر بعدها مباشرة؛ لأنه يعمل في دولةعربية، وانتهت إجازته ولم أتعرف عليه جيدا.

بعد سفره علمت من أهله أنه يعاني من مرض نفسي، ويعالج عند طبيب مختص، وذهبت إلى هذا الطبيب، وعلمت أنه يعاني من اضطراب وجداني، ويعاني منذ فترة طويلة جدا، وأخبرني الطبيب أن مرضه مزمن، ويعتقد أنه بسبب تغير معين في كيمياء الدماغ، وحالته عدم القدرة على الكلام، وأخبرني الطبيب أنه يعاني من الحالة مرة كل سنة أو سنتين، ويستعمل أدوية لتعديل المزاج، حتى يسترد صحته.

علما أن لديه أشياء قريبة من الذهان الخفيف، والتلعثم الواضح في الكلام في حالته الطبيعية، يعني من يتكلم معه يلاحظ أن لديه مشكلة، ولديه أيضا حالة من الخوف الشديد، وعدم الثقة بالنفس، والاعتماد على الآخرين.

المشكلة أن مرضه يؤثر على عمله، فلا يستمر في عمل فترة طويلة، ويترك عمله ولا يستطيع في الغالب العمل بمؤهله، ويعمل أعمالاً أقل كعامل مثلا، وهو غير مستقر ماديا، والمشكلة أنني أيضا لا أعمل فلا أستطيع مساعدته إن ترك العمل.

أيضا أنا لست صغيرة، فأنا أبلغ 35 سنة، ولم يسبق لي الزواج، ونفسيا أكيد غير مستقرة، وأخشى أن لا أتحمل تقلب مزاجه، وأتعب نفسيا بسبب ذلك، فهل أكمل مع هذا الرجل أم أفسخ الخطبة؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ zahraa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الزواج قضية مهمة، قضية مصيرية، يجب أن يتعرَّف الزوجان على كلِّ ما يتعلق بالآخر، وموضوع الأمراض النفسية وصلاحية الإنسان للزواج هي قضية شائكة ومعقدة جدًّا، والمبدأ العام والمنهج الذي أسير عليه - وأسأل الله تعالى أن يكون هو الصواب - هو أن إخفاء المرض أمر مرفوض، والإخفاء بكل أسف يتم في بعض قطاعات مجتمعنا، وذلك خوفًا منهم أن الطرف الآخر إذا عرف بالمرض ربما يرفض الزواج، وقد تأتي مشاكل كثيرة جدًّا نتيجة لذلك.

الذي أنصحك به - أيتها الفاضلة الكريمة - هو أن تلمِّي بالحقائق كاملة، ودون أي نقصان.
تحدثي مع هذا الأخ، ومن حقك أن تعرفي وتطلعي اطلاعًا تامًّا على حالته، ومآلاتها، ونوعية العلاج الذي يتعاطاه، وتأثير ذلك على حالته النفسية، وعلى المعاشرة الزوجية، وموضوع المرض والوراثة، هذا كله يجب أن تعرفيه، وهذا يتمُّ عن طريق الطبيب المعالج، لكن الطبيب ليس له الحق أن يُعطيك أيّ معلوماتٍ عن هذا الأخ دون علمه ودون إذنه، ويُفضَّل أن يكون ذلك بحضوره.

فأرجو أن تتخذي هذه الخطوة، أن تتواصلي مع هذا الأخ (الخطيب) دون حرج ودون إثارة أي مشاكل، وضحي له أنك قد عرفتِ أنه له بعض الصعوبات النفسية وتودِّين أن تطلعي اطلاعًا كاملاً عن هذا الأمر، لأن أمر الزواج أمر مصيري.

والاضطراب الوجداني كتشخيص متعدِّد الجوانب، طيفٌ واسعٌ جدًّا، ينقسم إلى حالات بسيطة، وحالاتٍ شديدةٍ ومعقَّدة قد تصل إلى الاضطراب الذهاني.

لا أستطيع أن أقول لك: إن مريض الاضطراب الوجداني لا يصلح أن يكون زوجًا، لا، كثير منهم أزواج جيِّدون ممتازون، خاصة إذا حافظوا على علاجهم.

فعلى ضوء ما ذكرته لك يمكنك أن تتخذي قرارك، الاتصال به، التفاوض معه، الإلمام بالحقائق، والاضطراب الوجداني كتشخيص لا يمنع الزواج، خاصة إذا كان الزوج سوف يلتزم بالعلاج والمتابعة الطبية، والزوجة الصالحة قطعًا هنا تكون عونًا لزوجها.

ما تحدَّثتِ عنه من ملاحظات من جانبك، ملاحظاتٍ عن هذا الشخص وسلوكه وما يظهر عليه: هذا أمرٌ مُقدَّر، لكن لا أعتقد أنه حُكم نهائي لتحديد صلاحية هذا الأخ أو عدم صلاحيته ليكون زوجًا.

بالنسبة لك: أنت بالفعل في عمرٍ يجب أن تتزوجي، ما دامت الفرصة قد أتتك، وأُذكِّرك أيضًا بالجوانب الأخرى في هذا الأخ: مستوى خلقه، تمسُّكه بدينه، برَّه بأهله، هذه كلها جوانب مهمَّة، لأن المرض في حدِّ ذاته في كثيرٍ من الأحيان يمكن تخطِّيه ويمكن تجاوزه إذا أتتْ الأمور التعويضية الأخرى: حسن الخلق، حسن السلوك، الانضباط، تطوير المهارات، حسن التواصل الاجتماعي، هذا كله يُعتبر من الدفاعات الممتازة جدًّا لمقاومة المرض.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net