أعاني من الرهاب الشديد من الناس والخجل، ما الحل؟

2016-08-28 04:04:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم
أشكركم على جهودكم الكبيرة التي تبذلونها مع كل من يحتاج العون منكم، جعله الله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب بعمر 27 عاماً، أعاني من الرهاب الشديد من الناس حيث أني لا أستطيع أن أذهب إلى أي مكان بعيد منذ سنوات، ولا أستطيع أن أركب أي وسيلة مواصلات نهائياً، لأنه في الماضي حدث لي موقف محرج بإحدى وسائل المواصلات، سببت لي عقدة.

أنا أعمل بمحل بجوار المنزل، وأعاني من عدم التواصل مع الناس، حتى وصل بي الحال أني عندما أذهب إلى المحل الذي أعمل به لا أسلم على أصحاب المحلات الأخرى الذين هم بجوار المحل، وأخجل بشدة.

قرأت في إحدى الاستشارات عن علاج، فهل يصلح لي ولحالتي؟ وهو: الزيروكسات (CR) ممتاز، حيث أن آثاره الجانبية أقل من الزيروكسات العادي، والجرعة التي تبدأ بها هي 12,5 مليجراما، تتناولها يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا, هذه الجرعة تكفي لمعظم الناس.

مدة العلاج يجب ألا تكون أقل من ستة أشهر، بعد ذلك تنتقل إلى تناول الدواء بجرعة 12,5 مليجراماً يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى مثلاً، ثم 12,5 مليجراما يومًا بعد يوم لمدة عشرين يومًا، ثم 12,5 مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة واحد وعشرين يومًا.

بذلك يكون انتهى البرنامج العلاجي الدوائي، وإذا اجتهدت وعضدت وقوّيت من الآليات السلوكية؛ فإن شاء الله تعالى سوف يستمر التعافي، ولن تحدث لك انتكاسة".

أرجو الإفادة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ibrahim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - أخي الكريم - في استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل لك العافية.

قبل أن نتحدث عن الدواء أريد أن أتحدث قليلاً عن التشخيص، أنت ذكرت أنك تعاني من الرهاب الشديد.

أخي الفاضل: أريدك أن تُصحح مفاهيمك، لا يوجد شيء يُسمى بالرهاب الشديد، الخوف الاجتماعي نعم موجود، والإنسان يجعله شديدًا أو خفيفًا أو متوسِّطًا من خلال تفهمه لحالته، فبعض الناس يُبالغون في موضوع الرهاب الاجتماعي لأنهم يعتقدون أن تواصلهم مع الناس سوف يكون كارثيًا، وأن الناس سوف يستهزئون بهم ويسخرون منهم، وهذا ليس صحيحًا - أيها الفاضل الكريم - .

لابد أن تفهم أن الخوف الاجتماعي خوف مكتسب، والشيء المكتسب يمكن أن يُفقد، ويُفقد من خلال التعليم المضاد، فأريدك أن تُحقِّر هذه الفكرة، وأن تُكثر من التواصل مهما كانت الظروف، ومن أفضل أنواع التواصل الذي وجدته عمليًا ويفيد الناس هو الحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، ويجب أن تتنقل بين الصفوف حتى تكون في الصف الأول وخلف الإمام، وتتصور أنك قد تُنيب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، هذا أمر ليس خياليًا، هذا أمر واقعي، فهذا مهم جدًّا لعلاج الخوف الاجتماعي.

كل ملاحظتنا والدراسات التي أجريناها أثبتت أن صلاة الجماعة من أفضل ما يُعالج الرهاب الاجتماعي، لأنك تلتقي بالناس، تلتقي بالمصلين، تلتقي بالذين تعرفهم والذين لا تعرفهم، لكن في شيءٍ من السكينة والرحمة، وهذا يؤدي إلى دافع نفسي إيجابي جدًّا.

ممارسة الرياضة الجماعية أيضًا وجدتّها مفيدة جدًّا، فاحرص على ذلك، مهما كان ظروف عملك، لكن لابد أن تمارس رياضة جماعية.

المشاركات الاجتماعية، أن تُشارك الناس في أفراحهم وفي أتراحهم، الذهاب للأعراس، المشي في الجنائز، هذا فيه فضل عظيم جدًّا.

أخي الكريم: هناك فنيِّات سلوكية بسيطة جدًّا، وهي: تطوير المهارات الاجتماعية، حين تنظر إلى الناس انظر إليهم في وجوههم، وتذكر أن تبسُّمك في وجوه إخوانك صدقة، وكن مبادرًا، حين تُبادر أنت بالسلام هذا أمرٌ عظيم جدًّا، فخيرهم من يبدأ بالسلام، ودائمًا حاول أن تطلع، وتكون شخصاً صاحب فكر، ادرس، اقرأ، استمع لما هو مفيد، هذا يُتيح لك الفرصة لأن تناقش الناس وتحاورهم حين تلتقي بهم.

الكثير من الناس يتجنبون الآخرين لأنه ليس لديهم ما يقولونه، ليست لديهم مشاركات معرفية مفيدة.

هذه الأمور - أيها الفاضل الكريم - مهمة جدًّا بالنسبة لك، وإن شاء الله تعالى، إذا اتبعتَ هذا المنهج السلوكي الذي ذكرته لك ستستفيد كثيرًا.

أما بالنسبة للأدوية، فنعم الـ (زيروكسات) من الأدوية المفيدة جدًّا، وكذلك الـ (لسترال)، وأعتقد أن اللسترال ربما يكون أفضل بالنسبة لك، ويُسمى في مصر (مودابكس)، هذا منتج مصري رخيص وجيد وفاعل، ابدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا (نصف حبة) تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين (مائة مليجرام) ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه ليست جرعة كبيرة.

الدواء دواء فاعل جدًّا، وممتاز جدًّا، وبعد انقضاء الستة أشهر ابدأ في تناول الجرعة الوقائية، وهي: حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهو دواء مفيد ورائع.

أما إذا كان بديلك هو الزيروكسات فأعتقد أنك سوف تحتاج أن ترفع الجرعة بالفعل إلى خمسة وعشرين مليجرامًا - كما وصفنا في الاستشارة التي أشرنا إليها - ثم تتدرَّج في التوقف عن تناوله، لكن أرى أن خيار المودابكس أفضل، لأني أعتقد أن ما وصفته بالرهاب الشديد في الواقع ليس بشيء، ويخلو من الوسوسة وشيء من الخجل الاجتماعي، وهذا يُعالجه اللسترال بصورة فعّالة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net