هل يقبل الله توبتي من بعض الذنوب إن كنت مستمرًا على أخرى؟
2025-06-29 00:12:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ابتليت بالعادة السرية، والأفلام الإباحية، وقد منّ الله علي بالتوبة منهما معًا، لكن المشكلة أنني لم أتب من رؤية بعض النساء في الشارع، والمدرسة أحيانًا، وليس دائمًا؛ لأني أعلم أنني سأعود إلى ذلك الذنب بسبب البيئة والمحيط، وكثرة المتبرجات أينما ذهبت.
فهل يقبل الله توبتي من الأفلام الإباحية والعادة السرية، رغم عدم توبتي من النظر إلى النساء في الشارع؟ أعلم أن الأفضل والأكمل هو التوبة من جميع الذنوب، ولكني وجدت صعوبةً في ذلك!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إدريس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في موقع إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك ويقويك على طريق التوبة والثبات، وأن يجعل لك مخرجًا من كل ضيق، وفتحًا من كل باب، ونشكر لك صراحتك، وحرصك، فكم من إنسانٍ ابتُلي وسكت، وتمادى حتى أظلمت عليه دنياه، أما أنت، فقد فتحت الباب إلى الله، والباب لا يُغلق في وجه من طرقه صادقًا.
وإليك الجواب وفق ما التزمنا به:
أولا: - توبتك مقبولة -بإذن الله- قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، وقال سبحانه: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ فما دمت قد أقلعت عن العادة السرية والأفلام بتوبةً صادقة، فإن الله يقبل توبتك، ولو كنت مبتلىً بذنب آخر، واطمئن، فقد قال النبي ﷺ: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وما دمت في جهاد مع نفسك، ولم تُصر، ولم تتخذ المعصية ديدنًا، فأنت على الطريق، والله أرحم بك من نفسك.
ثانيًا: من أوهمك أن الجمع بين توبة وتوبة صعب؟ ومن أوهمك أن ترك العادة السرية والأفلام الإباحية يمكن أن يقع دون ترك النظر المحرم؟ وهل من يقدر على هجر المعصية في الخفاء، يعجز عن صرف بصره في العلن؟ وهل يستقيم أن تُغلق نوافذ الفتنة الإلكترونية، وتُبقي باب القلب مفتوحًا على مصراعيه في الطرقات؟
إن هذا الوهم هو أول ما يجب خلعه من جذور النفس، حتى تستقبل التوبة وتعان عليها ، فالله -يا أخي- يحب التوابين الصادقين المتطهرين، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، وتأمل أنه لم يقل: "التائبين"، بل قال: "التوابين"، أي كثيري الرجوع كلما زلّوا، ومداومة المجاهدة علامة صدق.
ثالثًا: كيف تغض بصرك في بيئة فاسدة؟
غضّ البصر عبادة، لا حركة ميكانيكية، لذا عليك ابتداءً أن تعلم أن مجرد النية طاعة، وأن كل نظرة تُعرض عنها خوفًا من الله لك بها أجر، وتذكر حديث رسول الله ﷺ: "اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة"، ومنها:"وغضوا أبصاركم".
رابعًا: أشغل نظرك بما يرضي الله، بأن تجعل لك وردًا من النظر في المصحف، أو تأمل في خلق الله، أو القراءة، فالعين التي أُشغلت بطاعة، لا تُفتن بسهولة، وكرّر هذا الدعاء كلما ضعفت: "اللهم طهر عيني من الحرام، واملأ قلبي بخشيتك، واحجب عني فتنة النظر ما أحييتني".
خامسًا: اتخذ صحبةً صالحةً، وشارك في أعمال دعوية، أو تطوعية؛ فالبيئة النقية تساعد على صفاء البصر والقلب، وتذكر أن المعصية تُحرمك نور الطاعة، وكلما نظرت نظرة حرام، غابت عنك لذة العبادة.
إن توبتك مقبولة -أخي الكريم-، وجهادك أنت مأجور عليه، وعزيمتك مرشحة لرفعك في درجات الصالحين -بإذن الله-، وكل ما عليك أن تصدق مع الله، فإن الله لا يرد عبدًا جاءه منكسرًا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ، أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.
ثبتك الله، ورفعك، وجعل عفتك نورًا في قلبك، وجسرًا إلى جنّته.