تعليقات مؤذية من زوجي جعلتني أفكر في الانفصال!
2025-08-07 03:26:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحببت أن أشارككم وضعي وأطلب منكم مشورتكم ونصيحتكم، لعلّكم تساعدوني في إيجاد طريق أرتاح فيه.
أنا متزوجة، ومن أول أيام زواجي بدأت أواجه تعليقات مؤذية من زوجي، خاصةً على شكلي وجسمي، حتى في شهر العسل كان يحرجني بكلامه، ويجعلني أشعر بأنني لا أعجبه، ولم يكن يراعي مشاعري أبدًا.
كنت دائمًا أحاول أن أتعامل مع الأمر وأقول لنفسي الأمر عادي، ومع الوقت سيتغير، لكن للأسف الوضع لم يتحسن، بل ازداد سوءًا.
مع الأيام شعرت أنه لا يوجد أي تقدير أو محبة حقيقية، لا اهتمام ولا دعم، ولا حتى وجود معنوي، صرت أشعر بأن وجودي وعدمي واحد، والأسوأ من ذلك، حتى بناتي لم أشعر أن لهن مكانة عنده، كأننا لا نعني له شيئًا، واكتشفت مؤخرًا أن هذه صفات الشخص النرجسي.
أعيش حاليًا في بيت أهلي مع بناتي، حاولت العودة إليه أكثر من مرة، لكني شرطت عليه بعض الأمور مثل وجود عاملة منزل تساعدني في أمور الطفلتين، علماً أن بناتي صغيرات جدًا، ولكنه في كل مرة يرفض.
المؤلم في الأمر أنها المرة الثالثة التي تحدث فيها معي هذه الأمور، ولجأت إلى أهلي، وهذه المرة فكرت جيدًا في موضوع الانفصال، وأهلي -ولله الحمد- سند وعون لي، ولم أرَ منهم أي تقصير، لكن أجد صعوبة بالغة في التفكير بالعودة إلى بيتي، خاصة أنني لا أستطيع تقبل وجوده في حياتي، فما رأيكم في وضعي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم دعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي هذا الزوج لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
ونؤكد أن ما يحصل منه خطأ كبير، وله علاقة طبعًا بما حصل لكِ من أثر نفسي، من خلال تكراره لهذه الكلمات المؤذية بالنسبة لك، والانتقاص منكِ، وعليكِ أن تعلمي أننا بشر، يعني لا بد أن ندرك أن النقص يطاردنا جميعًا.
إذا كان هو يُعيِّب عليكِ بعض الأشياء، فهو مليء بالعيوب، فنحن بشر -رجالًا ونساءً- والنقص يطاردنا، ولن تجد الفتاة رجلًا بلا عيوب ولا نقائص، ولن يجد الرجل امرأةً كذلك بلا نقائص.
ولا شك أن الذي يحدث منه خلل ونقص، وهذا النمط من الشخصيات فعلًا التعامل معه مُتعب، ولكن لا أعتقد أنه مستحيل، خاصةً إذا حاولتِ أن تفهمي طبيعة هذا النمط من الشخصيات.
وحتى نستطيع أن نتشاور كنا بحاجة إلى أن تعرضي ما عنده من إيجابيات، مثلًا الأشياء التي يقوم بها:
- هل هو يصلي؟
- هل يوفر احتياجات المنزل؟
- هل تأتي لحظات يمكن أن يكون فيها جيدًا؟
- هل المجاراة له في كلامه تنفع معه؟
يعني: كنا بحاجة إلى معرفة الصورة الكاملة، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوّره، فعندما نتصوّر الوضع كاملًا، والإيجابيات التي عنده مع هذه السلبية الكبرى المذكورة؛ عند ذلك يستطيع الإنسان أن يُوازن، ويستطيع الإنسان أن يُقدّر.
وشكرًا لأهلك على توفير هذا الدعم، ولكن نحن دائمًا نريد أن نقول: طالما هو جاء يبحث عنكِ، وهذه لحظات انكسار، حتى هذه الشخصيات تنكسر عندما تتركه الزوجة، ولكن الرجوع إذا كان بشروط واضحة من أهلك ومنكِ أيضًا؛ فإن هذا قد يكون فيه بعض الفائدة، وسيجد نفسه يتحسن ولو قليلًا، وبقيّة الجانب الثاني من النقص أرجو أن تتعاملي معه، وتتعايشي معه لمصلحة البُنَيّات الصغيرات.
وعلى كل حال، فأنتِ صاحبة القرار، والإنسان قبل أن يُفكّر في الطلاق لا بد أن ينظر إلى الصورة الكاملة، إلى عواقب الأمور، إلى مآلاتها، إلى مصير البُنيَّات والأطفال الصغار الذين هم نتاج هذه العلاقة، ثم انظري إلى الفرص المتاحة لكِ في استئناف حياة جديدة، ثم انظري في النماذج الموجودة من الرجال الذين يمكن أن يتقدموا في بيئتك، هذا أمر ينبغي أن يُدرَس دراسة شاملة.
وعليه، أرجو ألَّا ترفضي أي محاولة منه لإرجاعك فيها، ولكن ينبغي أن يكون لمحارمك الكلمة، تُوضَع فيها النقاط على الحروف، ويجتهدون في وضع قواعد تُساعدكم على استقرار واستمرار هذه الأسرة.
وقبل ذلك وبعده، المؤمنة تستخير وتستشير محارمها، وتنظر للموضوع نظرة شاملة، وأيضًا لا بد أن نتأكد أن عليه أن يتحمّل مسؤوليته الكاملة من الناحية الشرعية تجاه البُنيَّات، وحتى لو حصل الطلاق فأنتِ حاضنة، ينبغي أن يوفر لكِ ما يوفر السعادة لهؤلاء الأطفال، هذا واجب يُمليه الشرع.
كل هذه الأمور لا بد أن تُؤخذ في الاعتبار؛ لأنك لا تُطالِبين بحقك فقط، بل هناك أطفال لهم حقوق، لا بد أن تكون واضحة من خلال استمرار العلاقة أو توقفها، لا بد أن ننظر إلى هذا المعنى، فإن الزوجية قد تتوقف، لكن الوالدية تستمر، وعليه أن يتحمّل كامل مسؤولياته الشرعية، والمسؤوليات المالية، وغيرها من الجوانب التي يقوم بها كل أب مثله.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على الخير، وعموما نحن بحاجة إلى مزيد من التفاصيل: عن الإيجابيات، عن السلبيات، عن الفرص الموجودة أمامك، عن إمكانية أن يصلح حاله، عن مسألة الإنفاق والاهتمام، عن تأثره بكلام الناصحين، هل يتحسن ثم يعود، أم لا يتحسن أصلًا؟
كل هذه الأمور تحتاج إلى مزيد من التوضيح؛ حتى نستطيع فعلاً أن نعطي القرار الراجح الحاسم، مستعينين بالله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا وله التوفيق والسداد.