هل المشي نهارًا تحت أشعة الشمس فيه ضرر على الجسم؟

2025-07-15 00:06:09 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل هناك ضرر على الجسم أو البشرة، أو البدن عمومًا، لمن يمشي بشكل شبه يومي لمسافة تتراوح بين خمسة إلى سبعة كيلومترات، وقد تصل أحيانًا إلى تسعة كيلومترات، في فصل الصيف، وتحت أشعة الشمس الحارّة، حيث تتجاوز درجات الحرارة الأربعين مئوية، أو تقل عنها قليلًا؟ خاصة أن وقت المشي يكون بين الساعة الحادية عشرة صباحًا حتى الثالثة والنصف عصرًا، وهو وقت شديد الحرارة.

أثناء المشي يتصبب العرق من رأسي بغزارة، ومع ذلك لا أغسل رأسي إلا كل يومين أو ثلاثة، خوفًا من تلف الشعر وتساقطه من مقدمة الرأس، وقد بدأ بالفعل يتساقط، فهل لعدم غسل الرأس المتعرق تأثير على تساقط الشعر؟

أنا أمشي في هذا الوقت تحديدًا، لأنني كثير الاستلقاء، ولا أستخدم المواصلات غالبًا، وأرغب في الاستفادة من المشي كنوع من الرياضة، وكذلك لتوفير تكلفة المواصلات.

أما الأوقات الباردة كالصباح الباكر أو ما قبل وبعد غروب الشمس، فلا أحتاج فيها إلى الخروج، لذلك فإن خروجي في هذا الوقت الحارّ هو اضطراري، وهو الوقت الوحيد المتاح لي للاستفادة من المشي كرياضة، ولهذا لا أحاول المشي لمسافات أطول من اللازم.

رغم أنني أعاني اجتماعيًا من المشي نهارًا، فقد لاحظ بعض الناس ذلك وقالوا لي: إنني بخيل، كما أنني أعاني بدنيًا أيضًا، فالمشي في هذا الوقت مرهق، خاصة مع التعرّق الغزير من الرأس.

فهل المشي نهارًا تحت الشمس مضرّ للجسم؟ وهل تختلف شمس الشتاء عن شمس الصيف من حيث التأثير؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

المشي لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارّة، قد يؤدي إلى الإصابة بضربة شمس (Sun Stroke)، وهي حالة يعاني فيها الشخص من إجهاد بدني شديد، وارتفاع في درجة حرارة الجسم، وفقدان كميات كبيرة من السوائل بسبب التعرّق، وهو ردّ فعل طبيعي من الجسم لمحاولة التبريد، هذا كله قد يؤدي إلى فقدان الطاقة، والإرهاق المزمن، وعدم القدرة على مواصلة العمل أو النشاط اليومي.

أما بالنسبة لتساقط الشعر: فلا علاقة بين غسيل الشعر وتساقطه؛ فكل شعرة تُشبه شجرةً مغروسة، لها عمر افتراضي، تنبت وتنمو، ثم تسقط ليحلّ محلها غيرها، فالشعر لا يتساقط بسبب الماء، بل هو ينمو ويشيخ، كما تكبر الأشياء من حولك وتشيخ، ولكن بقاء العرق على فروة الرأس دون غسل لفترات طويلة، قد يؤدي إلى روائح كريهة، وربما إلى التهابات في بصيلات الشعر، مما يزيد من معدل التساقط، أكثر بكثير من ضرر غسله المتكرر، لذا يُنصح بغسل الرأس بانتظام، خاصة عند التعرّق الشديد.

يمكنك ممارسة رياضة المشي في الأجواء المعتدلة، كفصل الربيع أو الشتاء، أو في أوقات المساء، ويُستحب أن تُرفق المشي بتلاوة الأذكار، أو ما تحفظه من القرآن الكريم، ليكون المشي رياضيًا وروحيًا في آنٍ واحد، أمَّا في الصيف شديد الحرارة، فلا نوصي بالمشي المفرط، لأن أضراره الصحية قد تفوق الفوائد المرجوة منه.

وما تظن أنك توفره من مال بترك وسائل النقل، قد يُكلّفك لاحقًا ما هو أغلى، من صحتك وعافيتك، فدرهم يُنفق في الوقاية خير من قنطار يُنفق في العلاج، وقد قيل: "الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلَّا المرضى"، فكن معتدلًا، فالاعتدال نهج العقلاء، وميزان السعادة، وصدق الله تعالى حين قال: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143].

نحن نؤمن بأهمية الرياضة والمشي، ودورهما في تحسين اللياقة البدنية، وتعزيز الصحة النفسية والجسدية، بل ونحثّ عليهما، لما فيهما من فوائد عظيمة، كتنشيط الدورة الدموية، وتحسين الحالة المزاجية، والمساعدة في ضبط الوزن، لكن في الوقت نفسه، لا بد أن يُمارَس هذا النشاط بما يتناسب مع ظروف الطقس، وحالة الجسم، والقدرة البدنية، حتى لا تتحول الرياضة من وسيلة للارتقاء بالصحة، إلى سبب في إنهاك الجسد أو إلحاق الضرر به.

فالغاية من المشي ليست مجرد قطع المسافات، بل تحقيق التوازن بين الفائدة والراحة، وتجنّب المبالغة التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية، كالإرهاق المزمن، أو اضطرابات النوم، أو الجفاف، خاصة في ظروف مناخية قاسية.

إن الرياضة الحقة هي التي تُمارس بعقلٍ راشد، وجسدٍ واعٍ، ونَفَسٍ متزنة، لا تلك التي تُجهد النفس وتستنزف الطاقة دون وعي أو احتياط.

وفقك الله وبارك فيك، وكتب لك الخير حيث كان.

www.islamweb.net