هل يمكن لمريض الذهان البانويدي الزواج خلال مرحلة العلاج؟

2016-10-30 01:18:30 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا د. محمد عبدالعليم على الرد المفيد والرائع على الاستشارة السابقة برقم (2319581)، واستفسرت فيها عن مرض الذهان البارنويدي والشك المفرط لدى أخي، وقد أثلج صدري كلامكم الطيب وتأييد الخطة العلاجية المقررة من الأطباء.

والعلاج عبارة عن حقنة كلوبيكسول 200 كل أسبوعين، وأقراص السيروسيب 300 حبة في المساء، والعلاج المساعد كيمدرين 5mg حبتين يوميا.

وتعقيبا على استفساري السابق أود استشارتكم حول الحالة الاجتماعية لأخي، فقد تزوج قبل 10 سنوات، وله بنت تبلغ من العمر ثماني سنوات، وانتهت علاقته الزوجية بعد سبعة أعوام؛ بسبب الخلافات والشكوك، وأصبح يتهم أخواته وزوجات إخوته بأنهم السبب في طلاقه.

استفساري هو: هل يمكن أن يتزوج أخي، لأنه يرغب بالاستقرار ولكنه يستخدم العلاج منذ ثلاثة أشهر ونصف، وتحسنت حالته عن السابق، وصار هادئا جدا، أم أن أخي غير مؤهل للزواج بسبب العلاج؟ وما هي الفترة العلاجية التي يحتاجها أخي للشفاء، وهل يحتاج إلى جرعة وقائية لاحقا، وما هو الحجم المناسب من الحقن والأقراص؟

بالنسبة لتعاطي القات، فإننا للأسف لم ولن نستطع منعه كليا من ذلك، لأنه عامل مهم لاستقرار نفسيته واختلاطه معنا، ولكننا استطعنا إقناعه بالتخفيف منه، لأن أخي يجهل بأنه مريض، ويكرر دائما بأنه يتناول العلاج حتى يرضينا.

تحياتي وتقديري واحترامي لكم، ولهذا الموقع الإسلامي الرائع.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك –أخي الكريم– وجزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة، وهي كلماتٍ مُحفِّزةً لنا كثيرًا، وهذا الأخ أنا سعيد جدًّا أنه ملتزم بعلاجه، وهنالك بوادر تحسُّنٍ -إن شاء الله تعالى- ستأتيه أيام طيبة وكثيرة.

الشرط الأساسي والوحيد هو الالتزام بالعلاج، وهذه الحالات –أخي الكريم– تتطلب العلاج لمدة طويلة نسبيًا، الآن هو في مرحلة العلاج المكثف أو شبه المكثف، وهذا الوضع يجب أن يستمر لمدة عام، ليس أقل من ذلك أبدًا.

بعد ذلك يمكن أن يبدأ في المراحل الوقائية، مثلاً أن يكون الـ (كلوبيكسول)، كل ثلاث أسابيع، أو حتى كل أربع أسابيع، وأن تكون جرعة الـ (كواتبين)، مائتي مليجرام مثلاً، فالخطة العلاجية دائمًا تعتمد على المتابعة، المتابعة مع الطبيب نعتبرها أمرًا ضروريًا.

هذا الأخ بما أنه لم يقلع عن القات أعتقد أنه سيكون من الحكمة أن يستمر على الجرعة الوقائية لفترة طويلة، هو قابل لهذه الأفكار الظنانية، و-الحمدُ لله تعالى- الآن العلاجات أصبحت متوفرة وجيدة ومختصرة، وهذا الأخ إذا تململ من الإبر مثلاً بعد أن يستعيد استبصاره كاملاً ويرتبط بالواقع ويشرح له الطبيب بلغة ذوقية مُرغِّبة نوعية الحالة التي يُعاني منها، أعتقد أنه يمكن أن يتناول الحبوب، وعقار مثل (رزبريادون) مثلاً، بجرعة أربعة مليجرام ليلاً، سيكون كافيًا جدًّا عن كل الأدوية التي يتناولها الآن، هذا مجرد اقتراح -أخي الكريم-.

بالنسبة للزواج: طبعًا المرض لعب دورًا في فشل زواجه الأول، والآن أعتقد أنه يمكن أن يتزوج، ليس هنالك ما يمنعه، لكن هذا يجب أن يكون بعد ثلاثة أشهر على الأقل من الآن، لأن حالته سوف تستقر بصورة أفضل، ويجب أن يعرف الطرف الآخر –أي الزوجة– الحالة التي يُعاني منها، ليس من الضروري أن نشرح لها أو لذويها شرحًا مُنفِّرًا، لكن إخفاء الحقائق أيضًا ليس أمرًا حميدًا، فيجب أن تكون هنالك موازنة في هذا الموضوع، وأنا دائمًا حريص تمامًا على لمِّ شمل الأُسر على أسسٍ صحيحة، لأن إخبار أو إطلاع الطرف الآخر يجعله يُساند شريكه بكيفية وصورة طيبة وجميلة جدًّا.

نعم أعرفُ أن بعض الزيجات قد لا تقوم ولا تُنشأ لأن أهل الزوجة سوف ينفرون إذا عرفوا أن هذا الشخص يُعاني من مرض نفسي، لكن الأمراض النفسية متفاوتة ومتباينة، فيها حالاتٍ بسيطة، فيها حالاتٍ يمكن أن تُعالج، فيها حالاتٍ الزواج يُساعد في علاجها، فيها حالاتٍ الزواج يُساعد في استقرارها.

فهذا هو الموقف السليم، وهذا هو الموقف السديد، وقطعًا مساندتك لهذا الأخ –عافاه الله– ستكون مفيدة له، المهم الالتزام التام بالعلاج الدوائي، والمتابعة، وبعد ذلك ندفعه لأن يعيش حياته طبيعيًا، والعمل –أخي الكريم– قيمة عظيمة من أجل التأهيل النفسي، فلا بد لهذا الأخ أن تكون له مشاركاتٍ اجتماعية، وكذلك أن يكون له عمل، أيًّا كان هذا العمل ونوعه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net