لدي أفكار ووساوس حول المرض والموت، فما السبب؟

2023-06-26 00:53:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.

أعمل معلماً في الثانوية، بدأت معاناتي منذ المرحلة الإعدادية، نشأت في أسرة متدينة -والحمد لله-، وكنت متفوقاً دراسياً، ولكن كانت تأتيني أفكار غريبة، تقول لي: اذهب من هذا الطريق، البس هذه الملابس لكي تنجح؟ أمك ستموت؟ واستمرت معي، ولا أعرف السبب، وتعرضت للتنمر بسبب نحافتي، أثر علي رغم أنه كان دافعاً لي لممارسة الرياضة، وهذه الأفكار كانت تهدأ أحياناً بسبب الرياضة، وتعايشت معها.

كنت أخاف السماع عن الأمراض والموت، وأحس بذعر إذا حكى لي أحد عن مرض معين، أحس أني مصاب به، وتعايشت مع الأفكار الغريبة، إلى أن أصبت منذ سنتين بصداع وارتفاع ضغط الدم، جاءتني أفكار غريبة، ورغم أني قمت بالفحص، واختفى الصداع وضغط الدم -والحمد لله-، لكن ازدادت الأفكار بالمرض والموت، إلى أن جاءني خفقان في قلبي، وقمت بالتحاليل والفحوصات، و-الحمد لله- كانت سليمة، وبعدها تغيرت الحياة معي.

أحسست أنه عقاب من الله، لأني كنت أكلم النساء غير زوجتي، ولكون تربيتي ذات طابع ديني، كنت أبكي حرفياً، وندمت كثيراً، وبكيت كثيراً.

بعدها أحسست بخوف من الأمراض، ومرض السرطان، والأمراض المزمنة، ومن الموت، عشت أصعب أيام حياتي، أخاف من الناس، أحس أنهم يحسدوني، وإذا قال لي أحد: بارك الله فيك، أو قال: يعطيك العافية، أحس أنه يدعو علي! اعتقدت أنها عين أو سحر أو مس شيطاني، وقمت بالرقية الشرعية كثيراً، لكن لم أرجع لطبيعتي، هل هو وسواس فكري؟ وما العلاج؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أخي: لا شك أن الأفكار التشاؤمية التي كانت تعتريك فيما مضى - في المرحلة الإعدادية على وجه الخصوص-، هي أفكار وسواسية، والوسواس يؤدي إلى حيرة كبيرة، خاصة أنك كنت في سِنّ التكوين والهشاشة النفسية والوجدانية، والحمد لله تعالى اختفت تلك الأفكار، وبعد ذلك ذكرتَ أنك قد تعرَّضت للتنمُّر في المدارس، والأفكار حتى وإن لم تنته استطعتَ أن تتعايش معها، وظهر موضوع ضغط الدم، ولكن كل هذا -الحمد لله- اتضح أنه لا يُمثّل أي علَّةٍ طبيَّةٍ أساسية لديك.

الأفكار زادت وتحوّلت إلى ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسية، هنالك قلق، وهنالك مخاوف - خاصة الخوف من الموت - وهنالك الجانب الوسواسي، حيث إنها أفكار مقتحمة وتتميّز بوجود اجترار أفكار مستمرة، وقطعًا تُسبّب لك الازعاج.

أخي: لا أعتقد أن الأمر له علاقة بالعين أو السحر، نحن نؤمن بوجودهما، نسأل الله تعالى أن يحفظ الجميع، والله خيرٌ حافظًا، المسلم حين يُحافظ على صلواته وأذكاره، ويعامل الناس بالحسنى، ويكون له ورد قرآني، فالله يحفظه من هذه الشرور تمامًا، فأرجو أن تزيل هذا التفكير من وجدانك وخُلدك، وأنا أقول لك إن الأمر أمر طبي، وليس أكثر من ذلك.

أنت تحتاج لعلاج دوائي، و-بفضلٍ من الله تعالى- توجد أدوية فعّالة جدًّا لعلاج قلق المخاوف -خاصة الخوف من الأمراض والموت، وكل أنواع المخاوف-، لدينا الآن أدوية ممتازة لعلاجها، من أفضل هذه الأدوية العقار الذي يُعرف باسم (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، وله مسميات تجارية منها (زولفت) و(لوسترال).

إن لم تتمكّن من الذهاب إلى الطبيب النفسي، فيمكنك الحصول على هذا الدواء، وتبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة -أي 25 ملغ- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة -أي 50 ملغ- لمدة شهرٍ، ثم ارفع الجرعة إلى حبتين يوميًا -أي 100 ملغ-، وهذه جرعة وسطية.

علمًا بأن الجرعة الكلية والكاملة هي 200 ملغ يوميًا، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة القصوى.

استمر على جرعة 100 ملغ لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية، وهي 50 ملغ فقط، تتناولها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعل الجرعة 25 ملغ يوميًا لمدة شهرٍ، ثم 25 ملغ يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: التدرُّج في تناول الدواء بالكيفية التي ذكرناها لك سيكون مفيدًا جدًّا لك؛ لأن ذلك يتيح فرصة للبناء الكيميائي الإيجابي، ممَّا يجعل الموصّلات العصبية في حالة نشاط وفعالية، ومن هنا تتأتّى -إن شاء الله تعالى-الفائدة العلاجية.

أريد -يا أخي- أيضًا أن أصف لك دواءً داعمًا بسيطًا جدًّا اسمه (ريسبيريدون)، تتناوله بجرعة صغيرة جدًّا، وهي واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، هذا الدواء يُحسّن من فعالية السيرترالين.

بجانب العلاج الدوائي -أخي الكريم- طبعًا يجب أن تحقّر هذه الأفكار، أفكار الوسوسة والخوف، ولا تخوض فيها، من الأشياء التي تمكّن الوساوس والمخاوف هو تدقيق الحوار حولها، وأن يحاول الإنسان أن يخضعها للمنطق وللتحليل، لا أريدك أن تقع في هذا أبدًا، واصرف انتباهك عنها، هنالك أشياء جميلة ومهمّة في الحياة، أريدك أن تشغل نفسك بها، تُحسن إدارة وقتك -أخي الكريم-، أن تجتهد في عملك، وأن تحبّ عملك، أن تتواصل اجتماعيًّا، أن تحرص على الواجبات الاجتماعية، أن تصل رحمك، القراءة، الاطلاع، العبادة، كلها مقامات مفيدة جدًّا للإنسان ليرتقي بصحته النفسية والجسدية، ويطور نفسه بنفسه.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب.

www.islamweb.net