عزمت على ارتداء النقاب وواجهتني معارضة من والدتي!

2025-08-04 03:36:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة منَّ الله عليَّ بالهداية، فشرح صدري لارتداء النقاب، وقد حصلت عليه بالفعل، ولكن عندما عزمت على ارتدائه واجهتني معارضة من والدتي -حفظها الله- بحجة أنني لا أزال صغيرة، وطالبة جامعية، وأن ارتداء النقاب قد يؤثر على فرص زواجي في المستقبل.

كما تظن والدتي وأختي أن دافعي لارتداء النقاب هو ضعف ثقتي في شكلي، رغم أنني وضحت لهنَّ مرارًا أن هذا ليس هو السبب، وأنني اتخذت هذا القرار طلبًا لرضا الله تعالى.

في المقابل، كان والدي -حفظه الله- سعيدًا جدًّا بقراري، وأثنى عليه، وقال لي: "إنكِ لا تحتاجين إلى موافقة مخلوق لطاعة الله تعالى"، إلَّا أنني بدأت أشعر بالقلق من أن يؤدي هذا الموضوع إلى حدوث خلافات ومشكلات، بين أمي وأبي بسببه.

فأنا الآن في حيرة: هل أقدم على ارتداء النقاب رغم معارضة والدتي، أم ماذا ينبغي لي أن أفعل في هذا الموقف؟

جزاكم الله خيرًا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بكِ في موقعكِ "إسلام ويب"، ونسأل الله أن يبارك فيكِ على حرصكِ وصدقكِ، وأن يثبتكِ على الحق والخير، وأن يزيدكِ هُدًى وصلاحًا، ويجعل لكِ فرجًا ومخرجًا، ويرزقكِ رضا والديكِ مع رضا الله.

لقد سررنا كثيرًا –ابنتنا العزيزة– بما قرأناه في استشارتكِ من حرصكِ على العفاف، وارتداء الحجاب، وطلب رضا الله تعالى، وهذا -بلا شكٍّ- من فضل الله تعالى ورحمته بكِ، وهو دليل على حياة قلبكِ ويقظة إيمانكِ، فالحمد لله الذي هداكِ لما يُرضيه.

ذكرتِ أن والدتكِ –حفظها الله– تُعارض لبسكِ للنقاب لأسباب نتفهمها؛ منها: صِغَر سنكِ، أو مخاوف اجتماعية من تعطُّلكِ في الزواج، أو ظنّ الناس بأمور غير صحيحة عنكِ، وهذا أمرٌ مفهوم، ويفيدنا أنها لا تُعارض النقاب كحكمٍ شرعيٍّ، وهذا أمرٌ مهم، كما ذكرتِ أن والدكِ –حفظه الله– قد سُرَّ بهذا القرار، وأثنى عليه، وشجّعكِ على الثبات، وهذا داعمٌ قويٌّ لكِ، ونحن نحب أن نذكر لكِ عدة نقاط:

أولًا: في حكم النقاب:
النقاب بمعنى تغطية الوجه أمام الرجال الأجانب، مسألةٌ فيها خلافٌ بين العلماء:
• جمهور العلماء على وجوب تغطية الوجه.
• وبعضهم يرى أن كشف الوجه جائز، إذا أُمنت الفتنة وتوفرت الضوابط (عدم الزينة، وعدم لفت النظر) لكن الجميع متفقٌ على فضل تغطية الوجه، وأنه من أكمل صور الحجاب.

ثانيًا: في كيفية التعامل مع الوالدة:
نصيحتُنا لكِ:
1. استعيني بمن تحب والدتكِ كلامه من أهل الدين والفضل، ممَّن يُحسنون إيصال نيتكِ الصادقة لها، كعَمَّةٍ أو خالةٍ أو داعيةٍ، أو قريبةٍ لها تقديرٌ عندها.
2. اجتهدي في محاورتها بهدوء، وأزيلي مخاوفها بلُطف.
3. استعيني بوالدكِ لإقناعها، واطلبي منه أن يكون الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالجبر والإلزام.
4. أكثري من الدعاء لوالدتكِ بأن يشرح الله صدرها.
5. طمئنيها بلطفٍ أن زواجكِ ورزقكِ بيد الله، وأنكِ متوكلةٌ عليه، والنقاب لن يمنعكِ من خيرٍ قد كتبه الله لكِ.
6. حافظي على بِرِّها قدر استطاعتكِ، وعبّري لها دائمًا عن حبكِ لها وحرصكِ على رضاها، حتى في خِضمِّ هذا الخلاف.

خلاصة التوجيه:
إن استطعتِ لبس النقاب دون أن يُحدث ذلك قطيعةً أو فتنةً داخل البيت، فافعلي، وثقي أن الله سيثبّتكِ، وإن تأكدتِ من ضررٍ كبيرٍ أو شِقاقٍ عائليٍّ، فلكِ أن تُؤجلي الإعلان عنه، أو أن ترتديه في بعض المواضع دون غيرها (كخروجكِ من البيت)، أو تَضعِي ما يستر الوجه كالغِشْوة أو الكمامات، مع الاستمرار في إقناع والدتكِ، حتى يأذن الله بانشراح الصدور وتغيّر الأحوال.

وفي كل الأحوال، احرصي على الستر الكامل، واحذري من التهاون، ولا تُجاملي أحدًا فيما يُغضب الله، واعلمي أنه ﴿مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3].

نسأل الله تعالى أن يثبّتكِ على الخير، وأن يرضى عنكِ، وأن يوفّقكِ لما يحب ويرضى، وأن يربط على قلب والدتكِ، وأن يملأ بيتكم نورًا وسكينة.

www.islamweb.net