هل تواصلي مع شقيقة زوجي التي اختصمت معها، يخرجني من إثم الهجر؟

2023-10-29 04:54:35 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله

أنا امرأة متزوجة، ومتدينة، وأخاف الله وأحاول جاهدة أن أتمسك بالأخلاق الحسنة، وأنا دومًا ما أتعرض للمضايقات في بيت زوجي، ولكني دائمًا أصبر وأوكل أمري إلى الله.

في إحدى المرات أخت زوجي شتمت أهلي، وشتمت أمي في قروب للواتس اب أمام الجميع، حزنت وتضايقت حقًا؛ لأني لم أعاملها أبدًا إلا بكل احترام وتقدير، فأخبرتها برسالة بالخاص أن هذا الكلام أحزنني، فتفاجأت بها بدلاً أن تعتذر أخذت تشتم أمي أكثر من قبل، وتسيء إليها، فتشاجرنا بالكلام وتخاصمنا، ومن وقتها لا تحادثني بالجوال، ولا بالرسائل.

أنا بمدينة وهي بمدينة أخرى، وقد غلطت علي كثيرًا وآذتني بالكلام كثيرًا، وما زال قلبي إلى الآن متألم منها، وبالرغم من أني أنا المظلومة اتصلت عليها وكلمتها بالهاتف ذات مرة، وسألت عن حالها وعن أولادها، وكانت كلماتها جافية، لكني تحملت لأجل أن أرضي ربي وأبدأ أنا بالسلام، ولا أريد حقًا أن أتخاصم معها رغم أني أنا المظلومة، ولكن منذ وقتها وأنا أخاف أن أكون من المتشاحنين الذين لا يرفع لهم عمل، أخاف أن أكون من الهاجرين، وأن أتحمل إثم الهجر!

أرجوكم أخبروني، هل اتصالي بها ومحادثتي معها تلك المرة، تجعلني أخرج من إثم المتشاحنين؟ وهل عليّ إثم؟

أجيبوني أثابكم الله، فأنا في حيرة من أمري.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يكتب أجرك، وأن يرضيك، وأن يرضى عنك إنه جواد كريم.

الأخت الفاضلة: جزاك الله خيرًا على صبرك عليها، وعلى حلمك، وعلى تواصلك واتصالك، وهذا يدل على خير كثير فيك، نسأل الله أن تكوني خيرًا مما نظن.

واعلمي أيتها الفاضلة: أن الأصل في علاقة المسلم بأخيه الود، وأنه يحرم هجرانه فوق ثلاث، لحديث رسول الله -صلى الله ‏عليه وسلم-:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض ‏هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"‏.

لكن اعلمي كذلك أن من الناس صلته في وصله، ومن الناس صلته في هجره، لذا اعتبر أهل العلم جواز هجران من تجلب صلته مضرة متحققة.

قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت ‏مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب ‏هجر جميل خير من مخالطة مؤذية، وعليه: فلا نرى ما حدث معك يعد هجراً، ونحن نرجو منك ما يلي:

أولا: مسامحتها لله عز وجل ، فقد قال الله تعالى: (وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ)، ثم عدد أوصافهم وكان منها (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس).

ثانيًا: إبقاء التواصل على الحد الأدنى، فإن لقيتها فالسلام، وإن اتصلت بها كل فترة للاطمئنان، فلا حرج ما دمت نفسيتك قابلة لذلك، ولا يعود عليك الاتصال بها مضرة.

ثالثًا: عدم الحديث عنها بسوء، وكلي أمرها إلى الله عز وجل.

رابعًا: احتفظي دائما بالرد الجميل وإن أساءت، وتذكري قول الله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ۚ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، والمعنى كما يقول بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية: ولا تستوي حسنة الذين آمنوا بالله، واستقاموا على شرعه، وأحسنوا إلى خلقه، وسيئة الذين كفروا به وخالفوا أمره، وأساؤوا إلى خلقه". ادفع بعفوك وحلمك وإحسانك مَن أساء إليك، وقابل إساءته لك بالإحسان إليه، فبذلك يصير المسيء إليك الذي بينك وبينه عداوة كأنه قريب لك شفيق عليك.

وما يُوفَّق لهذه الخصلة الحميدة إلا الذين صبروا أنفسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، وما يُوفَّق لها إلا ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة.

وأخيرًا: نسأل الله أن يسعدك، وأن يكتب أجرك، والله الموفق.

www.islamweb.net