المشاعر السلبية المتمثلة في عشق النظر للناس والتعلق بهم وكيفية التخلص منها

2005-02-17 02:00:35 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم في بداية الأمر على المجهود العظيم والرائع الذي تقومون به، نسأل الله أن يوفقكم للمزيد من الخير والعطاء لنستفيد نحن الشباب.

أود أن أعرف ما سبب عشقي النظر إلى الناس في كل مكان، وخصوصاً في وسائل المواصلات؛ مما ينتج عنه تعلق خيالي بصورة شخص ما أو موقف ما، وأنا أنظر بدعوى الاستفادة من المواقف، خصوصاً أنني غالباً ما أمشي وحدي، وأنا أعرف أن هذا سبب داخلي.

أحياناً لا أهتم بالنظر عند انشغالي، لكن معظم علاقاتي تبدأ بالنظرة الأولى، ومدى تقبلي للشخص مما ينتج عنه أحياناً تعاطفي مع شخص معين، ويكون هو على النقيض من ذلك، مثال: استهويت شخصاً ما في المسجد سلم علي وتكلم معي في موضوع ما، وأرجع للبيت وأجدهم يتكلمون عنه بسوء، مثلاً أنه يمشي بالنميمة وعميل للشرطة؛ فأبدأ بالدفاع عنه بعكس ما قالوه، وهذا دائماً ما ينافي الحقيقة، وغالباً ما تعلقت بأشخاص وصادقتهم مع أنهم لا يصلحون لي البتة، خصوصاً أنني ملتزم نوعاً ما.

وإلى الآن لم أحصل على الصديق الوفي، وأتندم الآن على صداقتي لهؤلاء ومعرفتهم لكل أسراري وعدم معرفتي للتخلص منهم إلا بالهرب والكذب، أحياناً المشكل أنني لا أقدر على الانتظام في حل ما أو علاج ما، فأنا دائماً مسافر عن أهلي في قريتنا، أدرس بمدينة أخرى، وليس لي أصحاب بمعنى الكلمة في قريتنا؛ لذلك معظم جلوسي في مدينتي التي أدرس بها، ودائماً ما أسافر وأجلس أسابيع عديدة في القاهرة أو الإسكندرية، وأحاول أن أبدأ القراءة في مكتبتها.

آسف جداً لكثرة كلامي عن نفسي، لكن لتتفهموا المشكل، خصوصاً أنني لا أعرف ما الذي يدور بداخلي؟ خصوصاً أنني أعاني من الرهاب، ولكنه يظهر كثيراً، وأحياناً يختفي، وأنا لم أبدأ إلى الآن في معالجته، بل سأكتفي بإصلاح نفسي والبعد عن القلق ومواجهة المواقف، لكن كل الظروف المحيطة تمنع النجاح والشفاء من أي شيء في هذا الزمان.

إنني ينقصني الحنان، طفولتي تعتبر قاسية، اكتشفت ذلك منذ سنتين فقط عندما تزوج والدي المسن من أخرى، وكاد أن يطلق والدتي، لكن تدخل الأهل ومنعوه من ذلك، لكنه انكشف لي من كلا الطرفين (الوالد والوالدة) عدم وجود حب بينهما منذ زواجهما، مع أنهما أقارب؛ ولذلك تحاول نفسي البحث عن هذا الحنان، حالياً لا أدرى أأسميها طفولة متأخرة، أم ماذا؟ أعني هو إحساس بوجود أشخاص معي في البيت، لكن بدون أن يكون لهم أي مسمى (أم - أب - أخ) وليس له أي دور إلا قليلاً، كإعطاء المصروف والأوامر والنواهي وإعداد الطعام فقط؛ ولذلك حاولت أن أترك النظر لاكتشافي بعدي عن كل مظاهر الحنان منذ صغري، فأرى الأولاد مترابطين متعانقين بعد خروجهم من المدرسة، والأمهات تحنو على أولادها سواء في البيت أم خارج البيت، وأحياناً تكون تعابير الوجه أو الكلمة تعبر عن ذلك، والابتسامة أحياناً.

قد تقولون لي أن أترك النظر وأشتغل بالأذكار مثلاً، أنا حاولت كثيراً وأستغفر مثلاً خمس دقائق وأكمل باقي النصف ساعة في النظر (على فرض أن مدة الطريق نصف ساعة)، وأريد أيضاً وسيلة لشغل النفس في المواصلات وأثناء المشي في شيء مفيد بعيداً عن الكلام، مثلاً: التفكير في شيء مفيد.

أرجوكم أن تفصلوا لي الأمر، ويا حبذا لو هنالك دراسات أو خطوات مكتوبة لأقوم بطباعتها وقراءتها كل صباح للاهتمام بها.
بارك الله في جهودكم، وإلى الأمام دائماً يا رب.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أخي الكريم، لا يمكن أن نكتب قانوناً للسلوك الإنساني، للدرجة التي تكون هنالك تعليمات مكتوبة حتى يرددها الإنسان، ولكن الشيء المتعارف عليه هو أن يحاول الإنسان أن يلم بصفةٍ عامة بالأشياء التي تفيده من الناحية النفسية، وتحسن من توازنه النفسي؛ لأن الاتباع الحرفي لبعض التعليمات ربما يدخل الإنسان في مشاكل كثيرة، حيث أن مدارس الطب النفسي مختلفة، فهنالك من يؤمن من الأطباء بالمدرسة السلوكية بصفةٍ قاطعة، ومنهم من يتبع المدرسة التحليلية، ومنهم من يتبع المدرسة الأخلاقية ...وهكذا، ولكن الأمور يجب أن تؤخذ بوسطية.

أما بالنسبة لما يعتريك يا أخي، فمن الواضح أن المشاعر السلبية والتفكير السلبي هي مشكلتك الأساسية، ويرى أحد العلماء النفسيين المشهورين واسمه (بك) أن كل ما ينتاب الناس من اكتئاب ووساوس وقلق، هو ناتجٌ عن تصورهم السلبي للماضي وللحاضر وللمستقبل ولأنفسهم، وللعالم من حولهم، فأرجو أولاً أن تعرف عن تصورك السلبي هل هو نحو ماضيك أم حاضرك أم مستقبلك؟ وبعد ذلك تبدأ في تصحيح هذه المفاهيم، وذلك بالتركيز على الأشياء الإيجابية التي حدثت أو سوف تحدث، وهذا يؤدي إلى تطوير ما يعرف بالتفكير الإيجابي، والذي يؤدي في نهاية الأمر إلى نوعٍ من التغيرات المعرفية الإيجابية في خارطة التفكير، فلا يصح أبداً أن تنظر لكل ماضيك بسوداوية، فهنالك من عاشوا في ظروف صعبة وقاهرة، ولكنهم رغم ذلك نجحوا بفضل الله ثم بمثابرتهم وبحثهم عن الأسباب بصورةٍ صحيحة، ومن المفترض أن يعيش الإنسان ماضيه بحكمة وحاضره بقوة، ومستقبله بأملٍ ورجاء، وهذا هو الشيء المطلوب منك، أن تنظر في مصادر قوتك، وتنميها مهما كانت صغيرة، وبتنمية هذه المصادر الإيجابية، سوف يتم تضخمها للدرجة التي تختفي فيها كل المشاعر السلبية؛ لأن الإيجاب والسلب لا يلتقيان .

ما ذكرته عن نظراتك للناس، هذه يمكن التخلص منها بإجراء حوار مع ذاتك من أن هذا التصرف ليس صحيحاً، وهناك حالة يكون فيها النظر إلى الأشخاص وخاصة في وجوههم حين التخاطب فيها نوع من التقدير والانتباه للشخص المخاطب، لكن لا يصل الأمر لدرجة التأمل، والدخول في تفسيراتٍ عن هذا الشخص التي هي في غالبها ليست صحيحة، أي بمعنى أن تقنع نفسك بأن تعيش الأمور ببساطة أكثر، ولا داعي لتحليل الأمور بصورةٍ دقيقة ومفصلة.

أرجو يا أخي أيضاً أن تستثمر حياتك بصورةٍ أفضل، وذلك بوضع خطط آنية وخطط مستقبلية، كما أن الانضمام للجمعيات الرياضية وحلقات القرآن وُجد أنه يرفع من كفاءة النفس البشرية، ويحسن الصحة النفسية.

أما بالنسبة لأعراض الاكتئاب والرهاب الذي ذكرته، فهذا مرده إلى نظرتك السلبية للأمور الحياتية، وإذا اتبعت الإرشادات السابقة فسوف تستفيد كثيراً بإذن الله، وحتى ندعم هذا التحسن أود أن أصف لك أيضاً بعض العلاجات النفسية البسيطة التي وُجد أنها تصحح المسار الكيميائي المصاحب للاكتئاب، مما يترتب عليه التحسن إن شاء الله، ومن هذه العلاجات الدواء الذي يُعرف باسم زيروكسات، تبدأ بنصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفعها إلى حبةٍ كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم تنقصها إلى نصف حبة لمدة شهر.

لقد وُجد أيضاً أن ممارسة تمارين الاسترخاء والرياضة تفيد كثيراً في امتصاص مشاعر الاكتئاب.
وبالله التوفيق.

www.islamweb.net