كوابيس وتثاقل في العبادة وخاصة الصلاة.. هل من نصيحة؟

2025-07-15 03:10:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ أن التزمت بالصلاة قبل خمس سنوات، وأنا في صراع مستمر مع الكوابيس، والوساوس، والنفور من الصلاة، بل وكراهية لها في بعض الأحيان.

كنت كثيرًا ما أرى في منامي الجن والشياطين، وأسمع الوساوس في رأسي، وهي عبارة عن شتائم ولعن، وأحيانًا أفكار سوداوية لا أشعر أنها نابعة مني.

وعند النوم، كنت أشعر من حين لآخر بشيء يدخل من إبهام قدمي اليسرى كأنّه تنميل، ثم يصعد ليستقر في رحمي، وأحيانًا يصل إلى بطني أو رأسي.

كنت أحاول دفعه بالدعاء، فتهتز قدمي ويخرج، وأحيانًا لا يخرج.

منذ سنتين، بدأت بالرقية الشرعية عند امرأة، ثم واظبت على رقية نفسي بكثرة التهليل، فاختفت الكوابيس تقريبًا، وقلّت الوساوس التي كنت أسمعها في رأسي – وكانت أغلبها شتائم ولعناً وصراخاً–، وتركت حينها جميع الذنوب التي كنت أعرفها، فأحببت الصلاة وبدأت أجد لذّتها وخشوعها، والتزمت بالسنن المؤكدة، وبدأت أطلب العلم الشرعي.

لكنني بعد ذلك وقعت في ذنب شغل قلبي كثيرًا، فانتكست، وتركت كل ما كنت عليه من التزام. وحتى بعد أن تُبت منه، لم أعد إلى حالي السابق.

ما زلت – ولله الحمد – أُصلي الفروض، وأقرأ أذكار الصباح والمساء، ولم تعد الكوابيس كما كانت، ولكن أصبحت الصلاة ثقيلة جدًا، وكلما حاولت أن أركّز فيها أُصاب بتشنّج وانزعاج، ولا أستطيع الاستمرار، فأنقرها نقرًا وأقوم، وإذا حاولت التركيز أكثر، يشتد التشنّج وقد أبكي أو أصرخ.

تتحرك يداي ورأسي لا إراديًا، وإذا صليت في جماعة – مثل صلاة التراويح – يشتد ذلك أكثر، وأبكي طول الوقت، وأكتم الصراخ بصعوبة، وأشعر بثقل كأن جبلًا يجثم على صدري، وقد أجلس على الأرض بعد الصلاة من شدة الإرهاق والثقل.

لم أعد أستطيع الالتزام بالرقية أو الذكر؛ فكل ذلك أصبح ثقيلًا عليّ جدًا.

ما زلت أشعر أحيانًا بتنميل في منطقة العورة، وأحيانًا كأن تياراً كهربائياً يسري في جسدي، وأجد نفورًا من الاستحمام، وحدة في الغضب، والأهم من ذلك أن وقتي يضيع دون أن أشعر كيف ولماذا، لا أفعل شيئًا، ولا أنجز شيئًا.

أُعاني من بلادة في التفكير، وكثرة النسيان، وتشتت الذهن، وخمول دائم.

أريد أن أعود للصلاة كما كنت، وأن أُحسنها، وأقرأ القرآن دون شعور بالنفور أو الاشمئزاز، فما الحل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ في إسلام ويب -أختنا الكريمة- ونسأل الله أن يربط على قلبك، ويشفي بدنك، ويعينك على كل ما أثقل نفسك.

لقد قرأنا كلماتك بكثيرٍ من التعاطف، وفهمنا ما تمرّين به، ونسأل الله أن يجعل لك فرجًا ومخرجًا قريبًا.

أختنا: إن ما ذكرتِه يدلّ على معاناة قديمة، متداخلة بين الأذى غير المرئي، وآثار نفسية عميقة، لكن فيها بوضوح إشارات قوية إلى أن السبب الأكبر فيها هو نوع من الأذى (كالجنّ أو السحر أو العين) – والله أعلم – تبِعه ما تبِعه من ضيق وتثاقل نفسي، وهذا الجواب لك، أكتبه على هيئة نقاط عملية:

1. لا تعودي إلى اللوم المفرط لنفسك:
ما تمرّين به ليس دليلًا على ضعف دينك، أو ضعف عزيمتك، بل هو ابتلاء من نوعٍ خاص، وقد مرّ كثير من المؤمنين بأذى مشابه: أذًى في الصلاة، وكوابيس، وثقل عند العبادة.

بعض ذلك الأذى يتمثل في الوساوس، وهي كذلك لها تأثير سلبي، ويقع فيها الصالح أكثر من الطالح، حتى إن بعض الصحابة اشتكوا من الوساوس حتى قالوا للنبي ﷺ: «إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخرّ من السماء إلى الأرض أحبُّ إليه من أن يتكلّم به»، فقال ﷺ: «ذاك صريح الإيمان».

فلا تقولي: "أنا خائنة أو مقصّرة"، بل قولي: "أنا مبتلاة، وأحتاج أن أقاوم، وأثبت، وأبذل السبب، والله كفيل بالشفاء".

2. ما تشعرين به من أعراض جسدية يؤكّد وجود أذًى، فقد ذكرتِ عدّة أمور منها:
• شعور بشيء يدخل من الإبهام إلى الرحم.
• الكوابيس ورؤية الشياطين.
• التشنّج وقت الصلاة.
• ثقل مفاجئ عند العبادة دون غيرها من الأوقات.
• نفور من الماء والاغتسال.
• إحساس بالكهرباء في الجسد، خمول، تبلّد، شرود.

كلّها – مجتمعة – تدلّ على احتمال وجود مسٍّ أو سحر أو عين قديمة، خصوصًا وأنها بدأت عند التزامك بالصلاة، ثم زادت عند وقوعك في ذنبٍ معيّن، ثم تلاها انتكاسة.

فالمؤذون من الجنّ يجدون منفذهم في الذنوب، ويفرحون بها، ويقفون على باب الصلاة ليمنعوكِ، ولهذا تجدين التشنّج خاصةً عند الصلاة أو الطاعة.

3. عودتكِ السابقة إلى التهليل كانت سلاحًا ناجعًا، إذ انقطعت الكوابيس، وقلّت الوساوس، وبدأتِ تشعرين بحلاوة العبادة، وهذا دليل واضح على أن العلاج كان فعّالًا ومناسبًا لكِ؛ لذا نوصيكِ بالرجوع إليه من جديد، ولو بالتدريج.

4. خطة عملية للشفاء والعودة التدريجية إلى الطريق:
* أولًا: التحصين اليومي العام:
– قراءة سورة البقرة يوميًّا أو تشغيلها بصوت مسموع في البيت.
– أذكار الصباح والمساء مع تدبّر بعضها، وخصوصًا:
• (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات.
• (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات.
• (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) سبع مرات.

* ثانيًا: التهليل والرقية الفردية:
- ابدئي بـ: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) ألف مرة (1000) يوميًّا، ولو متفرّقة في اليوم، ولا يُشترط الخشوع في البداية.
- بعد كل مرة، انفثي (أي انفخي برذاذ خفيف من الريق) على كفّك، وامسحي بها رأسك، صدرك، وبطنك.
– اقرئي الفاتحة، وآية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، والمعوّذات – (ثلاث مرات) – بنيّة الشفاء.
– قبل النوم، خذي ماءً قُرئ فيه القرآن، وامسحي به جسدك، وركّزي على مواضع الألم.

* ثالثًا: التدرّج في الصلاة:
لا تطلبي من نفسك "خشوعًا تامًا" الآن، بل التزمي بوقت الصلاة فقط، وحاولي أن:
• تختاري سورًا ثابتة تحفظينها جيدًا، حتى يمكنك تأمل معانيها.
• ادفعي التشنّج بالهدوء، فإن أتاكِ البكاء، فلا تمانعي، فهو نوع من التفريغ.
• الجماعات الطويلة – كالتراويح – خاصة في هذه المرحلة.
• توضئي ببطء وبذكر، فهذا يعين الجسد والنفس معًا.

* رابعًا: نصائح مساندة مهمة:
• تجنّبي السهر الطويل.
• اشربي ماءً مرقيًا صباحًا ومساءً.
• مارسي رياضة خفيفة كالمشي.
• دوني يوميًّا ما تشعرين به، لتتابعي تطوّرك وتحسّنك.

5. رسالة إلى قلبكِ الصابر:
أختنا الكريمة، ما زلتِ على خير، ما دمتِ تحنين إلى الصلاة، وتبكين لأنك لا تخشعين، وتشتاقين إلى القرآن، فثقي أنك على خير، وأن الله يرى ضعفكِ، وألمك، ودموعك، وسيعوّضك عن كل وجعك، فقط اثبتي، ولا تظنّي أن التأخير نسيان: ﴿وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِ﴾.

6. إن استطعتِ الذهاب إلى العمرة، فذلك خير كثير، وهناك يمكنك الاستعانة برُقاة شرعيين، وإن لم تستطيعي، فاستمرّي على هذه النصائح، ولا بأس من زيارة الأخت التي رقتك سابقًا، المهم أن تواصلي السير، وتصبري، وتوقني أن العاقبة خيرٌ – بإذن الله.

نسأل الله أن يكشف عنك الضُّر، ويرفع عنك البلاء، وألّا يردّك عن بابه، وأن يُنزل عليك رحمةً يشفيكِ بها، ونورًا يُطهّر به قلبك، وقوّةً تُقيمك على طاعته، وسكينةً تُنسيكِ كلَّ ما ألمَّ بك، إنه جواد كريم.

والله الموفّق.

www.islamweb.net