أستذكر أحداث قديمة وتؤثر على تفكيري فكيف أتركها؟

2021-06-06 05:11:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني منذ فترة بتذكر أحداث وقعت لي منذ قرابة 20 سنة، فمثلا أتذكر أني تشاجرت مع شخص أصغر مني بسنتين، كنت أطول منه قامة، كانت مشاجرة كلامية ولكنه فاجأني بالهجوم علي، وبحضور بعض الناس، كنت خجلا من نفسي، وما أحرجني تغلبه علي، في حينها تجاوزت الموضوع بشكل عادي، ولم يسبب لي مشاكل نفسية، وأتممت دراستي.

حاليا كلما تذكرت الأمر أحزن واكتئب رغم قناعتي بتفاهة الأمر، وأشعر كأن شيئا ما يجبرني بالإكراه على إعطاء هذا الأمر أهمية كبيرة، والله أكتب هذه الكلمات بخجل فهل هذا مرض نفسي أم وسوسة؟ وما الحل؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ص.ح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: أن تحدث للإنسان بعض الاجترارات الفكرية عن الأحداث التي حدثت فيما مضى – خاصة إذا اقترف الإنسان شيئًا فيه خطأ أو كان في موقف ضعيفًا – هذا النوع من الاجترارات يحدث لكثير من الناس، وهو نوع من الوسواس الاجتراري.

والأمر – أخي الكريم – كما تفضلتَ لا يحتاج لهذه الأهمية أبدًا، هذه الفكرة يجب أن تطردها، أن تُكثر من الاستغفار، وأن تصرف انتباهك عنها تمامًا، حقّر هذه الفكرة تمامًا، وأنا أقول لك: من الضروري جدًّا أن نستوعب دائمًا أن الماضي ضعيف، والحاضر هو الأقوى، لذا يقول علماء السلوك: (يجب أن نعيش قوة الحاضر، ويجب أن نعيشها بفعالية، ويجب ألَّا نهتمَّ بضعف الماضي، ولا نخاف من المستقبل)، هكذا – يا أخي – هي المعادلة السلوكية الصحيحة.

فأنا أقول لك: اصرف انتباهك تمامًا عن هذا الأمر، وأرجو أيضًا أن تستبدل هذه الفكرة الاجترارية بفكرة مخالفة لها، حين تأتيك تذكّر شيئًا آخر في حياتك، هنالك أشياء جميلة، هنالك أشياء طيبة لابد أن تكون قد حدثت لك، وخاطب نفسك قائلاً: (أنا سوف أستبدل هذا الفكر السخيف الحقير بفكرة أخرى كذا وكذا وكذا ...).

هذه – أخي الكريم – هي الطرق العلاجية المعروفة، وهنالك أيضًا طريقة تُسمَّى بطريقة التنفير، وهذه الطريقة عبارة عن أن تستجلب الفكرة الوسواسية وفي بداياتها دون أن تُحلِّلها كثيرًا، تربطها بشيء يُؤلم النفس، مثلاً تقوم بالجلوس أمام طاولة خشبية مثلاً، وتقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة، حتى تحس بالألم، وفي نفس لحظة الإحساس بالألم تستجلب بدايات هذه الفكرة السخيفة.

بمعنى آخر: أن تربط بين هذه الفكرة وإيقاع الألم، تُكرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية، (ألم، فكرة، ألم، فكرة، ألم، فكرة)، وهكذا.

وتنتقل إلى تمرين آخر: تتأمّل في هذه الفكرة الوسواسية السخيفة، وفي ذات الوقت تصوّر أن طائرة قد احترقت أمامك مثلاً، حدث فظيع – نسأل الله ألَّا يحدث – لكن لهدف العلاج السلوكي أنا أذكر لك هذه المُعطيات العلاجية، أو مثلاً: قم بشمِّ رائحة كريهة – إن وجدتَّها – شمّ الرائحة الكريهة وائتِ بالفكرة الوسواسية، شم الرائحة وائت بالفكرة، وهكذا.

كما ذكرت لك – أخي الفاضل – علماء السلوك وجدوا أن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في حيِّزٍ واحد، في حيِّزٍ فكريٍّ معرفيٍّ وجدانيٍّ إنسانيّ، وهذا التمرين بالرغم من أن البعض قد يعتبره أمرًا هزلي أو ليس بذا جدِّية، لكن على العكس تمامًا قيمته العلمية عالية جدًّا إذا طبَّقه الإنسان بصورة صحيحة.

ويا أخي: إذا أزعجتك هذه الأفكار ولن تستطيع أن تتخلص من خلال التطبيقات التي ذكرتُها لك يمكن أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق الوساوس، من أفضل الأدوية دواء يُسمَّى (فافرين)، هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوفوكسامين) يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء فاعل، وسليم، وغير إدماني، وهذه جرعة صغيرة جدًّا، وتوجد أدوية أخرى كثيرة، لكنه ربما يكون هو الأفضل.

أرجو – أخي الكريم – أن تتفهّم طبيعة المشكلة كما ذكرت لك، وأن تُطبق الآليات العلاجية السلوكية المذكورة، وأن تتناول الدواء الموصوف، و- إن شاء الله - تعالى سوف تنقطع عنك تمامًا، وأرجوك أن تعيش قوة الحاضر، هذا هو المهم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net