تقدم بي العمر ولم يتقدم لي أحد والوحدة تقتلني، فما الحل؟

2025-06-29 00:23:59 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

عمري 46 عامًا، ولم يتقدّم لي أحد حتى الآن، أُحافظ على الصلاة، والدعاء، وقيام الليل، والطاعة قدر المستطاع.

منذ أربع سنوات، شعرت بميل تجاه أحد الزملاء، وهو متزوج، ولا أستطيع الابتعاد عنه، أدعو الله أن يجمعني به في الحلال، لكن لا شيء يتغير رغم إلحاحي في الدعاء، والوحدة تقتلني، والشعور بالاكتئاب يزداد يومًا بعد يوم، ليس لديّ أحد، لا أقارب، ولا أصدقاء، ولا جيران.

أوشكت على فقدان عقلي بسبب الوحدة والاكتئاب وانسداد الأفق، أمنيتي أن أرتبط بالشخص الذي ارتحت إليه، فماذا أفعل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يُفرّج همّك، ويؤنس وحشتك، ويُجري الخير على يديك، ويكتب لك سعادة الدارين.

نتفهم تمامًا ألمك وأنينك، وندرك ما حل بك، وبكثير من أخواتنا الصالحات اللاتي لا ينقصهن جمال ولا تدين، فلا يخفاك أن العنوسة في عالمنا العربي ضاربة بجذورها، وأن آلاف الأخوات يشاركنك نفس المصير ونفس الألم، وأخواتنا إحدى اثنتين:
- إما ساخطة على قضاء الله تعالى، فهذه لم تربح في دنياها بما تشتهي، ولا في آخرتها بما تبتغي.
- وإما راضية مؤمنة محتسبة، وهذه أخذت أجرها، وطابت نفسها، وقد يأتيها بعد الصبر ما يثلج صدرها، ويريح بالها.

أختنا الكريمة: إن ما تمرّين به ليس ذنبًا ولا جزاء سوء، بل هو ابتلاء شريف لمن يرد الله رفعته، ولو كشف الله لك ما ادّخره لك من الخير لصبرت ورضيت وفرحت.

وإليك بعض الخطوات العملية والنفسية والشرعية لتجاوز ما أنتِ فيه:

أولًا: بخصوص التعلّق بذلك الرجل:
دعاؤك أن يجمعك الله به في الحلال دليل صدق نيتك، لكن تذكّري أنه متزوج، ولم يبادر بخطبة أو تلميح، ولا يجوز أن نعلّق القلب بأمل لم يظهر له باب حتى لا يؤثر سلبًا عليك؛ لأن مثل هذا التعلّق يستنزف عافيتك النفسية، وقد يبعدك عن فرص أخرى قدّرها الله لك، فلم تنتبهي لها.
نصيحتنا الصادقة: اقطعي هذا التعلّق لله، وسيعوّضك الله بما هو خيرٌ لك، ولو بعد حين، قال رسول الله ﷺ: "من ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه".

ثانيًا: في مسألة الزواج والسن:
الزواج رزق، وقد يتأخر لحكمة يعلمها الله، لكنها ليست علامة غضب أو حرمان، بل قد يكون التأخير وقاية من أذى أعظم، أو اختبارًا لصدق التوكل، وكم من امرأة تزوجت مبكرًا، وتمنت لو لم تفعل! فليس الزواج هو المقياس الوحيد للسعادة.

ثالثًا: خطوات عملية تخرجك من العزلة:
- أخرجي نفسك من العزلة بجهدٍ ولو قليل يوميًا.
- شاركي في عمل تطوعي، أو دورة تعليمية، أو نشاط نسائي.
- أحيطي نفسك بصحبة صالحة، تذكّرك بالله وتُؤنس وحدتك.

أختنا الكريمة: إن ما تمرين به من أعراض اكتئاب له علاج، ولا يتعارض مع الإيمان، بل هو من باب التداوي المشروع، فجددي نيتكِ في قيام الليل والدعاء، لا تجعليه فقط لطلب الزواج، بل اجعليه أيضًا لرضا الله وراحة القلب، فقولي: "اللهم ارزقني زوجًا صالحًا إن كان في علمك أن فيه الخير لي، واجعلني راضية بقضائك، مطمئنة برزقك، سعيدة بقدرك".

وأخيرًا: تذكري أننا عبيد لله، والله يفعل الخير لنا، وهو القائل سبحانه: ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شيئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾، ويقول ﷺ: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير...".

ووالله ما دعا عبدٌ ربه بصدق، ورفع إليه كفيه، إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إمّا ما سأل، أو ما هو أفضل، أو أن يدّخر له في الآخرة حتى يتمنّى لو لم يُجب له دعاء في الدنيا.

اللهم إن أَمَتك هذه قد ضاقت بها السبل، وتكسّر في صدرها الرجاء إلا من بابك، ففرّج عنها يا كريم، وارزقها السكينة في نفسها، والرضا في قلبها، والأنس بك وحدك، وأكرمها بزوج صالح يُرضيك ويُسعدها إن كان في ذلك الخير لها، واربط على قلبها حتى تلقاك وأنت عنها راضٍ، يا أرحم الراحمين.

والله الموفق.

www.islamweb.net