راتبي لا يكفيني وأهلي ما زالوا يطالبونني.. ما الحل؟
2025-07-01 02:56:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج منذ سنتين، وأسكن بالإيجار، ولدي أربعة إخوة شباب.
قبل الزواج كنت أُنفِق كل راتبي على بيت الأهل بنفسٍ طيبة، ولم أكن أبخل عليهم أبدًا، ولو طلبوا روحي لأعطيتهم، لكن بعد الزواج أصبح الوضع صعبًا، فهناك إيجار البيت، والديون، وقسط السيارة، وراتبي بصعوبة يكفي لتغطية مصاريف بيتي.
مشكلتي أن أهلي يفتحون معي موضوع المال كل شهر، مع أن إخوتي الأربعة يعملون ولديهم رواتب ممتازة، ووالدتي أيضًا تعمل ولها راتب، وإخوتي يشاركون بمبلغ بسيط جدًّا كل شهر فقط.
هل أكون آثمًا عندما أقول لهم إنه ليس لدي مال، وفعليًا أنا لا أملك شيئًا؟
يطلبون مني أن أستدين لأعطيهم، بينما إخوتي يدّخرون أموالهم، وجميعهم غير متزوجين حتى الآن، وأنا لا أريد أن أكون ممن يغضب الله، وهذا الموضوع يسبب لي أزمة نفسية، لأني بطبيعتي أحب أن أعطي أهلي كثيرًا، لكن ظروفي لا تسمح.
فهل من الصواب أن أستدين لأعطيهم؟ وهل أنا مخطئ في موقفي هذا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
أولًا: نسأل الله تعالى أن يُوسّع لك في رزقك، وأن يبارك لك فيه، ونشكر لك حرصك على الإحسان إلى أهلك وقرابتك، وهذا من حُسن إسلامك وجميل أخلاقك، والله تعالى سيُجازيك على هذا الشعور خيرًا، ما دُمت تنوي الخير فأنت بخير.
ولا شك ولا ريب -أيها الحبيب- أن زوجتك لها حقٌ عظيمٌ في الإنفاق عليها، من حيث السُّكنى والنفقات الأخرى، بما يتناسب مع قدراتك.
فإذا كان راتبك لا يكفي إلَّا لاستئجار بيت لك تسكن فيه، ولوازم معيشتك الضرورية، فأنت معذور في عدم بذل أموال لأهلك، لأن الله لا يُكلّف نفسًا إلا ما آتاها، كما قال تعالى في آيات النفقة في سورة الطلاق: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاها}، وقال سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.
ونصيحتُنا لك أن تحرص -بقدر الاستطاعة- على أن تواسي أهلك ولو بشيء بسيط، مع حُسن الاعتذار والكلمة الطيبة، فإن الله تعالى أرشدنا إلى هذا في القرآن الكريم، حين أمرنا بالنفقة على ذوي القُربى، فقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا}.
يعني: إذا ضاقت بك الحال في الوقت الحاضر، وكنت ترجو أن يتحسَّن وضعك في المستقبل، فتواسيهم حينها، فبادرهم الآن بالكلام الجميل، وقل لهم قولا ميسورًا، كلامًا حسنًا جميلًا، كأن تقول لهم: "إن شاء الله إذا تيسرت الأمور فإني سأوفيكم بما أستطيع وأقدر عليه، ولعل الله تعالى أن يُيَسِّر فأقضي لكم بعض الحاجات"، ونحو ذلك من الكلام الطيب الجميل، كما قال الشاعر:
لا خيلَ عندك تُهديها ولا مالُ *** فليُسعدِ النُطقُ إِنْ لَمْ يُسْعِدُ الحالُ
وأمَّا ما ذكرتَه من مسألة الاستدانة: هل يصح أن تستدين من أجل أن تعطيهم؟
نعم يجوز أن تستدين إذا كنت تظن في نفسك القدرة على سداد الدّيون، فيجوز أن تستدين لتُرضي أهلك وتُحسن إليهم، لكن ذلك ليس واجبًا عليك، ولا تُلزم به شرعًا، فالديون من حقوق العباد، والتهاون بها يُعرّض الإنسان للخطر.
ولهذا حذّر النبي ﷺ من الدَّين في أحاديث كثيرة، منها ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسولُ اللهِ ﷺ يدعو في صلاته: اللهم إني أعوذُ بك من المأثمِ والمغرمِ، فقال له قائل: يا رسول الله، ما أكثرَ ما تستعيذُ من المغرم؟ فقال ﷺ: إن الرجلَ إذا غَرِم، حدّث فكذب، ووعد فأخلف" [رواه البخاري ومسلم].
نسأل الله تعالى أن يُوفّقك لكل خير.