كيف أتعامل مع الصديقة المزاجية التي تتغير بين الحين والآخر؟
2025-08-04 22:49:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع المليء بالمحتوى المثري، والذي أقضي بعض وقت فراغي في تصفحه والاستفادة منه، جزاكم الله خيرًا.
مشكلتي تتعلق بإيجاد صديقة مقربة صالحة، نأخذ بأيدي بعضنا إلى طريق يرضي الله عز وجل عنا، فلقد عانيت قبل فترة من انتهاء صداقة كانت بالنسبة لي كالأخت، ولكنني أدركت الخيرة وحكمة الله من هذا الفراق، وأنا في صدد تجاوزه والحمد لله.
الآن لدي عدة صداقات سطحية، لا تتجاوز الأحاديث العادية والترفيه ومشاركة الاهتمامات، ولكن أبدت إحداهن رغبتها بطريقة غير مباشرة في التقرب، بأن تحادثني وتفتح لي قلبها أكثر مما تفعل مع الأخريات، ولكنها شخص مزاجي -للأسف-، فقد كنا نضحك ونخرج مع بعضنا، ونجلس نتحدث وكأننا صديقات، ولكن قبل يومين، فتحت لها قلبي بشأن موضوع الصداقة التي انتهت والتي ذكرتها في البداية، فقالت لي إنني شخص يعطي كثيرًا، ويرفع سقف توقعاته بالناس، وإن هناك احتمالًا أن يكون ذلك سببًا في إنهاء تلك العلاقات.
وقالت إن عطائي المعنوي ومحاولتي لمساعدتها هي أيضًا تخنقها أحيانًا، وأنني يجب أن أضع مسافة بيني وبينها، وأنها تعتبرني أختها ولهذا قالت لي هذا الكلام، ولكنه جرحني نوعًا ما، يشهد الله عليّ أنني لم ألتصق بها أو أضايقها، وأنني أعلم عن بعض أخبارها من الفتيات الأخريات، ولا أسأل ولا أتطفل.
كنت أنظر إليها كصديقة أقرب من البقية، فهي تختار الجلوس معي، وإن أرادت أحدًا تتحدث معه تجدني، وكنا قريبتين قبل هذا، ولكنها فجأة صدمتني بهذا الكلام، فلقد تشاركنا بعض الأسرار، بالرغم من أنها شخص متردد ومزاجي، فهي لم تثق بي بعض الشيء إلا مؤخرًا، وأنا لا ألومها، بل بالعكس، أريد -إن كان في ذلك خير- أن تُبنى صداقتنا بشكل متزن وبطيء حتى تثبت -بإذن الله-.
فما توجيهكم ونصحكم في التعامل معها؟ لأنني أحسست بالإحباط بعد كلامها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dabia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك ثقتك في موقع إسلام ويب، وتقديرك لجهود القائمين عليه، وحرصك على الاستفادة من محتواه النافع.
وبخصوص مشكلتك: لا بد من التوضيح بداية أن الصداقة من أعظم الروابط الإنسانية التي دعا إليها الإسلام، وجعلها من وسائل التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة: 2، وقال النبي ﷺ:(رجلان تحابّا في الله، اجتمعا عليه وتفرّقا عليه) [رواه مسلم]، ومع ذلك، وجّهنا الشرع إلى الاعتدال، وعدم المبالغة في التعلق، فقال ﷺ: (أحبب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما) رواه الترمذي.
ومن هذا المنطلق، فإن ما تمرين به من تقلبات في علاقتك بصديقتك الجديدة -بعد تجربة صداقة سابقة انتهت رغم قربها منك- أمر يمكن التعامل معه بحكمة ووعي، بحيث تبنين علاقة متزنة تحفظ لكِ مشاعرك، وتراعي خصوصية الطرف الآخر، دون إفراط أو تفريط.
ونود التنبيه على أهمية فهم الموقف من منظور شرعي ونفسي، حيث إن الصداقة في الإسلام تقوم على المحبة في الله، والحرص على الخير للطرفين، وليست علاقة تبعية أو ضغط عاطفي، قال النبي ﷺ: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم.
وربما ما قالته صديقتك يعكس حاجتها إلى مسافة نفسية تشعرها بالراحة، وليس بالضرورة رفضًا لك، كما أن تقلب المشاعر والحاجة إلى الخصوصية أمر طبيعي في العلاقات البشرية.
وفيما يلي بعض التوجيهات التي يمكن أن تساعدك على التعامل مع هذه المشكلة بطريقة متزنة، دون أن تؤثر سلبًا عليك:
1. إعادة ضبط التوقعات:
• لا تعتبري هذه الصداقة المصدر الوحيد للدعم العاطفي في حياتك.
• اقبلي أن عمق العلاقة قد يتطور تدريجيًا، أو يظل على مستوى معين، دون أن يؤثر ذلك في قيمتك أو استقرارك النفسي.
2. منح الأصدقاء مساحة آمنة:
• احترمي رغبتها في تقليل بعض مظاهر القرب، فهذا يعزز شعورها بالأمان، ويُسهم في استقرار العلاقة على المدى الطويل.
• اجعلي مبادرات التواصل معتدلة، بحيث تشعر أن العلاقة مريحة وليست مرهقة.
3. التركيز على التوازن الشخصي:
• استثمري وقتك في أنشطة متنوعة (تعليمية، دينية، وهوايات)، فهذا يقلل من الاعتماد المفرط على شخص واحد.
• وسّعي دائرة معارفك، بحيث تكون لديك صداقات أخرى، حتى لا يرتبط رضاك النفسي بعلاقة واحدة.
4. التواصل الحكيم:
• يمكنك شكر صديقتك على صراحتها وإخبارها أنك تقدّرين وضوحها، وأنك حريصة على علاقة مريحة للطرفين.
• تجنبي فتح موضوعات عاطفية، أو حساسة بشكل متكرر حتى تشعري باستعدادها لذلك.
• تذكّري أن ما يقدّره الله لكِ من علاقات فيه الخير، حتى لو لم يكن وفق توقعاتك، قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) البقرة: 216
أسأل الله أن يهدي قلبك، ويشرح صدرك، ويثبّت خطاك على طاعته، ويرزقك السكينة والطمأنينة في حياتك، ويغمر أيامك بالخير والرضا، وأسأله سبحانه أن يرزقك الصحبة الصالحة المخلصة النافعة، التي تعينك على الحق وتذكّرك بالله، وأن يصرف عنك كل ما يضر قلبك ودينك، آمين.