أبي وأمي يفرقان في التعامل بيني وبين بقية إخوتي، فما العمل؟

2020-09-16 02:44:14 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا الأخت الوسطى في العائلة، ولدي أخ وأخت توأمين أكبر مني، وبعدهما أخت مريضة بمرض مزمن عافاها الله، ثم أنا، ثم أختي التي تصغرني ب 10 سنوات.

أنا أعاني من تمييز والداي في التعامل، فأنا دائما أنتقد، ويتم توجيه اللوم لي، ويتم رفض طلباتي، والتنقيص من أهميتها، وفي صغري كثيرا ما تم معاقبتي والصراخ في وجهي على أمور تافهة، وكانت تربيتي شديدة، حتى أن إحدى صديقاتي أيام الطفولة قالت لي ذلك، ويا الله ما أشد تلك الكلمة على قلبي، (أهلك متشددين معك كثيرا)، وكل ذلك لا أجده يواجه إخوتي، خاصة أختي الأصغر مني -أكرهها ولا أستطيع التكلم معها-، لا يتم تحميلها أي مسؤولية، وأنا دائما أتحملها، ودائما أنا مخطئة.

أنا أشعر أني بلا قيمة، وأعاني جدا والله، نفسيتي مثقلة جدا تجاه والداي، أحيانا لا أستطيع النظر إلى وجههما، ولا أريد أن أسمعهما، ولا أن أتكلم معهما، وأشعر أني قد فقدت احترامي تجاههما، يراودني التفكير بالانتحار، وأسال الله العافية، حاولت أن أخفف عن نفسي بأن أكتب مشاعري على دفتر خاص، كتبت الكثير الكثير ثم مزقته وأحرقته كله.

أحاول التجاوز والنسيان والتغافل، لكن ما ألبث إلا أن يحصل موقفا جديدا يفتح جراح كل المواقف، أقوم الليل، وأصلي وأدع الله مـن يغفر لهما ما فعلا في حقي، لكن والله الأمر جدا ثقيل على قلبي، أبكي كثيرا عند نومي بسببهما، أحاول ملء وقتي كي لا أفكر كثيرا، لم أعد أشعر أني أحبهما، أفعل ما يطلبانه بغير حب، فقط حتى لا أكون عاقة ويحاسبني الله، وكلما حاولت الشرح لهما لا يتم فهمي.

وحسبي الله ونعم الوكيل.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل التحايا لك -ابنتي الفاضلة-عائشة.

بداية: يُقال: إذا أردنا أن نعرف مستوى الأخلاق عند المرء؛ علينا أن ننظر إلى معاملته لأهله، وحنينه إلى وطنه، وغيرته على دينه، فأنا -يا بنيتي- أرى الخير فيك من خلال خوفك على ما وصلت إليه العلاقة بينك وبين والديك وشقيقتك الصغرى، وأنك تعيشين في قلق وتوتر دائم، ولا ترضين على نفسك أن تعاملي بالمثل، وأنا أقدر وأشعر بك وما تمرين به من ألم.

أوجب الشرع العدل بين الأبناء، ولا يجوز للأهل تفضيل بعض أولادهم على بعض دون مسوغ شرعي، والتفرقة بين الأبناء خطأ قد يقع فيه بعض الآباء والأُمّهات من دون قصد.

اعلمي أن إحسانك إلى أختك صدقة، وتحملك ما يصدر منها يدل على أخلاقك العالية، وداومي على الإحسان لها؛ فهي في عمر المراهقة، وبحاجة إلى الدعم والمساندة، وأن نعذر لها ما يصدر منها، كما تعلمين المراهقة هي العمر الفاصل بين الطفولة والرشد، وهي فترة متقلبة وصعبة تمر على المراهقين، وأنت متعلمة؛ فكوني أكثر حكمة ووعيًا في علاقتك مع أختك؛ فصلة الرحم من أعظم العبادات، فتقربي منها، وتحملي عنها بعض أعباء البيت، واجتهدي في الثناء عليها أمام الأهل والأصدقاء، وتأكدي أنه سوف يتغير حالها بعد فترة وجيزة، وهذه فرصة لك أن تتوددي إليها وترققي قلبها بالمعاملة الحسنة.

وسوف يأتي يوم وكل واحدة منكما سوف تتزوج، وتكون لها حياتها الخاصة، ولا يبقى بينكما سوى الذكريات، فلتكن ذكريات طيبة، وخيركم من عامل أهله بالحسنى.

انظري إلى الحياة بمنظار جميل، ويجب أن تكوني نموذجًا يحتذي به إخوانك وأخواتك، وأن تكوني صاحبة إرادة وشخصية مميزة، رغم الخلافات الأسرية الموجودة في المنزل، واعلمي أن كل البيوت تعاني من مشاكل واختلافات، وعلينا أن لا نغرق أنفسنا بمشاكل الدنيا، وعلينا أن نركز بمستقبلنا ودورنا في هذه الحياة التي سوف نُسأل عنها أمام الله عز وجل، وأنت عليك أن تقومي بدور الفتاة البارة لوالديها.

ابحثي عن مواطن القوة لديك وطوريها، ولا تستوقفي بالحياة عندما يصدر من شقيقتك الصغرى، فوجهي قلبك وحبك نحو الذي فطر السموات والأرض والبحر والجبال، وأنعم عليك بنعمة الصحة والعقل السليم، فلا تقصري في العبادات من صلاة وصوم ودعاء واستغفار.

اشغلي روحك وفكرك بزيادة برّ والديك وصلة أرحامك، واهتمامك بإخوتك؛ فهذه الأعمال تغذي النفس بما فيها من منفعة لك ولغيرك، والتمسي لوالديك العذر فإن لم تجدي عذرا فقولي في نفسك: لعل لهم عذراً لم أعرفه.

احرصي على الحق والعدل والإنصاف في نظرتك لوالدتك، ويجب أن تتعاملي مع الوضع، وألا تطلبي الكثير من الاهتمام وأن تعي جيداً أن أمك تتعب كثيراً وشقيقتك المريضة بحاجة إلى الرعاية والاهتمام والحنان والعطف باستمرار، والقاعدة الأساسية في التعامل مع الوالدين عمومًا هي العمل على إرضائهم واحتساب الأجر، حتى في المعاناة عند التعامل مع أحدهما؛ حيث إن الأصل هو ذلك.

تمعني في قصة الرجل الذي يطوف بالكعبة حاملاً أُمه على كتفه فسأل ابن عمر: " حمَلْتُها أكثر مما حملتني فهل أدّيت حقها عليَّ؟ فقال له ولا زفرة من زفراتها"، فهذا الرجل مجتهد في بر والدته، ولكن الصحابي الجليل ابن عمر أقسم فقال: والذي نفسي بيده ولا زفرة من زفراتها؛ أي لا يساوي هذا التعب زفرة واحدة من زفراتها في ساعة الولادة؛ لأنها هي التي سهرت لينام وجاعت ليشبع ورعته بحنانها وعطفها.

خطِّطي لحياتك كما ينبغي، فبإمكانك مُتابعة الدراسة عن بُعد، واعلمي أن القلب المليء بالإيمان لا يقنط من رحمة الباري.

أسأل الله أن يجمع قلبك وقلب أختك على ما في رضاه، وأن يبدل ما بينكما إلى محبة صادقة. والله ولي التوفيق.

www.islamweb.net