التشاؤم والخوف والخجل

2005-03-01 08:30:17 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

فأنا شاب عندي حالة من التشاؤم والخوف والخجل، دائماً أخاف أن أطلب شيئاً أو أستفسر عن شيء من أحد؛ حتى لا أشعر بالإحراج من رد فعله أو الخوف من إجابته، حتى لو كان سؤالي مهما ومن حقي! فدائماً لم أسأل عن حقوقي بسبب خوفي! أيضاً عندي عدم ثقة بالنفس وعدم القدرة على المواجهة أو النظر في وجه من أتحدث معه! ودائماً أحس بالخوف والخجل وأحياناً بلا داع!

إذا ذهبت إلى أماكن ترفيهية أحس أني غير سعيد؛ لأني أكون دقيقا جداً في النظر لمعاملة الناس لي ورد فعلهم تجاهي، وإذا أحسست بعدم الاهتمام بي فيكون رد فعلي العصبية والغضب والاكتئاب! وغالباً أتعارك لهذا السبب! مع ذلك أحياناً لا أستطيع الرد على من أهانني، وإذا وصل الأمر للتشابك بالأيدي فإني أحس بالخوف ورعشة شديدة بجسدي ودقات قلب سريعة وعرق زائد وشعور بالنقص! أحس بها أيضاً عند احتداد المناقشة مع أي شخص ولا أستطيع التشابك؛ لأني أخاف أن أنهزم مثل مرتين في الماضي والتي لها آثار نفسية حتى الآن!

وأصبحت عندي عقدة نفسية من الخناقات والتشابك بالأيدي وأحس بالخوف والفزع أن تحدث لي مشكلة مثلها مرة ثانية، مع أن حالتي الجسمانية جيدة جدا! عندي مشكلة أيضاً أني لا أحس بقيمة الأشياء عندما أمتلكها، مثلا: كنت أحلم بسيارة فاخرة جداً، وعندما قمت بشرائها لم أستطع الإحساس بالسعادة بها ولا بقيمتها! وتصبح كأنها سيارة عادية جدا! وهكذا في كل شيء!

أريد أن أنبه حضراتكم بشيء: إني أعاني من ضعف الشخصية مثل الخوف والخجل من الكلام مع الآخرين أو المواجهة بأحد مثل مسؤول مهم؛ فأحس بشعور بالنقص وعدم التركيز في الكلام واحمرار الوجه والخوف! وكنت أقلد الآخرين في حركاتهم ولباسهم وهيئاتهم بل وحتى آرائهم وأخلاقهم! إنني أيضاً كثير الشكوى واللجوء للآخرين حتى في أبسط الأمور، فعندما كنت صغيرا ما كنت أستطيع الاعتماد على نفسي، وكان الوالدان ـ يرحمهم الله ـ خوفهما زائد علي خاصة أمي، كذلك الشدة الزائدة في التربية بحيث لا يعطى لي الفرصة للتعبير عن رأي أو على ما أحبه مثل عدم دخولي الجامعة التي كنت أرغب بها والتي أحسست بالحسرة حتى الآن لأني لم أدخلها وأحقق حلمي، وكل ذلك لإرضاء عائلتي وأحلام كثيرة لم أحققها لإرضائهم وضغطهم علي وعدم قدرتي على إقناعهم بوجهة نظري.

أما الآن فأنا أعمل مع إخواني في شركة واحدة؛ لأننا شركاء فيها ولكن دائماً لا أرغب في الذهاب إلى العمل؛ لأني لا أحب التجارة ولكن أنا مجبر على ذلك حتى اسم والدي ـ رحمه الله ـ يظل موجودا ولا نهدم كل ما حققه في لحظة، فدائماً لا أذهب للعمل بدون أسباب ولا أستطيع أن أسأل عن حقوقي خوفاً من رد فعلهم والإحراج، فأنا إذا ذهبت للعمل أو لم أذهب فهذه ليست مشكلة؛ لأن العمل سار، ويقوم إخواني الكبار بإدارته، فأنا أعيش بدون هدف ولا حلم! وأعراض الخوف والخجل والجبن وعدم الثقة بالنفس تمتلكني، حتى أصبحت الحياة بلا طعم!

أرشدوني ـ جزاكم الله خيراً ـ ما هي حالتي؟ وما الحل؟ وما هو العلاج؟ وهل أستطيع العلاج منه بدون أدوية لو أمكن؟ فأنا أريد إرشادات نفسية أستطيع أن أبدأ بها حياتي، وآسف على الإطالة.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: لا نرى أن هناك شيئاً يدعوك لأن تجعل من التشابك بالأيدي وسيلة للتواصل أو معالجة المشاكل مع الآخرين، فهذا الأمر يجب أن تعريه اهتماماً كبيراً.

ثانياً: من ملاحظة رسالتك وجدت أنك قد عبرت وبصورةٍ جلية عن حساباتك وتقديرك السلبي لذاتك، فلابد من أن تعيد النظر في هذا الأمر، وذلك بالبحث والتدقق في ما هو إيجابي في شخصيتك، والتركيز على ذلك، وسوف يساعدك ذلك كثيراً في التخلص من النظرة السلبية.

ثالثاً: ننصحك أيضاً بالمشاركة في الأعمال الجماعية، والانضمام لأحد الأندية الرياضية، أو الاجتماعية؛ حتى تستطيع من خلالها تطوير مهاراتك الاجتماعية.

رابعاً: عليك أن تضع جدولاً لنشاطك اليومي، يتخلله الصعوبات التي تعاني منها، مثل عدم المقدرة على النظر في وجه الآخرين، ومن خلال هذا الجدول اليومي تحتم على نفسك أنك سوف تُقابل مثلاً عشرة أشخاص، وأول شيءٍ سوف تبدأ به هو النظر في وجوههم، وتكرر مثل هذا التمرين البسيط بصفةٍ يومية، كما أني أنصحك أن لا تستعمل يديك أو اللغة الجسمانية الأخرى في التحاور والتخاطب مع الآخرين .

أنت مطالبٌ أيضاً لأن تضع هدفاً لحياتك، أياً كان نوع هذا الهدف في محيط العمل أو التعليم، أو الزواج، وتكثف كل جهدك للوصول لهذا الهدف، فهذا في حد ذاته، سوف يجعل معظم انتباهك وتركيزك نحو أمرٍ إيجابي، مما يؤدي إلى التخلص من السلبيات .

سوف تجد فائدة كبيرة أيضاً إن شاء الله في ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء، فقد وُجد أنها مقوية للنفوس قبل الأجسام .

وأخيراً: بالرغم من تحفظك نحو تناول الأدوية، إلا أني أود أن أؤكد لك وبكل صدق أنه توجد الآن أدوية فعالة وسليمة جداً، كما أن نوعية الأعراض التي ذكرتها لا نستطيع أن ننفي وجود الجانب البايلوجي فيها، والمسببات البايلوجية لا تُعالج إلا عن طريق الأدوية، فيا حبذا لو بدأت في تناول الدواء الذي يعرف باسم زيروكسات، بمعدل نصف حبة في اليوم، لمدة أسبوعين، ثم ترفعها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تنقصها إلى نصف حبة، لمدة أسبوعين، ثم يمكن أن تتوقف عنها .

لقد دلّت أبحاث وملاحظات كثيرة أن حلقات التلاوة تمثّل علاجاً نفسياً جماعياً شافياً، ومقوياً للشخصية، وعليه أرجو أن تحرص على ذلك.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net