هل شخصيتي تجنبية أم تشخيصي خاطئ؟!

2019-09-25 04:13:53 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا مشخصة حالتي باضطراب الشخصية التجنبية، وأريد أن أتأكد هل هي كذلك، أم هنالك شيء آخر؟!

مثلا أنا منذ سنين عديدة أتعالج بالعلاج السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي، ولم تتقدم حالتي، وأخذت عدة علاجات SSRI مثل فلوكستين وباروكستين وسيرتالين وأيضا فافرين وغيرها، وأيضا استعملت (الانفرانيل والفينلافاكسين و deanxit و Aripiprazole)، والقائمة تطول.

ما أريد أقوله: إنني جربت كل الطرق المتاحة، ولم أشف -للأسف- من هذا الاضطراب، ولم تعد تنفع معي الأدوية أو البرامج العلاجية الأخرى، ولكني منذ فترة وأخرى أطبق برنامجا علاجيا أرتضيه لنفسي وأراه يناسبني، ولكني في المرات السابقة فشلت. آخر مرة جربت علاج (Transcranial magnetic stimulation (tms).

الآن قرأت في موقعكم عن العين والسحر والحسد، ورأيت أن الاستشارات مشابهة لاستشاراتي، ووجدت أن هنالك حالات في الواقع عولجت عند الراقي أو ما يسمونهم بالسادة أو الشيوخ الروحانيين.. وكلام كثير يتناقل عن حالات نفسية شفيت بمجرد اللجوء إلى هؤلاء، فأحببت أن أسألكم عن حالتي هل ممكن أن تكون كذلك؟ لأني بالإضافة إلى الأعراض التي يعاني منها مضطربو الشخصية ولا أريد أن أكررها هنا، صارت عندي شكوك قوية منذ المراهقة بالدين والله، ورغم قراءتي واستماعي للمحاضرات والكتب التي تتناول هذه الجوانب لا زلت أعيش بدائرة الشك -لعل حياتي شك في شك-، غير الشكك في كل شيء، ولا أرتضي إلا بالبحث عن دليل على شيء وهذا مهم، ولكني في نفس الوقت أيضا أراه إيجابيا، لكن بصراحة مدركاتي الحسية ضعفت بسبب المرض والتفكير، ولا أراني أستطيع مواصلة البحث من كثرة الشكوك، ولا أستطيع أن أحسم أمري في وجود الله حتى مع أني أرى الأدلة عليه قوية والأدلة المادية الإلحادية تافهة، لكن مع ذلك تبقى عندي شكوك!!

على الرغم أنني أبحث دائما في المسائل الدينية والعقائدية، والآن عندي هدف أن أدرس الإسلام والتاريخ الإسلامي، ولكن أرى نفسي غير قادر على ذلك بسبب المرض، وقلة قدراتي، وكثرة نسياني.

لا أعرف ماذا أفعل في حياتي! ولا أعرف ما أعانيه! هل هو مرض، أم عين، أم سحر، أم غير ذلك؟!

هل ممكن الإجابة على سؤالي بشيء من التفصيل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ مرتضى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل الكريم- في موقعك، ونشكر لك التواصل والاهتمام، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يكتب لك السلامة والعافية، ويُحقق لك اليقين والطمأنينة والآمال.

لا شك أن خير من يُجيب على الجوانب النفسية هو دكتورنا ومستشارنا وأستاذنا/ محمد عبد العليم، نفعك الله بعلمه والمسلمين.

أمَّا ما سألت عنه من أثر العلاج بالرقية الشرعية فهو جليٌّ وواضح، فالرقية دعاء، وربنا سبحانه يُجيب المضطر إذا دعاه، والعين حق، وكل ذلك لا يُصيب الإنسان إلَّا إذا قدّر الله القدير، والأمراض بأنواعها ابتلاء، وطلب الدواء بالدعاء أو بالرقية أو بالذهاب للطبيب المختص ممَّا أمر به الشرع الحنيف، ونحن نرد أقدار الله بأقدار الله.

والرقية الشرعية نافعة في كل الأحوال، والمحافظة على الأذكار والتحصينات تنفع في الذي نزل وفي ما لم ينزل.

وحتى نتمكَّن من مساعدتك ننتظر منك مزيدا من التوضيح لما يحصل لك ومعك في نومك وصحوك، ونأمل أن تكون ممَّن يحافظ على صلواته.

أمَّا مسألة الشكوك التي تحصل لك؛ فاحمد الله أنك رافض لها، وذاك صريح الإيمان، وعلاجها يكون بإهمالها ثم بالتعوذ بالله من الشيطان، ثم بالتلهي عنها والانتقال منها إلى عمل نافع مفيد، ولا نشجّع فكرة البحث عن حلول لها وحدك، ولكن لابد من الرجوع إلى موقعك أو عالِم ثقة تتمكّن من الوصول إليه حتى يوضّح لك الأمور.

ونكرر الترحيب بك في موقعك، ويمكنك التواصل على واتساب 0097455805366، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.
---------------
انتهت إجابة د/ أحمد الفرجابي..........مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة د/ محمد عبد العليم.......استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
----------------

أسأل الله لك العافية والشفاء.

أنت في سِنٍّ صغيرة وفي بدايات سِنّ الشباب، والله تعالى حباك بطاقاتٍ عظيمة -طاقاتٍ نفسية وجسدية وفسيولوجية- من خلال استغلال هذه الطاقات يجب أن تخرج نفسك من هذا الذي أنت فيه.

تشخيص ما يُسمَّى بالشخصية التجنُّبيّة أراه تشخيصًا واهيا جدًّا -مع احترامي الشديد لمن شخّصك بهذا التشخيص- والشخصية التجنُّبيّة ليست حالة مُطبقة لا يخرج الإنسان منها، كل الناس لديه شيء ممَّا يمكن أن نُسمّيه باضطرابات في الشخصية، لدينا الوسوسة، لدينا التجنّب، لدينا القلق، لدينا الخوف، لدينا الشكوك، وهذه في حدِّ ذاتها تُعتبر طاقاتٍ نفسيّة إيجابية، إذا كانت بصورة معقولة، فالذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يخاف لا يحمي نفسه...وهكذا.

فأرجو أن تُغيّر مفاهيمك عن نفسك، وأرجو أن تصرف انتباهك عن أعراضك، وذلك بأن تُسخّر حياتك لما هو أنفع، تجتهد في دينك، تجتهد في دراستك، صِلة الرحم، برّ الوالدين، التواصل الاجتماعي، حُسن إدارة الوقت، بناء صداقات متميزة مع الصالحين من الشباب.

يجب أن تلجأ لهذه الأمور كوسائل علاجية، لكن الاعتماد على الأدوية ودخولك أيضًا في علاجات أخرى - كالـ TMS - أنا أحترم تمامًا رأي من نصحوك بذلك، لكن أعتقد أنك قد أدخلت نفسك في دهاليز لا داعي لها.

أريد أن أتوقف عند أعراض الشكوك التي تأتيك: هذه شكوك وسواسية، ويجب أن تُحقّر، ويجب ألَّا تهتمّ بها، ولا تشرع أبدًا في تحليلها أو حوارها؛ لأن ذلك يُثبِّتها، وعليك أن تستعيذ بالله تعالى منها ومن الشيطان، وأن تُكثر من الاستغفار والصلاة على النبي المختار، وأن تصرف انتباهك عنها، هذا مهمٌّ جدًّا.

وفي هذا السياق ليس هنالك ما يمنع من تناول عقار (فلوكستين/بروزاك) فهو مفيدٌ جدًّا، يُضاف إليه جرعة صغيرة من علاج (رزبريادون/رزربريادال). البروزاك يمكن أن تتناول كبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم -أي أربعين مليجرامًا- تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الفلوكستين.

أمَّا الرزبريادون فجرعته هي أن تبدأ بواحد مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها 2 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الرياضة مهمّة جدًّا، تقوّي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، فاحرص عليها.

أمَّا فيما يتعلق بموضوع العين والسحر: فهي حق، وهي موجودة، ونؤمن بوجودها، ونؤمن أن العين تُدخل الرجل القبر والجمل القِدر، ونؤمن أن السحر يؤثّر في الناس، لكن في ذات الوقت نؤمن أن لهذه الأشياء علاجا، ويُدفع القدر بالقدر، ونفر من قدر الله إلى قدر الله.

وأيضًا أصيب الناس بالكثير ممَّا يُشاع وفي حقيقة الأمر ليس صحيحًا، دخلت أوهام كثيرة لدى الناس حول هذا الموضوع. كل المطلوب منك هو أن تتوكل على الله تعالى، وأن تحرص على صلواتك في وقتها، وأذكار الصباح والمساء، وأن تحصّن نفسك بما هو مشروع من ذكر وقرآن ودعاء، وأن تطبق على نفسك الرقية الشرعية، ويمكن الاستعانة براقٍ شرعي يراعي الضوابط الشرعية في الرقية.

ويجب أن تكون على يقين تام أنك إن كنت مُصابًا بأيٍّ من هذه الأشياء -أي العين أو السحر- فإن الله سوف يُبطله، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net