زوجي يسبني لأتفه الأسباب، فهل أصبر عليه أم أطلب الخلع؟
2025-08-04 02:39:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجتُ منذ شهر برجل مطلّقٍ لديه ثلاثة أطفال (أعمارهم: عشر سنوات، وست سنوات، وثلاث سنوات)، وهو رجل معتمر ويحافظ على الصلاة، وله عمل مستقر، غير أن المشكلة الكبرى تكمن في شدّة عصبيّته.
في يوم زفافنا هدّدني بالقتل بحجّة أنّني أحضرتُ إلى بيته أشياء كثيرة، وبعد خمسة أيام من الزواج طلّقني؛ لأنّني لم أكن أعلم أين أضع النفايات، وشتمني عدّة مرّات بكلمات بذيئة للغاية لأسباب تافهة، ومع ذلك أتعامل مع أطفاله وكأنّهم أطفالي، وأعتني بهم، وأرعاهم بكل ما أستطيع.
يهدّدني بالطلاق في كل مناسبة، ومزاجه متقلب جدًّا؛ فمرة يقول إنّه يحبّني، وأخرى يقول إنّني عبءٌ عليه، وإنّ حياته كانت أفضل بدوني، ويعنّف أطفاله ضربًا وسبًّا بشكل يومي، ثم يعود ليلعب معهم وكأنّ شيئًا لم يكن!
كلّما حاولتُ أن أفتح معه موضوع تعامله القاسي مع الأطفال، هدّدني بالضرب، ويقوم بطردي من غرفة النوم، وأحيانًا يقارنني بزوجته الأولى، فيقول إنها أفضل مني، وأحيانًا يشتمها بألفاظ قاسية، مع العلم أنّه هو من طلّقها.
أعيش في بلدٍ غربي، وليس لي أقارب هنا، فقدتُ والديّ رحمهم الله، ولا إخوة لي ولا أعمام، وسؤالي: كيف يجب أن أتصرف؟ هل أُصبر نفسي وأتحمّل، أم أطلب الخُلع؟
شكرًا وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا وابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي هذا الزوج لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنه سيئ الأخلاق والأعمال، لا يصرف السيئ إلَّا هو.
لا شك أن سوء الخلق من الأمور الخطيرة والكبيرة، والمسلم عليه أن يسعى لإصلاح أخلاقه، فإذا كان هذا الرجل يعتني بالصلاة والعمرة والطاعات، فعليه أن يعلم أن النبي -عليه صلاة الله وسلامه- بيَّن أن أكثر ما يُدخل الجنة تقوى الله وحُسن الخُلُق، وأن حُسن الخُلُق هو الثمرة المرجوة من الصلاة، ومن الصيام، ومن الحج، ومن الزكاة، ومن سائر العبادات، بل هي المهمة التي بُعث النبي ﷺ لأجلها، فقد قال: «إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق ومكارم الأخلاق»، نسأل الله أن يهديه إلى الخير.
أمَّا من ناحيتك أنتِ، فنتمنى أن تفعلي ما يلي:
أولًا: تجنبي ما يثير غضبه، واهتمي واجتهدي في معرفة الأمور التي تجعله يغضب ويدخل بعد ذلك – والعياذ بالله – في النفق المظلم، بأن يسبّ، ويعتدي بهذه الألفاظ؛ كُلُّ ذلك مما يُفقده الحسنات عياذًا بالله تعالى.
ثانيًا: تفادي أسباب هذا الإشكال؛ لأن ذلك جزءٌ أساسي في العلاج، ويبدو أنكِ عرفتِ الأمور التي تُضايقه والأمور التي تُزعجه، وهذه مهارة مهمة جدًّا عند كل زوجة؛ لذلك لما تزوّج رجل بامرأة، قال لها في أول ليلة: "إني سيئ الخلق"، فقالت له: "أسوأ منك من يُلجئك إلى سوء الخلق"، فإذا كان الإنسان عنده ضيق في نفسه، وكثير التفلُّت والانفعال، فعلينا أن نساعده بمعرفة الأمور التي تُغضبه.
وعند الغضب، ينبغي أيضًا ألّا نجادله، بل ينبغي أن نُذكّره ونُذكّر أنفسنا بالوصية النبوية للإنسان إذا غضب: بأن يستعيذ بالله من الشيطان، وأن يذكر الرحمن، وأن يُمسك لسانه، وأن يهجر المكان –أي يبتعد عنه– وأن يُغير هيئته، فإذا كان واقفًا يجلس، وإذا كان جالسًا يتكئ، ثم بعد ذلك إذا كان الغضب شديدًا، فعليه أن يتوضأ ثم يصلي؛ هذه وصفة نبوية لعلاج الغضب لا بد أن نعتني بها.
وأيضًا: مما ننصح به عند الغضب: ألّا تكوني أمامه، ولذلك مغادرة المكان والبعد عنه، أو أن يبتعد هو ويخرج من مكان الغضب؛ كُلُّ ذلك مما يُهون من آثار هذه الثورة الخطيرة، أي التفلت الذي يُعاني منه.
أمَّا بالنسبة لتهديده بالطلاق، فأرجو أيضًا أن تنتبهي، وعليه أيضًا أن يتذكَّر أن الطلاق ليس مجرد كلمة، بل هو لفظ شرعي تترتب عليه كثير من الأمور.
نحن نشكر لكِ إحسانكِ لأبنائه، وقيامكِ بالواجب تجاههم، ونسأل الله تعالى أن يجعلهم من البررة لكِ ولأمهم أيضًا، ولوالدهم، والإنسان ينبغي أن يجتهد في تربية أمثال هؤلاء الأبناء؛ فهم في مرحلة عمرية يحتاجون فيها إلى عناية فائقة وعناية بالغة.
ما يحصل منه خطأ، بمقارنته لكِ بالزوجة الثانية، فهذا كله من الأمور التي أرجو أن تتحمليها.
نحن بلا شك لا نؤيد فكرة الاستعجال في ترك البيت، أو الرغبة في الطلاق أو الخلع، أو الخروج من حياته، ولكن ندعوكِ إلى اتخاذ السبيل الآخر، وهو الاجتهاد في إصلاحه، ومعاونته على الخير.
وبُشرى لكِ بقول النبي عليه الصلاة والسلام: «لَأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر النَّعم»، فكيف إذا كان الرجل هو هذا الزوج الذي يُصلي ويصوم لله ويُطيع الله، لكنه – بكل أسف – سيئ الأخلاق؟
فعليكِ أن تتحملي، وتشكري الله على ما فيه من إيجابيات، وتجتهدي وتُساعديه في إصلاح ما عنده من خلل وسلبيات.
نسأل الله لنا ولكِ وله التوفيق والسداد.