كيف أجعل ابنتي الصغيرة تتخلص من عصبيتها وأنانيتها؟

2017-03-26 00:26:48 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر على جهودكم، وجزاكم الله عنا خيرا.

ابنتي عمرها سنتين، عصبية، شديدة الصراخ، عندما كنت حاملا بها كنت عصبية جدا ومزاجي حادا جدا، وكنت أكره زوجي وأكره طفلي وأضربه، ولم يستطع زوجي تحملي، حيث أرجعني لبلدي عند أهلي، فأنا أعيش معه ببلد الغربة، ولدت ثم رجعت عند زوجي، وبدأت أتحسن، لكني ما زلت عصبية تجاه أطفالي وأعاملهم بعنف.

في تلك الفترة تعلقت بي ابنتي، ولا أستطيع الابتعاد عنها، ولا تتركني لوحدي، وقدر الله أن أحمل مرة أخرى وأنجب طفلة -ولله الحمد-، لكنها زادت هي عصبية وغيرة من أخيها الأكبر، وعادت تتمسك بالرضاعة وتعاندني وترفض أن يساعدني أحد بها، وبدأت أفقد أعصابي وأضربها وبعد ذلك أندم، لكني لست قادرة على تحملها، حتى أنها تأخذ كل شيء من أخيها -5 سنوات- وتضربه، وهو من النوع الهادئ فبدأت أشجعه على أن لا يستسلم لها، وأن يأخذ حقه منها عندما تعتدي عليه.

تصفحت كثيرا على موقعكم عن مشاكل مشابهة، وحاولت أن أمتنع عن ضربها، وأحاول أن أسليها بأي شيء عند بكائها، لكنها مصرة أن تزعجنا.

أرجوكم أن تساعدوني كيف أتخلص من عصبيتي وعصبية ابنتي؟ وآسفة جدا على الإطالة.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى هذا السؤال، أعانك الله ويسّر لك أمرك وأمر تربية أطفالك، فأنت حقيقة مجاهدة في سبيل الله من خلال تربيتك لهؤلاء الصغار.

العادة أن الصفة التي تتعبنا في الطفل وهو صغير قد تكون هي نفسها الصفة التي ستكون وراء نجاحه وتفوقه في قابلات الأيام، فإذا نظرنا مثلا إلى صفة عند الطفل وهي ثقته بنفسه وعناده، فنحن لا نهدف إلى تحطيم هذه الثقة والعناد وإنما تطويعها لمصلحة الطفل ومصلحة من حوله، وهذا الأمر ينطبق على عناد طفلتك، فربما عنادها هذا يحميها من تأثير أصدقاء السوء، إذا ما دعوها لفعل سلوك غير مقبول، وأنا أخشى أكثر على الطفل غير العنيد والمطيع جدا، والذي يسهل التأثير عليه، إيجابيا أو سلبيا.

لا شك أن الكثير من هذا العناد إنما هو سلوك لجذب انتباهك وانتباه من حولها، فحاولي التعامل معها كمجرد سلوك لجذب الانتباه، ويمكنك توجيه انتباهك إليها عندما تتجاوب معك ومن دون عناد، وفي ذات الوقت حاولي صرف انتباهك عنها عندما يصل عنادها لحدّ لا ترتاحين له.

فماذا نفعل مع الطفل غير المتعاون والذي عنده عناد؟
كل طفل صغير يحتاج إلى حدود واضحة للسلوك، وأن يعرف وبكل وضوح ما هو مسموح، وما هو غير مسموح. ووضوح هذا الأمر، ومن دون أي التباس أو شك أو تردد، لا يعني أبدا ممارسة العنف أو الضرب معها أو العصبية، وإنما أن يقال لها وبهدوء ووضوح، أن ضرب أخيها بهذا الشكل غير مسموح أبدا، وأن تعلم وهي تستمع إليك، ومن خلال نبرة صوتك ونظرة عينيك في عينيها، ومن دون أن تبتسمي لها، وأنك جادة تماما فيما تقولين لها.

ويجب أن تتخذي الإجراءات المطلوبة لضمان أن لا تتاح لها فرصة "كسر" كلمتك، فلا نسمح مثلا توفير ظرف ضرب أخيها خروجها عن تعليمك متوفرة لها بسهولة، فمثلا ألا تبتعدي عنها وعن أخيها لمدة طويلة، فتراودها نفسها على عصيانك والقيام بما منعتيها منه من ضرب أخيها مثلا.

وأفضل من المنع عن العمل السلبي الذي يزعجك، هو أن تشجعيها على القيام ببعض الأعمال البديلة عما لا تريدينها أن تفعلها، أي أن تملأ وقتها بما هو مفيد ومسليّ، فلا تحتاج للمزيد من الإثارة عن طريق مخالفة كلمتك والقيام بعكس ما تطلبين منها.

واسمحي لي أن أشرح هنا شيئا أساسيا يمكن أن يكون نقطة تحول في طريقة تربيتك لأطفالك، إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما كثير مما ذكرته في سؤالك عن سلوك طفلتك ينطبق عليها هذا، هو الرغبة في جذب الانتباه لنفسه، ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصّل الطفل هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية كالتي تشتكي منها.

ولماذا السلوكيات السلبية؟
ببساطة لأننا، نحن الآباء والأمهات، لا ننتبه عادة للسلوك الإيجابي، وكما قال أحدهم "عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسيء العمل، لا أحد ينسى"! فالغالب أننا لا ننتبه للسلوك الإيجابي لأطفالنا، بينما ننتفض فزعا للسلوك السلبي، والقاعدة في علم تربية الأطفال، أو السلوك الإنساني بالعموم، أن السلوك الذي نراه ونلاحظه فإنه يتكرر، بينما السلوك الذي لا نراه أو نتجاهله يختفي مع الوقت!

وقد ذكرت مثلا أن طفلتك لا تطيع لك أمرا، وشخصيا لا أعتقد بهذا التعميم والإطلاق، فلا بد وأنها سمعت كلامك لبعض المرات، وعلى قلة هذه المرات، فعليك هنا أن تلاحظي هذه المرات القليلة ولو كانت نادرة، وتعززيها عليها، وبالرغم من كثرة المرات التي لا تطيعك فيها.

وما يمكن أن تفعليه مع طفلتك، وبقية أطفالك، عدة أمور منها:
1- أن تلاحظي أي سلوك إيجابي تقوم به طفلتك، وأن تـُشعريها بأنك قد لاحظت هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكريها عليه.
2- أن تحاولي تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن تقوم به، إلا السلوك الذي تعرض فيه نفسها أو غيرها للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامة الطفلة والآخرين مباشرة.

ولا شك أن مما يعينك كثيرا جدا أن تكوني أنت في حالة من الراحة والاسترخاء، وخاصة أنك عصبية وسريعة الغضب، وذلك عن طريق القيام ببعض الهوايات المفيدة كالرياضة وغيرها، وكما ذكرت في سؤالك لتستطيعي السيطرة على نفسك.

كثيرا ما تأتيني الأمهات مثلك، ممن تحب أطفالها كثيرا إلا أنها تغضب وتعصب عليهم وقد تضربهم أحيانا إلا أنها سرعان ما تندم وربما تعتذر، إلا إن هذا يتكرر معها مرات ومرات.

أسأل هذه الأم عادة سؤالا واحدا، ما هي هواياتك واهتماماتك؟
فالعادة أن تقول لي: "ليس عندي هوايات الآن، وأنا كل اهتمامي أولادي، وأنا متفانية في رعايتهم...."
وهذا يفسر سبب عصبيتها، لأنه ليس عندها اهتمام كبير في رعاية نفسها، والتخفيف عما في نفسها بالطرق الصحيّة والطبيعية، فهي تفرغ ما في نفسها من خلال نوبات العصبية والغضب هذه.

الأفضل لك ولكل أم أن يكون لك في اليوم أو الأسبوع عدة ساعات تمارس فيها هواية من الهوايات كتعلم اللغات أو الرسم أو الرياضة أو تعلم الكمبيوتر أو تصفيف الزهور، المهم عملا ما غير الأولاد، وعملا ترتاح له، وهو لها وليس لغيرها.

وهذا مما يخفف عما في نفسك من القلق والمشاعر السلبية، فإذا عدت إلى أطفالك عدت وأنت نشيطة مرتاحة مطمئنة، فإن أفضل ما يأخذه الطفل من أمه هو هدوئها واطمئنانها، والأطفال وكما تعلمين من تجربتك يحتاجون للكثير من الصبر، ولا بد للزوج هنا من التدخل لمساعدتك على توفير هذا الوقت الخاص بك.

فهيا استرخي واستمتعي بوقت خاص لك، مما ينعكس إيجابيا على طفلتك وبقية الأطفال، حفظهم الله لكما، وأنصحك بالاستعانة ببعض كتب تربية الأطفال ومنها كتابي "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" وكتابي "دليل تدريب الآباء في تربية الأطفال" وكلاهما متوفر عندكم في مكتبات جرير.

www.islamweb.net