هل أقدم صحتي وراحة بالي أم أتنازل من أجل أولادي؟

2016-08-01 02:40:15 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته..

أبلغ من العمر 30 سنة، لدي ولدان وأسكن مع أهل زوجي في نفس المنزل، وقد حصلت مشاكل لا تحتمل، وأقسم بالله العظيم ثلاثا أني لم أعد قادرة على التعايش مع الأمر، وأصبحت أعاني من عدة أمراض، وأنا صابرة لكي لا تتفرق أسرتي الصغيرة، ولكني فعلا لم أعد أحتمل، وزوجي قد خيرني بين الطلاق أو التعايش مع الأمر؛ لأنه غير قادر على تحمل عناء السكن المستقل، وقد اخترت الطلاق لكي أرتاح، لكني غير راضية أبدا، وأنا أحب زوجي كثيرا وأولادي أكثر، فما الذي سأختاره صحتي وراحتي النفسية والجسدية أم نفسية أولادي، وأدمر صحتي؟

المرجو منكم أن تساعدوني.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لطيفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنني أشعر بما تعانينه من انعدام الاستقرار والراحة النفسية، وعدم القدرة على أخذ راحتك مع زوجك وأبنائك، كونك تسكنين مع أهل زوجك في بيت واحد، غير أن الطلاق لن يحل لك مشاكلك بل سيفاقمها، وستندمين أشد الندم على اتخاذ مثل هذا القرار؛ لأنك لن تستطيعي بعد ذلك أن تصلحي خطأك، فأنت قد بنيت هذه الأسرة لسنين كثيرة، فلا تهدمي بنيانك فوق رؤوس أسرتك، فالبناء صعب وشاق، والهدم سهل، وأنصحك بالصبر والتأقلم مع الوضع الذي أنت فيه، وتجنبي المشاكل قدر استطاعتك، ولعل الله أن يفتح على زوجك وتنتقلوا إلى بيت مستقل، وأضع بين يديك بعض الموجهات التي قد تفيدك -بإذن الله- إن عملت بها:

- أكثري أنت وزوجك من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ومغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).

- تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، واغتنمي أوقات الإجابة وخاصة الثلث الأخير من الليل وسليه أن يجنبك المشاكل وأن يرزق زوجك ويعطيه من خزائن ملكه فهو سبحانه الرزاق يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ).

- الاستغفار يجلب الرزق والقوة الحسية والمعنوية للأبدان، قال الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ) وقال: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)، فالزمي أنت وزوجك الاستغفار.

- وعليه أن يعمل بأسباب جلب الرزق ومنها ما ذكر تحت هذا الرابط: https://www.islamweb.org/ar/fatwa/241705/

- اقتربي من زوجك أكثر وتناقشي معه بما يحدث من مشاكل بهدوء وحاولا أن توجدا لها الحلول المناسبة، فزوجك يتمنى أن يسعدك لكن ظروفه المادية حالت بينه وبين ذلك كما يبدو.

- الظروف التي تمرون بها مقدرة عليكما من قبل أن تخلقا والمؤمن مبتلى على كل حال في سرائه وضرائه قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) والمؤمن يتقلب في حياته بين أجري الصبر والشكر كما قال عليه الصلاة والسلام: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن).

- المؤمن يرضى بقضاء الله وقدره ولا يتسخط، والابتلاء عنوان محبة الله للعبد، والجزاء يكون على قدر البلاء، فإن مع عظم البلاء عظم الجزاء، يقول عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)، فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره وحذار أن تتسخطي، وإلا فالجزاء من جنس العمل.

- غضي الطرف عن كثير من المشاكل التي تحدث، وعن إساءة الناس لك، ولو أنك أردت أن تحاسبي كل من أساء إليك لضاقت عليك الدنيا، ووسعي صدرك، ولا تكوني سريعة الغضب؛ فالغضب سبب لأمراض كثيرة، ولذلك كانت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن جاء إليه، وقال له: أوصني يا رسول الله. فقال له: ( لا تغضب) فردد مرار. فقال: (لا تغضب).

أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك ويجنبك ما يكدر صفو حياتك وأن يرزق زوجك من حيث لا يحتسب ويسعدك آمين.

www.islamweb.net