فقدان الرغبة في الحياة

2021-06-17 03:47:40 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 21عامًا، أعاني من مشاعر اليأس والإحباط، وأرى أن الحياة مملة ولا شيء يسعدني، وأميل إلى الحزن منذ أن كنت صغيرة، أفكر في كل ما هو حزين أو أتخيل نفسي شخصا آخر تماماً، وأتصرف على نحو معين، وأستغرق في ذلك فترات طويلة, كما أنه لم يعد لدي شغف لأي شيء بالرغم من أنني أملك أهدافا وأود تحقيقها إلا أنني فقدت الاهتمام بها ولم يعد ذلك يشكل فارقاً بالنسبة لي.

لدي حساسية مفرطة وأحياناً لامبالاة بما يجري حولي وما يجب قوله وما لا يجب, أحياناً أشعر بحماس شديد ورغبة في التخطيط والعمل ثم لا تنتهي عدة أيام حتى أعود تدريجياً لما كنت عليه.

أشعر بعدم ثقة في نفسي ومراقبتي الشديدة على كل كلمة ورد فعل يصدر مني أو ممن هم حولي، ترهقني بشدة وتجعلني أفضل الانسحاب وعدم الكلام. أكره الإزعاج وأشمئز حتى من صوت الآلات ومضغ الطعام.

بالإضافة إلى ذلك لاحظت أنني عندما أتعرض لموقف صعب كحصول مشاجرة مع أحد أفراد أسرتي أو غيرهم تبدأ يداي بالرجفان وتزداد دقات قلبي وأتلعثم كثيراً، وأشعر بالخزي بعد هذا كله، وأفكر لماذا لم أستطع السيطرة على نفسي في ذلك الموقف، وهذا يجعلني أنسحب من النقاشات وأفضل الانزواء بعيداً عن الأنظار بعد حصول موقف مشابه أو موقف محرج لي.

كرهت نفسي بسبب ذلك ولم أعد أحتمل بقائي على هذه الحال، أشعر بخيبة أمل من كل شيء، وعندما أفكر في المستقبل أتساءل كيف لي أن أعيش وأنا أملك مثل هذه الصفات في شخصيتي؟ كيف يمكن أن أربي وأتزوج وأنا هكذا؟

لا أتقبل الواقع وأكره الضغوطات، أنام كثيراً، وأسوف أعمالي لآخر لحظة. ما العمل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يجلب لك الطمأنينة، وأن يُحقق لك السعادة والآمال.

أرجو أن تبدئي بإصلاح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، وعمارة الأوقات بذكره وشكره، والحرص على عبادته، ثم عليك بعد ذلك أن تُدركي الرسالة التي خُلقنا لأجلها، {وما خلقت الجنّ والإنس إلَّا ليعبدونِ * ما أريدُ منهم من رزق وما أريد أن يُطعمون}.

إذا اشتغل الإنسان بما خلقه الله له وجد الراحة والطمأنينة والسعادة، واعلمي أن الرزق قدّره الله تبارك وتعالى، وأن وجود الإنسان في أسرته أو في جماعة يحتاج إلى ثمن، ومع ذلك فالمؤمنة التي تُخالط وتصبر خيرٌ من التي لا تُخالط ولا تصبر، وثقي بأن الإنسان لا ينال في هذه الحياة كل ما يتمنَّى، ولكن السعيد إذا أُعطي رضي، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

وإصلاح ما بينك وبين الله وسعيك في رضاه هو الذي يجلب لك رضا مَن حولك، فإن قلوب العباد بين أصابع الرحمن يُقلِّبُها ويُصرِّفُها، وإذا أقبلت بقلبك على الله أقبل الله بقلوب مَن حولك وبقلوب الناس إليك، فحبُّ الله تبارك وتعالى هو الذي يجلب للإنسان الخيرات، فاشغلي نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، ولا تعطي الخلافات والمشكلات حين تحدث أكبر من حجمها، فإنها من طبيعة الحياة، ولكن من المهم تفادي أسباب حصول الخلافات والمشكلات، وكوني دائمًا عونًا لإخوانك، قريبة منهم، وإذا شعرت بالضيق فعندها يمكن أن تنسحبي إلى مكانٍ تُقبلي فيه على الله، وتقرئي فيه من كتاب الله، وتُطوّري بعض المهارات الهامّة التي عندك.

أمَّا بالنسبة للآمال: فهذه الدنيا الآمال فيها مُنقَّصة، وكلُّ الناس يمضي من هذه الدنيا دون أن يُحقق ما أراد من آمال، ولكن لكي نُحقق الآمال والأهداف ينبغي أن تكون الأهداف مُحددة، الأهداف مكتوبة، الأهداف معقولة، يعني: متناسبة مع قدراتنا وملكاتنا، فإن الذي يُكلِّفُ نفسًا بأمور كبيرة ويضع أهداف عالية ويبدأ بحماس يتوقَّف بسرعة، لكن الإنسان ينبغي أن يسير في حياته بسير معتدل، ويُعطي النفس حقها، ويُعطي الأهل حقهم، ويُعطي الزُّوار والزميلات والصديقات حقّهم، هكذا يُنوّع الإنسان برنامجه، كما قال النبي: (إنَّ لربِّك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، وإنَّ لزَوْرِك عليك حقًّا)، هكذا وجَّهنا النبي صلى الله عليه وسلم.

فالاعتدال في البرامج والحرص على عمل المعقول وتشجيع النفس مع كل نجاح أيضًا، ما ينبغي أن يكون الإنسان مُحبطًا لنفسه، فإذا أنجز عملاً عشرة بالمائة وفرح به أصبح عشرين بالمائة، وفرح به أصبح ثلاثين، هكذا نحتاج إلى أن نتفاءل ونطرد التشاؤم، لأن التفاؤل يبعث في النفس القوة، ويربطها بالله تبارك وتعالى الذي يُحقِّقُ للناس الآمال.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وننتظر منك أن تُغيّري هذا النمط، وأكثري من الدعاء، وأكثري من ذكر الله، ونتمنَّى أيضًا أن تُشجّعي مَن حولك حتى يتواصلوا معنا، حتى نسمع وجهة نظرهم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net