أرغمنا والدي على تقبل الشروط حتى لا تطلب والدتي الطلاق!
2025-08-07 03:33:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كان أبي وأمي على خلاف، كاد أن يصل إلى الطلاق، لأن أمي لم تعد تتحمل العيش معه، لأنه صعب الطباع، وهما معًا منذ 33 عامًا، وكانت أمي تتحمل لأجلنا، وكانت تسافر للعمل بالخارج، وتعود في الإجازات، وأبي -لأتفه الأسباب- يقاطعها طيلة فترة الإجازة، ممَّا جعل نفسيتها مدمرة، وكانت تسافر وهي تبكي، ومع ذلك كانت تتحمل.
اكتشفت أمي أن أبي يسرق من مالها، مع العلم أنه لا يوجد دليل واضح، لكن مع الأسف كل الظروف تؤدي إلى اتهام أبي، فأصرت أمي على الطلاق.
المهم، في خلافهما الأخير، رفضتُ أنا وأخوالي وجدي طلب أمي الطلاق؛ لأن أبي مريض ويحتاج إلى رعاية، ولو انفصلا فسيضطر أبي إلى العيش في مكان بعيد؛ لأنه هو من سيترك البيت، ولن نقدر -أنا وإخوتي- أن نرعاه، بسبب زواجنا وأعمالنا، مع العلم أنه يقدر أن يرعى نفسه، لكن تأتيه بعض الوعكات الصحية، التي تلزم وجود أحد معه، وإذا انفصلا، سيتكلم الناس بأننا -أنا وأمي وأخوالي وجدي- قد تركنا أبي المريض بعد كل هذه السنين؛ مما سيضر بسمعتنا جميعًا، لأن لا أحد سيقتنع بالأسباب، وإذا قلنا للناس إن أبي سرق أمي، فسيقولون إننا تركناه مريضًا واتهمناه بالسرقة أيضًا.
كان موعد انفصالهما بعد زواجي بأسبوع، وخطبة أختي بشهر، فخشيت على خطبة أختي؛ لأنها كانت في سن الثلاثين، وكنت أخاف أن يتفاجأ خطيبها ويقرر الانفصال، كما خشيت من تأثير ذلك على زواجي.
المهم، استطعنا في النهاية أن نقنع أمي بالتراجع عن طلبها، على أن يعيشا معًا في نفس المنزل، ولكن كلٌّ منهما في حاله، حتى إنهما لا يتكلمان، وفعلاً بقيا فترة على هذا الوضع.
بعدها طلب أبي من أمي الجماع، فرفضت، وبدأت تطلب الطلاق مرة أخرى، لأنها لا تريد أن تكون آثمة، مع العلم أن أبي لم يعد قادرًا على الجماع بشكل جيد، ثم أصرت أمي على الطلاق، وعارضناها كما في السابق، واقترحتُ أنا وأخوالي وجدي أن يتنازل أبي عن طلب الجماع حتى ترضى أمي، فتنازلت مرة أخرى، على ألَّا يطلب منها الجماع، وأن يبقى كلٌّ منهما في حاله، واشترطنا على أبي أنه إذا لم يُرِد الانفصال، فعليه أن يوافق على هذا الشرط، فكان مُرغمًا على الموافقة؛ لأنه لا يريد الانفصال، ولم يكن لديه حل آخر، لأن أمي بالفعل أصبحت تكرهه.
أنا أرى أن أمي معها حق، وأن أبي بالفعل كان سيئًا طيلة زواجهما، والمهم أن كلاً منهما يرى أنه مظلوم، ولكنهم غلّبوا المصلحة العامة.
فهل هذا الوضع جائز؟ وهل يحق لنا تغليب المصلحة العامة على مصلحة أمي؟ وهل إذا بدأت أمي تطلب الطلاق مرة ثالثة، يحق لي أن أرفض؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك ولأخواتك وأخوالك والأسرة، الاهتمام بأمر الوالد والوالدة، الذين نسأل الله أن يُؤلِّف بينهما، وأن يُلهمهم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
ونحب أن نؤكد أن الطلاق ليس فيه خير، وأن الطلاق لا يُفرح سوى عدونا الشيطان، وأن السعي في الإصلاح هو الأمر الذي ينبغي أن يكون هدفًا لنا جميعًا، ونتمنى أن يكون في الحكماء من يستطيع أن يضع النقاط على الحروف؛ حتى لا تتكرر الخصومات والخلافات بين الوالد والوالدة، وهم في هذا العمر.
وكما رأيت، فإن دوركم كأبناء وبنات دورٌ كبير جدًّا في إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، وإلى الوضع المستقر داخل الأسرة، وخاصةً مع الأحوال الصحية التي يمر بها الوالد، فإن هذا يجعل المصلحة في أن تستمر هذه العلاقة، وبعد أن تستمر ويقدِّم الوالد التنازلات، ينبغي أن يكون هناك سعي لتفادي الأمور التي تزعج الوالدة، هذه الاتهامات الكبيرة التي حصلت، وبكل أسف هذا يحصل بين الأسر، لأنه يكون هناك تخزين لمشاكل وملفات مفتوحة، وتغطية للكثير من المشاكل، ثم تأتي لحظة الانفجار، التي يكون فيها مثل هذا الكره والنفور.
أكرر دعوتي أيضًا إلى ألَّا تنعزلوا عنهم، وتكونوا إلى جوارهم، لأن حقوقهم كوالدين تظلُّ مستمرة، فلا بد أن تُكثروا من الزيارات، وتُقدِّموا للوالد الخدمات، وتحاولوا أن تتفادوا كل قضية يمكن أن يحصل فيها احتكاك، وأعتقد أن وجودكم الدوري المنظّم، حيث يأتي هذا في أسبوع، ويأتي الثاني في الأسبوع الذي يليه، ونختار أيامًا، ونحاول أن نعرف الأمور التي تجلب بينهم المشكلات، لنضع لها حلولًا واضحة؛ فإن هذا كله من شأنه أن يجعل العلاقة -بإذن الله تبارك وتعالى- تستمر لأطول فترة ممكنة، وقد تصل أيضًا إلى درجة تحسُّن، ونسأل الله أن يُعين الجميع على الخير.
ويبدو من كلام الوالدة أنها متضررة، لكن شعرنا أيضًا من خلال الاستشارة أنها أيضًا تخاف الله، وتخاف التقصير في حق هذا الزوج، وهذه مؤشرات إيجابية، نحن بحاجة إلى أن نُحرِّك في الأب أيضًا هذه الجوانب الشرعية؛ لأن رعاية هذه الجوانب واحتساب الأجر عند الله -تبارك وتعالى- ممَّا يُعين الإنسان على تحمُّل الصعاب.
دائمًا الإنسان إذا تذكَّر ثواب العمل الصالح -ومن أعظم الأعمال الصالحة حُسن المعاشرة بين الزوجين- إذا تذكَّر الثمار والأجر المترتب على هذه الأعمال؛ فإن هذا أكبر عون للإنسان على أن يتسلَّح بالصبر.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينكم كأسرة على تجاوز هذه العقبات، وعلينا أن نُدرك أيضًا أن المصلحة في أن نقوم نحن ببرّ الوالد والوالدة، ونُطيِّب خاطر كل طرف، ونحاول دائمًا أن نُذكِّرهم بالنقاط الإيجابية، ومشروع الزواج الذي نتج عنه هؤلاء الأبناء والبنات، و"أننا ندعو لكم ونحبكم، ويُسعدنا أن تكونوا مع بعضكم"، مثل هذا الكلام الذي يرفع المعنويات، خاصة لكبار السن.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب، ونرحب بتواصلكم معنا في أي وقت.