زوجتي مريضة نفسيًا وقد احترت في طلاقها أو الزواج بأخرى، فما توجيهكم؟

2025-06-25 22:49:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ سبع سنوات، وبدأت أعاني منذ العام الأول مع زوجتي، بعدما اكتشفتُ أنها تعاني من مرض نفسي، ومع ذلك، رزقني الله الصبر، -والحمد لله-.

لم نُرزق بالذرية إلا هذه السنة، حيث رزقني الله بولد، -والحمد لله- لكن بعد الولادة بأسبوع، عادت نفس الاضطرابات لزوجتي، وهذا جعلني أتغيّر كثيرًا، فبعدما كنت صابرًا، أصبحتُ أفكر في الطلاق دائمًا، والآن، تعرفتُ إلى فتاة أصبحتُ أحبها، وأشعر معها براحة لا توصف، وعندما صارحتُها بمشكلتي، قالت لي: "لن أكلّمك حتى ترتّب حياتك" وشهادة لله، فإنها لم تُشجعني على الطلاق، بل قالت: "إن كنا مكتوبين لبعض، فلن يُفرّقنا أحد".

أريد نصيحة، بارك الله فيكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك اهتمامك وحرصك على السؤال، ونبشّرك بثواب الصابرين، وإذا لم يصبر الإنسان على زوجته المريضة، فعلى من سيكون الصبر؟! نسأل الله أن يعينك على تجاوز الصعاب، وأن يوفقك في تربية هذا المولود، فإن تربية الأبناء تحتاج إلى مواصلة مشوار وطريق الصبر، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يكتب السلامة والعافية لأمه.

وهنا نذكّرك بموقفٍ من أعظم مواقف الصبر والوفاء، ألا وهو موقف زوجة نبي الله أيوب -عليه السلام- تلك المرأة الصالحة التي صبرت مع زوجها في مرضه الطويل وبلائه الشديد، وكانت تقوم على خدمته، وتعينه رغم الشدة والفقر والحرمان، حتى ضرب الله بها المثل في الوفاء والصبر والثبات، فكانت سببًا في تخفيف المحنة، ثم كانت من أول من نال الفرج معه، حين قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [ص: 43].

وقد أحسنت هذه الفتاة المذكورة -التي تنوي الارتباط بها- حين طلبت منك أن ترتِّب أوضاعك أولًا، وهذا موقف يدل على نضجٍ وتفهُّم صحيح، ونتمنى أن يكون ترتيب الوضع الذي أشارت إليه بمزيد من الصبر والإحسان لهذه الزوجة، وبإعانتها على القيام بحق هذا الطفل.

فنحن لا نريد لمن يُقدم على زواجٍ ثانٍ، أن يهدم بيتًا ليبني آخر، ولا نريد أن يكون الزواج الثاني سببًا في ضياع هذا الطفل، أو ضياع أمه، لذلك، نسأل الله أن يعينك أولًا على تجاوز هذه الصعاب، وأن يوفقك للقيام بواجباتك تجاه البيت الأول، الذي يحتاج منك إلى إعادة نظر، فربما يكون في قدوم هذا الطفل نوعًا من العلاج أو التعافي لزوجتك، التي تعاني من المرض، ومن هنا، ننتظر منك تفاصيل تُبيِّن التغيّرات التي طرأت عليها، وكيفية تعاملها مع المولود الجديد، وأثر إنجاب هذا الطفل على حالتها النفسية والمعنوية، ومدى تفاعلها مع مسؤولية الأمومة.

ونرجو أيضًا أن تُطلعنا على تقييم مَن حولك لحالتها الصحية، ومدى خطورة المرض ونوعه، وهل هو قابل للعلاج أو للتعايش معه؟ فهناك تفاصيل كثيرة ستعينك –بإذن الله– على برمجة حياتك الأولى أولًا، قبل أن تفكر في تأسيس حياة جديدة ثانيًا، ثم بعد ذلك لا مانع في مستقبل الأيام –بحسب المعطيات والظروف– أن تُفكر في الزواج مرة أخرى، لكن القرار في هذا الشأن، ينبغي أن يكون مبنيًّا على دراسة متأنية في نوع المرض، طبيعة هذا المرض، ومدى تأثيره على قدرتها في تربية هذا الطفل والقيام بحقوقه، وبالتالي قرار الزواج من أخرى، هذا يحتاج إلى دراسة عميقة.

وقد أحسنت الفتاة المذكورة أيضًا، حين أشارت إلى هذا الاتجاه، وطلبت منك أن تقيِّم هذا الوضع، وهذا يدل على عقلٍ راجح، وأنها على خير، ولكننا نؤكد على ضرورة التوقف عن أي علاقة، ما لم تكن في إطار شرعي واضح، فليس من المقبول شرعًا الاستمرار في علاقة لا تُعرف نهاياتها ولا ضوابط، ولكن دعنا نقول: نبدأ أولًا بترتيب البيت الأول، والتعامل مع الوضع القائم من جميع جوانبه: الطبية والنفسية والاجتماعية، مع أهمية التحلي بالصبر في كل الأحوال، فإن الشريعة لا ترضى من الإنسان إلَّا بأحد أمرين، كما في الآية الكريمة: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

واعلم أن العلاقة الزوجية قد تنتهي إذا قُدّر ذلك، ولكن الوالدية ستبقى مستمرة، وستستمر مسؤوليتك في رعاية هذا المولود، الذي نسأل الله أن يجعله صالحًا مصلحًا، وأن يجعله قرةَ عينٍ لك ولوالدته، وعوضًا مباركًا، ونسأل الله تعالى أن يجعله سببًا في عودة أُمِّه للخير والحق والصواب، والتوزان في حياتها النفسية والأسرية.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net