أتوتر من الأصوات المحيطة بي، كيف أتعامل مع هذه المشكلة؟

2020-11-14 23:56:19 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أريد مساعدتكم بتشخيص حالتي، فأنا أعاني منذ زمن بسبب الأصوات المحيطة خصوصا بالمنزل، حيث أنزعج بشدة من أصوات الجيران، وتكون بسيطة مثلا: أسمع صوت تحريك الكرسي أو الطاولة من الشقة السفلية فأصاب بتوتر وأنزعج، وأنتظر انتهاء الصوت، أشعر بأنني أركز على الأصوات، وفي حال سماعها أتضايق وأكتئب، حتى في المنزل مع زوجتي أنزعج لو قامت بتحريك أغراض المطبخ، أو إذا كان صوت التلفاز عاليا، فأقوم بسرعة لتعديل الوضع، والتأكد من زوال مصدر الصوت.

أكثر ما يضايقني هو الصوت الصادر من الجيران، علما بأن الصوت لا يعتبر عاليا، لكنني لا أعلم لماذا أركز وأتضايق من أي صوت قادم منهم، وشعوري بالعجز لعدم مقدرتي لعمل أي شيء بخصوص الأصوات الصادرة من خارج بيتي، فهل ما أعاني منه وسواس أم اكتئاب، أم قلق؟ أرجو الإفادة.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مثل هذه الظواهر موجودة، أن يتحسس الإنسان للأصوات وينزعج منها، وغالبًا تكون أصواتًا مُعيّنة -كما تفضلت- مثل تحريك الكراسي أو الطاولات، وهذا نوع من الحساسية النفسية في المقام الأول، وهو سلوك مكتسب، ربما تكون حدثت لك تجربة سالبة في مرحلة الطفولة، صوت ما أزعجك، أُصبتَ بشيء من الخوف، وهذا ظلَّ متمركزًا في كيانك الوجداني الداخلي، ومن ثمَّ بدأ يظهر الآن في شكل هذا الانزعاج.

إذًا هذه نظرية معروفة، وهي تجربة مكتسبة ظهرت بهذه الكيفية، هذا أحد التفاسير.

تفسير آخر وهي (النظرية الإسقاطية)، أن الإنسان يكون لديه عدم رضا من شيء معيّن، يُعبِّرْ عنه بسلوك مختلف، يعني مثلاً: قد يكون أحد الجيران تصرف تصرُّفًا لم تقبله في فترة ما، حتى ولو كان هذا التصرف تصرُّفًا بسيطًا، فأصبحتْ أي أصوات -أيَّا كان مصدرها- ليست مريحة لك، وحتى في داخل البيت، هذه أحد النظريات أيضًا المعتبرة.

الأمر الآخر: بعض الأشخاص الذين لديهم قلق اكتئابي من الدرجة البسيطة تحمُّلهم للأصوات المزعجة يكون قليلاً جدًّا، لكن هذا يكون في حالة الأصوات الصاخبة، الأصوات المزعجة، يصعب تحمُّلها.

أمرٌ آخر: في حالات نادرة الأشخاص الذين لديهم ارتفاعًا في مستوى هرمون الغدة الدرقية أيضًا لا يتحمّلون الأصوات المزعجة، لا أعتقد أن هذا ينطبق عليك طبعًا، لكن سيكون من الجميل أن تُجري فحوصات طبية عامَّة، وتتأكد من مستوى هرمون الغدة لديك.

في بعض الأحيان أمراض الأذن الداخلية أيضًا قد تؤدي إلى شيء من هذا.

أنا حاولت أن أغطي لك كل الاحتمالات، لكن أميل أنه نوع من السلوك المكتسب، وليس أكثر من ذلك.

حقّر هذه الفكرة، (لماذا أنا أنزعج لهذه الأصوات؟ الأصواتُ موجودة في الدنيا، وكل الناس عُرضة لها)، أجري وقم بهذا النوع من الحوار مع نفسك، ثم قم ببعض التمارين التي نُسمِّيها (تمارين التعريض أو التعرُّض مع منع الاستجابة)، مثلاً: قم أنت بتحريك الكراسي أو الطاولة، وعرِّض نفسك لصوت حركتها لفترة لا تقل عن عشر دقائق، أو دعْ زوجتك الكريمة تقوم بهذا، هذا نوع من التعريض الذي يؤدي إلى التآلف النفسي الداخلي، تمارين شكلها سخيف لكنها ذات منشأ علمي.

الأمر الآخر: أريدك أن تطبق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة جدًّا، تمارين التنفس التدرجي، تمارين قبض العضلات وشدِّها، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، طبّقها، ودع زوجتك الفاضلة أن تُحرّك الكرسي مثلاً أو الطاولة، ويكون هنالك صوت صادر من هذا التحريك لهذه الأشياء، ويكون هنالك إزعاج، هذا نوع من التعريض الإيجابي جدًّا، بمعنى أننا قمنا بالفعل المكروه والمرفوض لديك، وفي ذات الوقت أتينا بفعل مخالف وهو التمرين الاسترخائي.

هذا هو ما أودُّ أن أنصح به، وأعتقد أيضًا إذا تناولت أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق سوف يفيدك، هنالك عقار يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، تناوله بجرعة كبسولة واحدة (خمسون مليجرامًا) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net